"ميركل تعتقد انها ستشتري اليونان"، هذه العبارة التي تفوهت بها موظفة ترمز الى العدائية المنتشرة لدى اليونانيين من مختلف الاطياف السياسية للمستشارة الالمانية انغيلا ميركل التي تزور الثلاثاء اثينا وتعتبر المسؤولة الاولى عن التقشف الذي يعانون منه. وقد سار موكب من الاف المتظاهرين من الحزب الشيوعي اليوناني "كي كي اي" بعد ظهر الثلاثاء مستقبلا المستشارة الالمانية بلافتة كتب عليها "ميركل خارجا فاليونان ليست مستعمرة". وبعد قليل القت مجموعة صغيرة من المتظاهرين الشبان الملثمين حجارة على الشرطة وهم ينشدون "الحرب على حرب الامبرياليين" قبل ان يتم صدهم بالغاز المسيل للدموع. وفي دليل على الاجواء الملبدة المحيطة بزيارة المستشارة الالمانية تحول وسط العاصمة اليونانية الى شبه معسكر مع انتشار اكثر من ستة الاف شرطي لهذه المناسبة كما منعت حركة السير في محيط واسع اثناء المحادثات بين ميركل والحكومة اليونانية. وعلى جادة فاسيليس سوفياس التي تسلكها نحو خمسين سيارة من الموكب الرسمي للمستشارة ورئيس الوزراء اليوناني انتونيس ساماراس خرج موظفون من مكاتبهم في مبنى حديث حيث يعملون لشركة مختصة بحقوق المؤلف. وقالت ماريا وهي موظفة لم تشأ الافصاح عن اسمها الكامل "ان ميركل جاءت لرؤية ما ستشتري في اليونان، تعتقد انها ستشتري اليونان، ان وصولها استفزاز فيما تغرق البلاد في تدابير تقشفية غير مسبوقة". وخلفها رفع موظف اخر قصاصة ورق كتب عليها بسخرية بالاحرف الكبيرة "ميركل اهلا وسهلا بك في بلادك". وراى فانا كورنيو (58 عاما) الذي يملك محلا للحقائب من ماركة المانية ان زيارة المستشارة "تصب الزيت على النار". وقال "لو ارادت فعلا مساعدة اليونان لتوجب عليها ان تفعل ذلك في وقت باكر"، معتبرة انه "من المستحيل تماما" تطبيق تدابير التقشف الجديدة التي تتم مناقشتها بين الحكومة و"ترويكا" الدائنين. واضاف "لا احد سيصمد"، مشيرا الى ان التدابير التي تجري مناقشتها مع المفوضية الاوروبية وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الاوروبي تتضمن تخفيضات جديدة في الرواتب ومعاشات التقاعد. وعلى غرار جميع الموظفين في كافة ارجاء البلاد تعاني كريستينا فاسيلوبولو (37 عاما)، وهي مدرسة، من الاقتطاعات بمرارة وترى فيها اولا يد المانيا. وقالت "احمل شهادة ماستر ودكتوراه واتقاضى 900 يورو، 400 يورو اقل من قبل"، معتبرة "ان القرارات تتخذ في المجالس الاوروبية حيث تتلاعب ميركل بالاخرين". ومؤشر آخر على المناخ المحموم السائد في اثينا حيث تتصدر مواضيع الساعة فضائح الفساد وعمليات الانتحار، قامت مجموعة صغيرة من المتظاهرين باحراق علمين للرايخ الثالث يحملان شعار النازية امام الحاجز المعدني الكبير المقام امام البرلمان تحت عدسات الكاميرات من العالم اجمع. وقد دق ناقوس الخطر على حالة البلاد التي وصلت الى شفير الافلاس رئيس الوزراء المحافظ نفسه الذي قال الاسبوع الماضي في حديث للصحافة الالمانية "ان تماسك المجتمع اليوناني في خطر نتيجة تصاعد البطالة، كما كانت حالة المانيا في نهاية جمهورية فايمار (او فايمارير بالالمانية)". نظام سياسي قام في المانيا من 1918 الى 1933 وقد واجه التداعيات الاجتماعية لازمة 1929 وادى افلاسه الى وصول هتلر الى الحكم.