دعا سيناتور جمهوري بارز الرئيس الامريكي باراك اوباما الى الاسراع في توجيه ضربات جوية ضد نظام الرئيس السوري بشار الاسد لاجباره على التنحي عن السلطة. الا ان دعوات التدخل العسكري الامريكي او الغربي لم تجد دعما داخل البيت الابيض او اوروبا او شركاء واشنطن من العرب. وجاءت تلك الدعوة في بيان صدر عن مكتب السيناتور جون ماكين، الذي خسر انتخابات الرئاسة عام 2008، فيما تحاول الحكومات الاوروبية ثني الرئيس الروسي المنتخب حديثا فلاديمير بوتين عن معارضة التدخل الدولي في سوريا. وتحاول دول عدة، وخصوصا بعض الدول الغربية الكبرى، تنسيق المواقف لتدخل دولي يوقف القمع الحكومي للانتفاضة السورية، التي وصل عدد ضحاياها الى اكثر من 7500 شخص منذ اندلاعها قبل نحو سنة. وفي هذه الاثناء يتواصل تدفق المئات من النازحين السوريين الفارين من المواجهات المسلحة الى لبنان المجاورة، خشية تعرضهم الى مذابح ان هم التزموا منازلهم. وقال ماكين، الذي يمثل الحزب الجمهوري بلجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، وهي لجنة ذات نفوذ واسع، ان على واشنطن تغيير موقفها الحالي والعمل على تسليح المعارضة السورية، واخذ المبادرة في دعمهم. ويرى مراقبون ان دعوة ماكين ستحدث انقساما بين المشرعين الامريكيين، الذي عارض العديد منهم التدخل العسكري الامريكي في ليبيا. وحتى في حال وقفت ادارة اوباما موقف المؤيد لتلك الدعوة، من المرجح ان تتسبب خطة كهذه في انقسام بين الدول المسلمة المعارضة لنظام الاسد والدول الغربية، وهو ما يعزز موقف روسيا، الذي يعتبر الحكومة السورية الحالية حليفا رئيسيا لموسكو في المنطقة. وعلى نقيض ما حدث في ليبيا، سيكون من الصعب الحصول على دعم من مجلس الامن الدولي لخطط التدخل العسكري في سوريا، اذ من الصعب ايجاد تبرير لهذا التدخل. كما ان التدخل العسكري من دون الحصول على مظلة دولية سيكون على النقيض من مبدأ التوافق الدولي الذي يدعو اليه اوباما كمبدأ في معالجة الشؤون الدولية. ومن المعروف ان استراتيجية اوباما تقوم على استخدام العقوبات والعزلة الدبلوماسية الدولية للضغط على نظام الاسد من اجل تسليم السلطة والتحول السياسي السلمي. من جانبها تحاول القوى الغربية الحصول على ضمانات لايصال المساعدات للمدنيين المحاصرين بين قوات المعارضة والقوات الحكومية، لكنها تجد صعوبة في اقناع دمشق وداعميها في موسكو وطهران. ويقول وزير الخارجية الالماني غيدو فيسترفيله: نأمل ان تتضح رؤية روسيا، بعد انتهاء الانتخابات فيها، وترى موقفها الخاطئ تاريخيا، فالشعب السوري الذي انتفض من اجل الديمقراطية والحرية يحتاج الى تضامن المجتمع الدولي معه . كما قالت مفوضة الشؤون الخارجية في الاتحاد الاوروبي كاثرين آشتون، التي كانت تتحدث من براغ، ان اجتماع الجامعة العربية نهاية هذا الاسبوع سيكون فرصة للرئيس بوتين لابداء التعاون مع باقي دول العالم لتسهيل ايصال المساعدات الى المدن السورية المحاصرة، والاعتراف بان سوريا باتت بحاجة الى قيادة سياسية جديدة. من جانبها قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الامريكية فكتوريا نولاند ان واشنطن ستسعى فورا الى بحث الشأن السوري مع موسكو، بعد انتهاء الانتخابات هناك. وقالت ان الولاياتالمتحدة منفتحة امام تسوية متفق عليها لتحرك في اطار الاممالمتحدة، في حال توقفت موسكو عن دعم الاسد في قمعه العنيف للاحتجاجات. الا ان تلك الاشارات لم تجدى صداها، حتى الآن في موسكو، التي ذكّر وزير خارجيتها سيرغي لافروف بدعوة موسكو التي اطلقت منذ اشهر للطرفين، الحكومة والمعارضة السورية، للجلوس الى مائدة المباحثات باتجاه تحقيق اصلاحات. وقد حرصت موسكو في تلك الدعوة على ابقاء زمام المبادرة بيد حكومة الاسد، وفي الوقت نفسه تطلب من المعارضة وقف تمردها على النظام. كما ان بوتين، الذي كان رئيسا للوزراء طيلة السنوات الاربع الماضية، كان طالب الاسبوع الماضي، اي قبل ايام من توليه الرئاسة، المعارضة السورية المسلحة الانسحاب من المدن، متهما الغرب بتشجيع تلك المعارضة لرفض تلك المبادرة.