يتوقع ان يستأنف السودان وجنوب السودان الثلاثاء المفاوضات المتوقفة منذ المعارك التي وضعت البلدين الجارين على حافة نزاع شامل في بداية نيسان/ابريل، بسبب خلافات متراكمة منذ استقلال الجنوب في تموز/يوليو الماضي. واعلن متحدث عسكري الاثنين ان الجيش السوداني سيبدأ الثلاثاء بسحب قواته من منطقة ابيي المتنازع عليها مع دولة جنوب السودان، وذلك تنفيذا لقرار صادر عن مجلس الامن الدولي في منتصف ايار/مايو. وقال العقيد الصوارمي خالد سعد الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية للصحافيين "سنبدأ (الانسحاب) غدا وسندعو الصحافيين لمشاهدة عملية اعادة الانتشار هذه". وسيبدأ الانسحاب في اليوم نفسه الذي يتوقع ان تستأنف فيه المفاوضات بين السودان وجنوب السودان في العاصمة الاثيوبية اديس ابابا برعاية وسيط الاتحاد الافريقي ثابو مبيكي. واوضح المتحدث ان "السودان قرر اعادة نشر قواته خارج قطاع ابيي بهدف ايجاد مناخ ملائم للمحادثات"، مشيرا الى طلب من مبيكي بهذا الخصوص. ودفعت الضغوط الدولية كلا من الخرطوموجوبا الى العودة لطاولة المفاوضات، في حين سادت الخشية من استئناف الاعمال الحربية بشكل واسع اثر سيطرة جيش جنوب السودان الشهر الماضي على اهم منطقة نفطية في هجليج لفترة وجيزة اضافة الى عمليات قصف سودانية على اراضي جنوب السودان. وعلى الرغم من غياب تهدئة فعلية، الا ان اعنف المعارك توقفت منذ ذلك الوقت. واكد سالفا كير رئيس جنوب السودان ان "حوارا وديا مع الخرطوم حول الخلافات يشكل الفرصة الوحيدة لتحقيق السلام"، وفقا لما جاء على موقع حكومته الالكتروني. من جهتها اكدت وزارة الخارجية السودانية انها ستشارك في المفاوضات التي سيرعاها الاتحاد الافريقي في مقره. من جانبه اعرب الرئيس السوداني عمر البشير انه مستعد لسحب قواته من منطقة ابيي المتنازع عليها بين البلدين، وفق تصريحات نقلها عنه الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر خلال لقاء جمعهما الأحد. وقد سحب جنوب السودان من جهته في 10 ايار/مايو 700 شرطي من هذه المنطقة الحدودية، حسب ما اكد الاتحاد الإفريقي. لكن السودان لجأ في الوقت نفسه الى مجلس الأمن متهما جنوب السودان بشن عدة هجمات الأسبوع الماضي على بلدات في جنوب دارفور على الأراضي السودانية، في انتهاك لقرار الاممالمتحدة الذي دعا كلا البلدين الى وقف القتال وتسوية خلافاتهما عن طريق التفاوض تحت طائلة فرض عقوبات. ويتبادل البلدان الاتهامات بشان دعم مجموعات متمردة في المناطق الحدودية الفاصلة بينهما. ونددت جوبا بدورها بالقصف المستمر الذي يشنه سلاح الجو السوداني على جنوب السودان، وهو ما تنفيه الخرطوم. وعشية استئناف مرتقب للمفاوضات يهدف الى ابعاد مخاطر الحرب بين الدولتين الجارتين، اتهمت سلطات جنوب السودان الاثنين مجددا السودان بالهجوم وقصف اراضيه. وقال كبير مفاوضي جنوب السودان باغان اموم في تصريحات صحافية "انهم (السودانيون) يقصفون جنوب السودان ويهاجمون جنوب السودان ويواصلون ارسال قوات مسلحة لزعزعة استقرار جنوب السودان (..) هذه ليست مؤشرات سلام". وكانت الخرطوم نفت قطعيا في السابق اتهامات مماثلة. وكثف وسيط الاتحاد الافريقي الرئيس السابق لجنوب افريقيا ثابو مبيكي، من زياراته بين الخرطوموجوبا لاقناع العاصمتين باستئناف محادثاتهما الثلاثاء، في حين كان من المفرتض ان تبدأ في 16 ايار/مايو وفق القرار الأممي المعتمد في الثاني من الشهر نفسه. وقال نور الدين مزني الناطق الرسمي باسم رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي جان بينغ ان "الاتحاد الافريقي يبذل كل ما في وسعه على كافة المستويات لانجاح عملية استئناف هذه المفاوضات لأن السلام هو الحل الوحيد والحرب لا يمكنها ان تقدم حلا". ولم تتوفر حتى الان أية تفاصيل عن موعد استئناف هذه المحادثات ومدتها او مستوى تمثيل كل بلد. واستمرت التوترات في التصاعد بين السودان وجنوب السودان منذ استقلال الجنوب في تموز/يوليو 2011، بسبب خلافات لم تجد حلا نهائيا لها، وبينها ترسيم الحدود وتقاسم عائدات النفط ووضع العديد من المناطق المتنازع عليها. لكن الموضوع العاجل الذي يحظى بالأولوية خلال المفاوضات المرتقبة هو تعزيز الأمن على الحدود وخصوصا عبر الحصول على التزام صريح من البلدين باحترام منطقة منزوعة السلاح. واذا تم تحقيق هذا الهدف، يمكن أن تشمل هذه المفاوضات الخلافات التي لا تزال مطروحة على الطاولة منذ توقيع اتفاق السلام في 2005 الذي وضع حدا لعقود من الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب، ومهد الطريق لاستقلال جنوب السوان. ومن بين نقاط الخلاف بين البلدين تقاسم الثروة النفطية حيث انه وعلى الرغم من ان جنوب السودان ورث ثلاثة أرباع انتاج نفط السودان الموحد سابقا، فانه لا يمكنه تصدير النفط الا عبر خط أنابيب يخترق السودان، كما ان البلدين لم يتمكنا من الاتفاق حتى الآن على رسوم عبور النفط. وقال نور الدين مزني ان "الايام المقبلة حاسمة (...) وينبغي ان تفتح الطريق امام نجاح المفاوضات واستعادة الثقة". وقد امهل مجلس الأمن الطرفين ثلاثة اشهر لاختتام هذه المفاوضات.