قضت محكمة عسكرية تونسية السبت بسجن أيوب المسعودي، المستشار الاعلامي السابق للرئيس التونسي منصف المرزوقي، أربعة أشهر مع وقف التنفيذ بعدما اتهم وزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي، وقائد أركان الجيوش الجنرال رشيد عمار ب"خيانة الدولة". وقررت المحكمة رفع القرار الذي أصدرته في في 15 أغسطس/آب الماضي بمنع سفر المسعودي، الذي يقيم في فرنسا مع عائلته. وبدات محاكمة المسعودي في 22 أغسطس/آب الماضي، في جلسات مغلقة، بعدما رفع عليه عمار دعوى قضائية عسكرية بسبب تصريح صحفي اتهمه فيه ب"خيانة الدولة". ووجهت المحكمة إلى المسعودي تهمتي "تحقير الجيش والمس من هيبة المؤسسة العسكرية" و"نسبة أمور غير حقيقية إلى موظف عمومي". وتصل العقوبة القصوى للتهمة الاولى إلى السجن ثلاث سنوات مع النفاذ والثانية السجن سنتين، بحسب القانون التونسي. وقال المسعودي لفرانس برس إن الحكم الصادر بحقه كان رحيما نسبيا، نتيجة "ضغوطات" جماعات حقوقية ووسائل إعلام نددت بمحاكمته. واعتبر أن الحكم "يكرس تقديس المؤسسة العسكرية وقائدها الجنرال رشيد عمار" وأن محاميه سيطالبون باستئنافه موضحا انه سيطالب من محكمة الاستئناف العسكرية إعادة محاكمته أمام محكمة مدنية. وفي 15 تموز/يوليو الماضي اتهم المسعودي في مقابلة مع تلفزيون "التونسية" الخاص، وزير الدفاع، وقائد أركان الجيش ب"خيانة الدولة" و"خيانة رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة" بعدما أخفيا عن الرئيس منصف المرزوقي نبأ ترحيل الحكومة في 24 حزيران/يونيو الماضي رئيس الوزراء الليبي الأسبق البغدادي المحمودي إلى ليبيا. وقال المسعودي ان وزير الدفاع وقائد أركان الجيوش رافقا يوم تسليم البغدادي المحمودي، رئيس الجمهورية في رحلة على متن مروحية عسكرية إلى جنوب البلاد للاحتفال بعيد الجيش، لكنهما لم يبلغاه بتسليم المحمودي رغم علمهما بالموضوع. وذكر بأنه طالب عندما كان مستشارا للمرزوقي باقالة وزير الدفاع "الذي يخضع لسلطة رئيس الجمهورية". وسلم حمادي الجبالي رئيس الحكومة التونسية وامين عام حركة النهضة الإسلامية التي تقود الائتلاف الثلاثي الحاكم في تونس، البغدادي المحمودي إلى ليبيا دون علم أو موافقة المرزوقي الذي عارض تسليمه، ما فجر ازمة سياسية غير مسبوقة بين رئاستي الجمهورية والحكومة. وفي 28 حزيران/ يونيو الماضي استقال المسعودي من منصبه احتجاجا على سياسة حكومة الجبالي. وطالب محامون ووسائل إعلام بإلغاء "المحاكمات الاستثنائية" التي يحال فيها مدنيون أمام القضاء العسكري. وانتقدت منظمة هيومن رايتس ووتش، محاكمة المسعودي واعتبرت ان التهم الموجهة إليه "تنتهك حقه في حرية التعبير الذي تكفله المادة 19 من الميثاق الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وتونس طرف فيه" مشددة على إنه "يجب ألا يبقى مكان لمثل هذه التهم (...) في تونس الديموقراطية التي تحترم حقوق الإنسان". ونبهت المنظمة إلى أن القانون التونسي لا يزال يعطي المحاكم العسكرية "صلاحية محاكمة المدنيين" ودعت إلى "جعل صلاحية هذه المحاكم مقتصرة على الجرائم العسكرية الصرفة التي يرتكبها عناصر من القوات المسلحة". وشددت على أن "الحق في إخضاع المسؤولين الحكوميين للتمحيص والانتقاد يعتبر احد العناصر الأساسية لحرية التعبير، وسمة مميزة للديموقراطية، وضرورة لتعزيز النقاش حول المصلحة العامة". وقال أيوب المسعودي إنه متمسك بما وجهه من اتهامات الى وزير الدفاع وقائد أركان الجيوش. كما جدد المطالبة بإجراء مواجهة بينه وبين قائد أركان الجيوش "حتى تكون الأمور في غاية الشفافية ولا يبقى أحد فوق القانون". ويرى مراقبون ان وسائل الاعلام والأحزاب السياسية "تتجنب" انتقاد المؤسسة العسكرية في تونس. ولوحظ مؤخرا أن قيادات بارزة في حركة النهضة الاسلامية أصبحت تكيل المديح لهذه المؤسسة.