صنعاء (رويترز) - فجر انتحاري نفسه أمام كلية الشرطة في العاصمة اليمنية يوم الأربعاء مما أسفر عن مقتل 22 شخصا على الأقل في هجوم يبرز ضعف الحكومة أمام المتمردين المرتبطين بالقاعدة رغم هجوم تدعمه الولاياتالمتحدة ضدهم. وقال الشرطي فضل علي لرويترز إن الطلبة كانوا يغادرون الكلية عندما تعرضت للهجوم. وقال "كان الطلاب يغادرون الكلية في نهاية الأسبوع كالعادة ولم نسمع إلا صوت انفجار قوي. جرينا إلى المكان فوجدنا العشرات من الطلاب مضرجين بالدماء. والدماء في كل مكان. كان منظرا مرعبا. الدماء والأشلاء في كل مكان." وتناثرت قطع من الملابس الرسمية للطلاب خارج الكلية ولطخت الدماء الحوائط. وعلى خلاف العادة لم يلق الانتحاري حتفه على الفور لكن تم نقله إلى المستشفى بعدما فقد ساقا وذراعا. وقال مصدر أمني يمني طلب عدم ذكر اسمه إن المهاجم أبلغ ضباط الأمن قبل وفاته أنه ينتسب للقاعدة وجاء من بلدة عمران التي تبعد 70 كيلومترا إلى الشمال من صنعاء. وأعلن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب مسؤوليته عن الهجوم. وكان التنظيم أعلن ايضا مسؤوليته عن هجوم مشابه وقع في مايو ايار قتل فيه انتحاري يرتدي ملابس الجيش أكثر من 90 شخصا خلال تدريبات على عرض عسكري. وأظهرت الهجمات في قلب صنعاء مدى بعد الحكومة اليمنية عن هزيمة المتشددين رغم الهجوم العسكري المدعوم من الولاياتالمتحدة والذي أخرجهم من معاقلهم في الجنوب. وقال سعيد عبيد الخبير في شؤون القاعدة إن هجوم اليوم يظهر أن أجهزة الأمن ما زالت ضعيفة وأن القاعدة لم تهزم وإنما تراجعت فقط وما زالت تحتفظ بقدرتها على شن هجمات حيثما شاءت. وتقدم الولاياتالمتحدة مساعدات مالية وعسكرية لليمن للقضاء على تهديد الارهاب الدولي الذي يمثله تنظيم القاعدة في جزيرة العرب ولمنع امتداد العنف إلى السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم. وكثفت واشنطن أيضا حملة هجمات بطائرات دون طيار على التنظيم المسؤول عن عدة هجمات فاشلة على الولاياتالمتحدة بينها محاولة لتفجير طائرة ركاب فوق ديترويت يوم عيد الميلاد في 2009. وتعهدت الحكومة اليمنية بمواصلة المعركة. وقال عادل السنيني القائم بالاعمال في واشنطن في بيان أرسل لرويترز إن اليمن سيتصدى للارهاب بشرف وشجاعة مضيفا أن القاعدة لا تواجه يوم الجيش وأجهزة الأمن فقط وإنما غضب الشعب اليمني أيضا. لكن محللين يقولون إن اليمن يواجه معركة مضنية لهزيمة المتمردين الذين توعدوا بمواصلة معركتهم في أنحاء اليمن. وقال تيودور كراسيك مدير البحث والتطوير في معهد التحليل العسكري للشرق الأدنى والخليج ومقره دبي "حملة الحكومة ضد القاعدة ستكون عملية طويلة ... النصر لا يزال بعيد المنال." وزادت جرأة المتشددين بسبب ضعف سيطرة الحكومة على اليمن خلال احتجاجات العام الماضي التي أطاحت بالرئيس السابق علي عبد الله صالح حيث سيطروا على عدة مدن في الجنوب قبل إخراجهم منها هذا العام. ويقول مسؤولون أمريكيون إن الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي تولى السلطة في فبراير شباط في اطار اتفاق لنقل السلطة توسطت فيه الولاياتالمتحدة ودول الخليج أكثر تعاونا في الحرب ضد القاعدة من صالح. غير أن هذا جعل الحكومة والمؤسسات الحكومية مثل كلية الشرطة اكثر تعرضا للهجمات. وقال المحلل السياسي اليمني عبد الغني الارياني إنه كانت هناك علاقة مواءمة بين القاعدة ونظام صالح حيث منحها ملاذا آمنا مقابل عدم مهاجمة أهداف حكومية ومحلية غير أن هذا انتهى الآن ومن ثم تقع الهجمات. ويعكس هذا وجهة نظر منتشرة على نطاق واسع ترى أن صالح غض الطرف عن القاعدة لاقناع واشنطن بمواصلة تقديم المساعدات. وقال كراسيك إن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب يتبنى فيما يبدو الأساليب التي استخدمت في العراق. وقال لرويترز "إنها الأساليب ذاتها التي نرى القاعدة تستخدمها في العراق مثل استهداف كليات الشرطة والجيش. هناك انتقال في الأساليب من القاعدة في العراق إلى القاعدة في جزيرة العرب." ويثير دور الولاياتالمتحدة في اليمن ولاسيما زيادة استخدام الطائرات بلا طيار في استهداف المتشددين خلافات في اليمن والولاياتالمتحدة على السواء. ويقول البعض إن تلك الضربات تمنح القاعدة مزيدا من المجندين بسبب الخسائر التي تقع في صفوف المدنيين بينما يقول آخرون إن اليمن يرحب فعليا بها رغم نفي المسؤولين لاستخدامها لأن ذلك ينتهك السيادة اليمنية. (إعداد مصطفى صالح للنشرة العربية - تحرير عمر خليل)