القاهرة - زاد حكم المحكمة الدستورية العليا في مصر بوقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية بعودة البرلمان للانعقاد حدة الصراع على السلطة بين جماعة الاخوان المسلمين التي طالما تعرضت للاضطهاد والجيش الذي تولى أفراد منه السلطة على مدى عقود. وبعد ساعات من انعقاد البرلمان الذي يقوده الإسلاميون يوم الثلاثاء في تحد للمجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي كان قد أمر بتنفيذ قرار للمحكمة بحله الشهر الماضي أمرت المحكمة بوقف تنفيذ قرار الرئيس محمد مرسي بسحب قرار المجلس. ويسلط حكم المحكمة الضوء على حجم الصراع الذي ينتظر مرسي الذي ينتمي لجماعة الاخوان. وتكافح الجماعة لانتزاع السلطة ليس فقط من الجيش الذي حكم أفراد منه الدولة لستة عقود إلى أن تولى مرسي السلطة في 30 يونيو حزيران وإنما أيضا من مؤسسة تشكلت خلال تلك العقود طالما عملت على تهميش الإسلاميين. غير أن كثيرا من المصريين يرون أن الصراع على السلطة ليس من شأنه سوى إطالة أمد الإضطراب الذي ابتليت به الدولة منذ الاطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك في احتجاجات حاشدة في فبراير شباط 2011 مما دفع الاقتصاد إلى التراجع الحاد وألقى بالكثيرين في براثن الفقر. وقالت صحيفة الوطن في عنوان رئيسي "معركة السلطة تدور على جبهة القضاء" الأمر الذي يؤكد كيف غاصت العملية الانتقالية في صراعات قضائية تتحدى كل شيء من قرار مرسي وصولا إلى تشكيل جمعية تأسيسية جديدة لكتابة دستور جديد. لكن العضو البارز في جماعة الاخوان محمود غزلان قال بعد فترة قصيرة من حكم المحكمة أمس إنه صراع غير متكافيء متهما الجيش باستخدام المحكمة الدستورية ضد أول رئيس منتخب بشكل حر في البلاد. وقال غزلان ان الحكم جزء من صراع على السلطة بين المجلس العسكري والرئيس الذي يمثل الشعب والذي يستخدم فيه المجلس العسكري القانون والقضاء لفرض إرادته. وبعدما سلم الجيش السلطة التنفيذية لمرسي تقلصت الأدوات المتاحة أمام الجيش للدفاع عن امتيازاته ووضعه. لكن دبلوماسيين غربيين يقولون إنه لا يزال بامكانه الاعتماد على القضاء حيث ما زالت هناك مشاعر مناهضة للاسلاميين. إلا أن القضاء منقسم مثل الباقين في مصر. وطالب ناديا القضاة في القاهرة والاسكندرية مرسي بقبول حكم المحكمة معتبرين أن قراره يتحدى المباديء الأساسية للقانون المصري. إلا أن أحمد مكي النائب السابق لرئيس محكمة النقض أعلى محكمة استئناف في البلاد أيد مرسي في حوارات تلفزيونية وإذاعية وقال في أحدها إن القرار يستند إلى أسس قانونية. وسعى المجلس العسكري لتقييد سلطات الرئيس في اللحظات الأخيرة قبيل اعلان النتائج النهائية لانتخابات الرئاسة بمرسوم أصدره يوم 17 يونيو حزيران. وجرد المرسوم الرئيس من منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة ومنح المجلس العسكري سلطات تشريعية بعد حل البرلمان تنفيذا للحكم الأول للمحكمة الدستورية. إلا أن الرئيس دعا البرلمان للعودة للانعقاد بعد نحو أسبوع من توليه منصبه. وعقدت الجلسة الأولى يوم الثلاثاء برئاسة عضو الآخر بجماعة الإخوان هو رئيس المجلس سعد الكتاتني. ويسيطر حزب الحرية والعدالة المنبثق عن الجماعة على أكبر كتلة في البرلمان. وقالت الجماعة إنها لا تتحدى الحكم القضائي الذي أبطل مجلس الشعب لكنها تعتقد أنه ينبغي السماح للمجلس بالبقاء حتى إجراء انتخابات بعد كتابة الدستور الجديد. وقال المحلل السياسي حسن نافعة "يحاول كل طرف استخدام القانون لتعزيز وضعه لكن المواجهة الحقيقية سياسية." وتواجه جماعة الاخوان المسلمين أيضا انقساما في البلاد حيث أغضبت كثيرا من الليبراليين وخصوما آخرين بما يعتبرونه سعيا من الاسلاميين للهيمنة على السلطة وقالوا إن هذا يتجلى في قرار الجماعة الدفع بمرشح في انتخابات الرئاسة بعدما قالت في البداية إنها لن تفعل هذا. ويتهم البعض مرسي بالضرب بأحكام القضاء عرض الحائط بقرار عودة البرلمان للانعقاد. وحث السياسي اليساري حمدين صباحي الذي خاض انتخابات الرئاسة مرسي على احترام قرار المحكمة الدستورية للمساعدة في "الخروج من الأزمة الحالية". إلا أن صباحي دعا المجلس العسكري في الوقت نفسه إلى تسليم السلطة التشريعية لجهة منفصلة. ورغم دهشة الكثيرين من سرعة تحدي مرسي للمجلس العسكري لا يشك كثيرون في أن الاسلاميين يخوضون حرب استنزاف طويلة ضد نفوذ الجيش ولإصلاح مؤسسة يهيمن عليها مسؤولون من عهد مبارك. وتركيا أقرب نموذج اقليمي حيث دار مثل هذا الصراع على مدى سنوات. وتمكن حزب العدالة والتنمية ذو الجذور الاسلامية تدريجيا من كبح جماح الجيش الذي كان يتمتع بنفوذ واسع. وقال رئيس الوزراء التركي طيب اردوغان يوم الأربعاء إن المجلس العسكري في مصر "يتجاهل سلطة الشعب .. ويتحدى في الحقيقة سلطة الشعب بعدم قبوله البرلمان الحالي". وأضاف اردوغان "نعتقد من صميم قلوبنا أن الرئيس مرسي سيتجاوز هذه الفترة الصعبة والشاقة من خلال التشاور والحوار والهدوء."