بيروت (رويترز) - وصل البابا بنديكت بابا الفاتيكان إلى لبنان يوم الجمعة في زيارة تستمر ثلاثة ايام ودعا الى وقف توريد الأسلحة الى سوريا التي تشهد حربا اهلية وقال إن هذه الواردات "خطيئة كبرى". وخلال حديثه مع صحفيين رافقوه في الطائرة وصف انتفاضات الربيع العربي بانها "صرخة للحرية" تتسم بالايجابية ما دامت مصحوبة بالتسامح. وشارك كبار رجال الدين من كل الطوائف من المسيحيين والمسلمين السنة والشيعة والدروز في استقبال البابا وجلسوا جنبا الى جنب في مشهد يوحي بالتعايش في المنطقة التي تغلي بالاحتجاجات ضد فيلم من انتاج امريكي معاد للاسلام. ووصل البابا عند الثانية الا ربع ظهرا بتوقيت بيروت (10.45 بتوقيت جرينتش) إلى ارض مطار بيروت على بعد 50 كيلومترا من الحدود مع سوريا في زيارة تركز على تعزيز السلام في الشرق الاوسط والوئام بين المسيحيين والمسلمين. وقال بنديكت (85 عاما) للصحفيين على متن الطائرة "ان استيراد الاسلحة يجب ان يتوقف نهائيا. بدون استيراد الاسحة لا يمكن للحرب ان تستمر. وبدلا من استيراد الاسلحة وهو ذنب كبير علينا استيراد الافكار والسلام والابداع." ويقترب البابا خلال هذه الزيارة من الصراع في سوريا اكثر مما فعل في أي من الزيارات التي قام بها منذ انتخابه في عام 2005 كما أنها تأتي وسط انزعاج متنام في لبنان حيث توجد انقسامات طائفية مماثلة للموجودة في سوريا. ويزداد التوتر في لبنان بين السنة الذين يؤيد أغلبهم الانتفاضة التي تقوم بها الغالبية السنية في سوريا من جهة والشيعة الذين يؤيدون عادة الاقلية العلوية التي ينتمي اليها الرئيس السوري بشار الاسد من جهة أخرى. وبينما اثارت الاحداث في سوريا وتبعاتها في لبنان مخاوف في بعض الاوساط من ان الرحلة تنطوي على مخاطر بالغة فان الفاتيكان لديه ثقة بشأن أمن البابا بعد الحصول على ضمانات من الجماعات المنقسمة في البلاد. واشار البابا الى ان انتفاضات الربيع العربي ضد الانظمة الاستبداية "هي شيء ايجابي. هناك رغبة لمزيد من الديمقراطية والمزيد من الحريات والمزيد من التعاون". لكنه اضاف انه يجب ان يشمل التسامح كل الاديان الاخرى. وقال ردا على سؤال بشأن مخاوف المسيحيين من تصاعد العدوان من قبل متطرفين اسلاميين قال البابا بنديكت السادس عشر "الاصولية دائما تزييف للدين." ويشعر الفاتيكان بقلق خاص بشأن نزوح مسيحيين من الشرق الاوسط الذين يشكلون الان حسب بعض التقديرات خمسة في المئة من سكان المنطقة انخفاضا من نحو 20 بالمئة قبل قرن من الزمان. ووفقا لبعض التقديرات فان التعداد الحالي يبلغ 12 مليون مسيحي في الشرق الاوسط يمكن ان يتراجع الى النصف بحلول عام 2020 اذا استمرت معدلات المواليد على هذا النحو. ويشكل المسيحيون في لبنان نحو 35 بالمئة من عدد سكانه البالغ اربعة ملايين نسمة. وقال البابا في كلمته على منصة الشرف في مطار بيروت "جئت الى لبنان كحاج سلام...سلامي اعطيكم... ومن خلال بلدكم اتيت اليوم وبطريقة رمزية الى جميع بلدان الشرق كحاج سلام." أضاف "التوازن اللبناني الشهير والراغب دائما ان يكون حقيقة واقعية سيتمكن من الاستمرار فقط بفضل الارادة الحسنة والتزام اللبنانيين جميعا. انذاك سيكون نموذجا لكل سكان المنطقة وللعالم باسره." ورحبت كل الجماعات الدينية الرئيسية في لبنان الذي خاض حربا اهلية بين عامي 1975و1990 بهذه الزيارة. وكان من بين اللافتات التي علقت كتحية للبابا على طريق المطار تلك التي علقها حزب الله والتي جاء فيها "حزب الله يرحب بقداسة البابا في وطن التعايش". وتدفق المئات من طلاب المدارس المحجبات التابعين الى حزب الله على طريق المطار للترحيب بزيارة البابا الذي مر بمحاذاتهم لدى مغادرة موكبه الى حريصا شمال شرق بيروت. ويقوم البابا برحلته الحساسة دينيا الى لبنان ليوجه نداء من اجل السلام والمصالحة في المنطقة بينما يستعر الصراع الاهلي في سوريا المجاورة منذ 18 شهرا. واثار الفيلم المسيء للنبي محمد والذي انتج في الولاياتالمتحدة احتجاجات غاضبة في مصر وليبيا واليمن والسودان وتونس اسفرت عن مقتل السفير الامريكي لدى ليبيا وثلاثة دبلوماسيين اخرين في هجوم لمسلحين اسلاميين على القنصلية الامريكية في بنغازي. وازدانت شوارع وميادين العاصمة اللبنانية بيروت بصور بابا الفاتيكان حيث ترفرف اعلام لبنان واعلام الفاتيكان على الطرقات والجسور والابنية الحكومية ترحيبا بالبابا. كما ازدانت الشوارع باللوحات الفنية ذات الالوان البهية ومصابيح الاضاءة وصور البابا مصحوبة بشعار الزيارة "سلامي اعطيكم". ووضعت السلطات اللبنانية كل اجهزتها الامنية في حالة استنفار حيث اغلقت الطرقات التي سلكها البابا امام السيارات في حين اعلن الجيش اللبناني في بيان عن عدم السماح للطيران الشراعي بالتحليق في منطقة جونية ومحيط مقر اقامة البابا في السفارة البابوية في حريصا ووقف العمل بجميع تراخيص الاسلحة. ويقضي البابا الذي يقوم بالزيارة الرابعة والعشرين دوليا والرابعة الى الشرق الاوسط ثلاثة ايام يوجه خلالها نداء من اجل الوحدة بين المسيحيين والسلام بين المسيحيين والمسلمين خلال وجوده في العاصمة اللبنانية بيروت من يوم الجمعة الى يوم الاحد.