فيينا (رويترز) - زعم إيران بتحقيق انفراجة في برنامجها النووي قد لا يقربها من صنع قنبلة نووية لكنه يمثل تحديا جديدا للغرب. وكان اعلان إيران هذا الاسبوع نجاحها في تجربة قضبان للوقود لاستخدامها في محطات الطاقة النووية يهدف فيما يبدو الى اظهار أن العقوبات فشلت في وقف التقدم الفني الذي تحرزه طهران وتقوية موقفها في أي مفاوضات مع القوى الكبرى. وقال بيتر كريل من رابطة الحد من التسلح وهي جماعة بحثية مقرها واشنطن "التطوير نفسه لا يقربهم بأي حال من صنع السلاح." لكنها طريقة لابلاغ خصوم ايران أن الوقت ينفد أمامهم اذا كانوا يرغبون في احياء اتفاق لتبادل الوقود النووي انهار قبل عامين لكن بعض الخبراء يرون أنه مازال يمثل أفضل فرصة لبدء بناء الثقة التي تضررت بشدة. ويعتقد دبلوماسيون أن ايران بالغت في الماضي في التقدم النووي الذي أحرزته لتقوية موقفها في أزمتها مع العواصمالغربية ولا تعني تجربة الوقود المصنع محليا ان البلاد على وشك البدء في استخدامه لتشغيل المفاعلات. وقال ماثيو بان الاستاذ المساعد في كلية كنيدي بجامعة هارفارد "انها خطوة في اتجاه عدم الاحتياج بعد الان لامدادات من دول أخرى." وأضاف "لكن وصولهم الى مرحلة عدم الاحتياج الى امدادات من دول اخرى سيستغرق عددا لا بأس به من الشهور أو السنوات." وحتى اذا تأكدت خطوة الوقود فمن غير المرجح أن تزيد كثيرا من شكوك غربية متزايدة أصلا في أن ايران تسعى للتكنولوجيا النووية لصنع الاسلحة وهو ما تنفيه طهران. وتخشى قوى غربية من أن يكون البرنامج الايراني لتخصيب اليورانيوم جزءا من محاولة سرية للتوصل الى وسائل صنع أسلحة نووية وهي ريبة زادت حدة مع اصدار الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للامم المتحدة تقريرا تفصيليا في أواخر العام الماضي. وتقول الجمهورية الاسلامية انها تخصب اليورانيوم -وهي المادة التي يمكن ان يكون لها استخدامات مدنية وعسكرية- لشبكة مزمعة من محطات الكهرباء التي تعمل بالطاقة النووية ويمكنها ان تستند الى موضوع صنع قضبان الوقود لتعزيز هذا الزعم. وقال دبلوماسي غربي في فيينا مقر الوكالة الدولية للطاقة الذرية ان ايران "في حاجة الى التظاهر" بأنها تخصب اليورانيوم لصنع وقود نووي وليس لصنع أسلحة. وتزامن اعلان ايران عن انتاج قضبان الوقود ووضعها في قلب مفاعل أبحاث في طهران مع تصعيد الحرب الكلامية مع الغرب في أزمة نووية مستمرة منذ فترة طويلة من الممكن ان تشعل صراعا أوسع نطاقا في الشرق الاوسط. وهددت طهران بالتحرك اذا أدخلت البحرية الامريكية حاملة طائرات الى الخليج في أعنف تحذير من نوعه حتى الان بعد أسابيع من التلويح باستخدام القوة في الوقت الذي بدأت فيه عقوبات امريكية وأوروبية تؤثر على اقتصادها. لكنها تبعث أيضا برسائل تصالحية وتدعو مفتشين نوويين كبارا من الاممالمتحدة لزيارتها وتقترح استئناف المحادثات المتعثرة منذ فترة مع القوى الست الكبرى وهي الولاياتالمتحدةوروسيا وفرنسا والمانيا والصين وبريطانيا. وربما يكون هذا مؤشرا على وجود قلق داخل القيادة الايرانية بعد تراجع قيمة العملة الى أدنى مستوى مقابل الدولار الامريكي من أن يسبب احكام العقوبات ضررا لصادرات النفط الايرانية التي تمثل عصب الاقتصاد. لكن تصريحات يوم الاحد التي تتحدث عن هذا الانجاز في مجال الوقود تبرز مرة أخرى اصرار ايران على المضي في برنامجها النووي الذي يعتبره الحكام من رجال الدين هناك مصدرا للسلطة والنفوذ. وقال كريل من رابطة الحد من التسلح "أعلنوا انتاج قضبان الوقود ودعوا الى محادثات في الوقت ذاته مما يشير الى أن الهدف من قضبان الوقود هو أن تكون ميزة تفاوضية." وتقول الولاياتالمتحدة ان الحملة التي تقودها لعزل ايران أبطأت من البرنامج النووي الايراني. لكن على الرغم من احكام العقوبات والعمليات التخريبية المحتملة تمضي ايران في هذا النشاط وسيكون مخزونها من اليورانيوم المنخفض التخصيب كافيا لصنع قنبلتين نوويتين على الاقل في حالة تخصيبه لدرجة أعلى. ويعطي خبراء غربيون تقديرات مختلفة لمدى السرعة التي يمكن ان تصنع بها ايران سلاحا نوويا اذا قررت ذلك تتراوح ما بين ستة أشهر وسنة أو اكثر. وفي عام 2010 أثارت ايران قلق الغرب عندما بدأت في تخصيب اليورانيوم الى درجة نقاء 20 في المئة بعد ان كانت النسبة 3.5 في المئة وهي النسبة المطلوبة عادة لمحطات الكهرباء مما قربها بصورة كبيرة من نسبة التسعين في المئة المطلوبة للاسلحة. وقالت ايران انها مضطرة لاتخاذ هذه الخطوة لصنع الوقود لمفاعل الابحاث في طهران بعد عدم الاتفاق على بنود صفقة للحصول عليه من الغرب. لكن الكثير من المحللين يشكون في أن ايران تستطيع تحويل اليورانيوم الموجود لديها الى وقود خاص للمفاعلات. ووصف بان من جامعة هارفارد التقدم النووي الذي تحدثت عنه ايران هذا الاسبوع بأنه "اختبار مبكر" لما اذا كانت قادرة على صنع وقود قادر على تحمل الاشعاع والحرارة والضغط وهي كلها ظروف موجودة داخل أي مفاعل. وتابع "أمامهم طريق طويل قبل أن يتوفر لديهم وقود يمكن تحميله فعليا داخل المفاعل كوقود قادر على تشغيل المفاعل." وتحدثت تقارير لوسائل اعلام ايرانية يوم الاحد عن كل من قضبان الوقود التي تستخدم في محطات للطاقة النووية مثل بوشهر وهي المنشأة الوحيدة من هذا النوع في ايران وصفائح الوقود اللازمة في مفاعل طهران لصنع النظائر الطبية. وتحتوي القضبان على كرات وقود صغيرة وكثيرا ما تكون من اليورانيوم المنخفض التخصيب. ويستخدم مفاعل البحث الذي بدأ ينفد منه الوقود الذي قدمته الارجنتين في التسعينات صفائح رفيعة بها نسبة أكبر من اليورانيوم المخصب. وسلمت روسيا قضبانا لبوشهر وقال مارك هيبز من مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي ان من المرجح أن تظل هذه المحطة تستخدم وقودا روسي الصنع لسنوات عديدة. وفي بعض المفاعلات يمكن اعادة معالجة الوقود المستنفد لاستخلاص البلوتونيوم مما يمثل وسيلة ثانية لصنع القنابل الى جانب اليورانيوم عالي التخصيب لكن النوع المستخدم في بوشهر يعتبر غير ملائم بالدرجة الكافية لمثل هذه العملية. وقال روبن جرايمز رئيس مركز الهندسة النووية في الكلية الامبراطورية بلندن "المفاعل التقليدي الذي يعمل بالماء الخفيف ليس ملائما لانتاج البلوتونيوم لاغراض السلاح." كما ان منشأة البحث في طهران تستخدم الماء الخفيف في تبريد المفاعل لكن ايران تبني مفاعلا يعمل بالماء الثقيل وتأمل ان تبدأ تشغيله بحلول نهاية 2013 وهو نوع من المفاعلات يقول الخبراء انه يمكن استخدامه في انتاج البلوتونيوم. وقال دبلوماسيون غربيون انهم ينتظرون لمعرفة ما اذا كان يمكن للوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تزور المواقع النووية الايرانية من حين لاخر أن تلقي مزيدا من الضوء على ما أعلنته ايران من انتاج وقود نووي. ومن المتوقع أن تصدر وكالة الطاقة الذرية التي رفضت التعقيب على خطوة طهران تقريرها التالي عن ايران في أواخر فبراير شباط. وفي نوفمبر تشرين الثاني قالت الوكالة ان ايران بدأت تجربة نموذج لقضبان الوقود في مفاعل طهران. وقالت أيضا ان ايران بدأت تركيب "بعض المعدات" في موقع قرب بلدة اصفهان لصنع الوقود للمفاعل ذاته وانه تم انتاج خمسة صفائح في مختبر للبحث والتطوير لاغراض التجربة. وقالت وسائل اعلام ايرانية ان قضبان الوقود التي اختبرتها البلاد حتى الان تحتوي على اليورانيوم الطبيعي وليس على اليورانيوم الذي تم تخصيبه لدرجة نقاء 20 في المئة. وقال هيبز من مؤسسة كارنيجي "حتى في أي برنامج نووي متقدم له سنوات من الخبرة والتجربة الكبيرة في صنع الوقود وهو ما لا تمتلكه ايران فان تجربة الوقود يمكن ان تستغرق عشر سنوات أو أكثر."