ما الذي يربط فيلما لستيفن سبيلبيرغ بحرب الجبل في لبنان وبالجدل الذي أثاره مشروع قانون للأحوال الشخصية في البرلمان اللبناني؟ روبرت فيسك يحاول في صحيفة الاندبندنت إلقاء الضوء على المشترك في كل ما سبق. يقول فيسك في مقاله ان هناك صلة بين حرب الجبل التي دارت بين دروز ومسيحيي لبنان عام 1860 والحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت 15 عاما، بدءا منذ ذلك الهجوم الذي نفذه عناصر من حزب الكتائب على حافلة تقل فلسطينيين بالقرب من عينة الرمان في ابريل/نيسان من عام 1975 الى عام 1990. يرى فيسك ان الدروز والمسيحيين أرادوا تحقيق ما لم يتحقق في عام 1860 في الحرب الأهلية التي اندلعت بعد ما يزيد على مئة عام. ولا يجد فيسك في ذلك ظاهرة فريدة، بل هو يستشهد بظاهرة مشابهة من التاريخ الأوروبي، حيث يقول انه يعتقد ان الألمان أرادوا في الحرب العالمية الثانية الثأر لهزيمتهم في الحرب العالمية الأولى. ويستشهد فيسك بكاتبة لبنانية تدعى فيفي أبوديب التي كتبت مقالا بعنوان جيل الأشباح قالت فيه ان مأساة حادث الباص في عين الرمانة مدونة في التاريخ الجمعي للبنان، وأنها تغلغلت في الحمض النووي لللبنانيين. لكن اللبنانيين يتجنبون الحديث عن تاريخهم العنيف، أو يحاولون تأجيل ذلك ما استطاعوا، فهم عقدوا أول حلقة دراسية عن أحداث عام 1860 في شهر أكتوبر/تشرين أول الماضي، كما يكتب فيسك. ولكن ما علاقة كل هذا بحجب إسم المخرج الأمريكي ستيفن سبيلبرغ عن ملصقات فيلمه مغامرات تن تن ومنع الفيلم الإيراني بيرسابوليس ؟ وما علاقة كل ذلك بالجدل الدائر حول قانون الاغتصاب في المؤسسة الزوجية في البرلمان اللبناني؟ يلخص الكاتب ذلك في نهاية المقال قائلا اذا كان بإمكان الرجال في مجتمع متعلم اغتصاب زوجاتهم وممارسة الرقابة على الفن، فلا غرابة أن يكونوا مسكونين بالعنف . الوجه الذي ظهر على غلاف مجلة تايم ليرمز الى المتظاهر الذي اختارته المجلة ليكون شخصية العام كان وجه امرأة بلا ملامح محددة، قد تكون من مصر أو من نيويورك، كما تكتب نينا باور في صحيفة الغارديان. هذا يرمز، في رأي الكاتبة، إلى أن الاحتجاجات التي أطاحت بأنظمة وغيرت الكثير كانت من فعل جماهير بلا قيادة محددة الملامح. وتقول الكاتبة ان وراء تلك الصورة التي تفتقر الى ملامح محددة هناك أشخاص بملامح شخصية يتعرضون للاعتقال أو التعذيب أو حتى للقتل. وتنوه في مقالها الى أن موقف الاعلام والسياسيين من الاحتجاجات ليس موحدا، فتلك الحكومات الأوروبية التي رحبت بالربيع العربي وعبرت عن دعمها له لم تتوان عن قمع ربيع بلادها ، من اليونان الى روسيا الى الولاياتالمتحدة. كذلك فإن وسائل الإعلام التي لهثت وراء الربيع العربي لم تكترث كثيرا للمظاهرة التي نظمت في لندن احتجاجا على نتائج الانتخابات في الكونغو الديمقراطية. وتختم الكاتبة مقالها بالقول: يجب دعم المنظمات التي تؤازر المحتجين وتقدم الدعم للجرحى والمعتقلين، حيث وراء كل محتج هناك احتمال تعرضه للانتقام من السلطات، وإلى جانب كل احتجاج يحظى بالحفاوة هناك الكثير من الاحتجاجات التي يجري تجاهلها . صحيفة أخرى، والموضوع لم يتغير: صحيفة الديلي تلغراف بدورها تكتب عن المحتجين، وان بنفس مختلف. ترى كاتبة المقال، روث بورتر، أن الناشطين في الحركات التي أطلقت على نفسها إسم لنحتل يقولون انهم يمثلون 99 في المئة من الشعب، وقد يكونون محقين في ذلك اذا أخذنا بعين الاعتبار الموقف الشعبي من وضع الحكومات أموال دافعي الضرائب تحت تصرف البنوك المأزومة. لكن، تقول كاتبة المقال، الشعارات التي ترفعها تلك الحركات تتوقف عند الاحتلال ، ولا تتجاوز ذلك الى صياغة برنامج محدد للخروج من الأزمة. وترى أن الأنظمة جربت الكثير من التوجهات الاقتصادية، منها عدم التدخل بقوانين السوق، ومنها التدخل عند الضرورة، ولم تكن النتائج إيجابية. ما العمل إذن؟ تقترح الكاتبة على نشطاء الاحتجاجات أن يتطوعوا لصياغة رؤى للخروج من المأزق، فبدلا من التركيز على ما نعرفه جميعا وهو أن نظامنا الرأسمالي قد تعرض للاتلاف من خلال تدخل الدولة التي سمحت للبعض بالمغامرة على حساب الآخرين فان على المحتجين أن يفكروا في كيفية إصلاح الدولة . وتقترح الكاتبة على الناشطين أن يغيروا أجنداتهم باتجاه التطوع بوضع خطة لإصلاح النظام البنكي حتى لا يكون بحاجة لأموال دافعي الضرائب لإنقاذه، أو التفكير في إمكانية استخدام القطاع الخاص في النظام التعليمي بما يوفر فرصا أفضل لتعليم الأطفال. قد لا يكون أولئك النشطاء يملكون الخبرة في الحقول المذكورة، ولكنهم أثبتوا أنهم يملكون القدرة على التنظيم للمساهمة الفعالة في حل مشاكل المجتمع، كما تقول الكاتبة.