الرياض (رويترز) - تعني وفاة ولي العهد السعودي الامير نايف بن عبد العزيز? ?أن على شقيقه العاهل السعودي الملك عبد الله اختيار من سيخلفه للمرة الثانية في أقل من عام. وتوفي نايف - ويعتقد انه يبلغ من العمر 78 عاما - في جنيف بعد ثمانية أشهر من وفاة سلفه في ولاية العهد الامير سلطان. وقال اسعد شملان استاذ العلوم السياسية في الرياض "وفاة الامير نايف مفاجأة إلى حد ما. ولكن احساسي انه ستكون هناك استمرارية فيما يتعلق بالسياسة الكلية لسياسة النفط على سبيل المثال وبالنسبة للسياسة الخارجية سواء في المنطقة او على الصعيد الدولي." ويدرك العاهل السعودي - الذي يعتقد ان عمرة 89 عاما - ان خليفته سيواجه مجموعة من التحديات منها اشراك جيل جديد من الامراء في إدارة شؤون الدولة ومواجهة التقلبات في منطقة الشرق الاوسط والخلل القديم في موازين الاقتصاد السعودي. وقال حسين شبكشي الكاتب في جدة "البطالة تحد مهم جدا وتنوع الاقتصاد تحد اخر. لكن القضايا الخارجية واضحة وهي سوريا والعراق والمشاكل الاقليمية مع إيران." وعلى المحك التوجه المستقبلي لاكبر دولة مصدرة للنفط في العالم واكبر دولة عربية حليفة لواشنطن التي اجرت سلسلة من التغييرات الحذرة تحت رعاية العاهل السعودي بهدف تلبية احتياجات اقتصاد عصري. وطالما اعتبر الامير نايف معارضا لبعض تلك التغييرات لكن لم يتضح كيف قد يدفع من سيخلف الملك عبد الله الاصلاحات الاقتصادية والاجتماعية بل والسياسية داخل المملكة إلى الأمام. وولد الملك عبد الله في ديوان والده الملك عبد العزيز آل سعود اوائل العشرينات حين كانت العاصمة الرياض واحة صغيرة محاطة باسوار من الطوب اللبن وسط مملكة فقيرة ولكنها تحقق نموا سريعا. وحين اضحي الحاكم الفعلى في عام 1995 بعدما اصيب سلفه الملك فهد بجلطة كان معروفا للدبلوماسيين الاجانب كشخصية متدينة ومحافظة على صلة وثيقة بالقبائل البدوية في المملكة. وتبددت هذه السمعة نتيجة حماسته للاصلاح حين كان وليا للعهد وحاول تقليص العادات المترفة لعائلته الحاكمة الضخمة ومعالجة مشاكل مفزعة مثل البطالة بين الشبان بتحرير الاقتصاد لتحفيز نمو القطاع الخاص. وبعد هجمات 11 سبتمبر ايلول 2001 على الولاياتالمتحدة التي نفذها 19 خاطفا من بينهم 15 سعوديا وحملة الاعتداءات التي نفذها تنظيم القاعدة على الغربيين داخل المملكة حمل على علماء الدين المحافظين الذين ينشرون في المدارس والمساجد رسالة لا تعبر عن تسامح الدين الاسلامي. كانت وتيرة الاصلاح بطيئة ولم تحقق سوى نجاح جزئي لكنها وجهت آليات السياسة السعودية نحو تغيير تدريجي مما جعل من الملك عبد الله زعميا محبوبا بين العدد المتزايد من الشبان في المملكة اذ ان 60 بالمئة من مواطني السعودية دون الثلاثين عاما. ومع تحركه من اجل تحقيق انفتاح اقتصادي وضغطه اجل سن تغييرات اجتماعية ترك النظام السياسي دون تغيير إلى حد كبير. وباستثناء اجراء انتخابات مجالس بلدية ليس لها سلطات تذكر فان الاصلاح السياسي الوحيد المهم الذي ادخل هو تأسيس هيئة البيعة لتنظيم عملية الخلافة. وحين هبت نسائم "الربيع العربي" على الشرق الاوسط كان العاهل السعودي معارضا قويا للاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية في الدول المجاورة ما يعكس مخاوف السعودية من ان يهييء سقوط حلفاء قدماء فرصا لغريمتها إيران ولتنظيم القاعدة في المنطقة. وفي الوقت ذاته اصدر الملك اوامر بانفاق 110 مليارات دولار لايجاد مزايا واعانات اجتماعية وتنفيذ خطط عمرانية جديدة وتوفير فرص عمل للمساهمة في تفادي اي اضطرابات خطيرة تطالب بالديمقراطية في المملكة. وفي السنوات الاخيرة اودع السجن نشطاء طالبوا بالتغيير من خلال التقدم بالتماسات. وتحظر الاحزاب السياسية والاحتجاجات العامة في البلاد. ويبدو ان الملك لا يزال يحظى بشعبية حتى بين أولئك الذين دعوا عبر وسائل التواصل الاجتماعي "ليوم غضب" احتجاجا على غياب الديمقراطية. ويميز العاهل السعودي عن افراد اسرته التي عرفت بالترف ولعه بتمضية اوقات في الصحراء بينما يفضل امراء سعوديون قضاء الصيف في قصور تطل على شواطيء البحر المتوسط. وكان أحد قراراته الاولى كملك تقليص انفاق الاسرة الحاكمة وطالب الامراء بسداد فواتير الهواتف وتذاكر الطيران بدلا من التعامل مع اجهزة الدولة على انها مكرسة لخدمتهم الشخصية. وحين زار سعوديين يعيشون في مناطق شبيهة باحياء فقيرة بعد فترة وجيزة من تنصيبه ملكا قوبلت الزيارة بحفاوة باعتبارها أول اعتراف علني من جانب الدولة بوجود الفقر. كما سعى للنهوض بمكانة المراة وحاول منحها تعليما افضل وتوفير فرص عمل لها وذكر انه سيسمح لها ايضا بالمشاركة في الانتخابات المحلية في عام 2015. وقال انه سيجري اختيار نساء لعضوية مجلس الشورى المقبل الذي يقدم المشورة للحكومة بشأن القوانين الجديدة. وفي السنوات الاخيرة ركزت السياسة الخارجية بشكل متزايد على جهود احتواء ما تعتيره المملكة السنية تناميا لنفوذ ايران الشيعية في الشرق الاوسط. وفي مارس آذار دفعت السعودية بقوات للبحرين لدعم ملكها في مواجهة انتفاضة الاغلبية الشيعية. ولم يلق هذا القرار قبولا بين الاقلية الشيعية في المملكة ولكن كثيرين من زعماء الشيعة في البلاد يقولون إن الملك عبد الله عمل اكثر من اسلافه على الحد من التمييز. وكانت الرياض تخشى ان يكون الغزو الامريكي للعراق في عام 2003 قد غير من موازين القوة في المنطقة بالفعل ومنح ايران نفوذا أكبر. وأكد هذه المخاوف البرنامج النووي الايراني الذي يرتاب الغرب في انه يهدف لانتاج اسلحة نووية. ونقل عن العاهل السعودي مطالبته الولاياتالمتحدة مرارا بقطع رأس الحية بمهاجمة إيران وذلك في برقيات دبلوماسية ترجع لعام 2009 نشرها موقع ويكيليكس. من انجوس مكدوال