مرت اللحظات بطيئة ودقات ساعة الحائط وكأنها في أذن خالد وحسن ضربات بندول عتيق أوكجعجعة الطاحونة الرتيبة حتي أوقف ذلك كله صوت الطبيب المعالج وهو يقول لخالد بلهفة شديدة : -ألف مبروك ربنا بيحبك جداً جداً ياخلّود - رد حسن بلهفة أشد : مبروك علي خروج عمي ولا مبروك علي إييييييييه؟؟؟؟ -لا حدث شئ ولا المعجزة ،الدكتور والخبير الألماني (فولر) حضر إلي المستشفي وطلب إجراء عمليات لعشرحالات من قسم الحوادث - قاطعه خالد أي نوع من العمليات وأنا مش محتاج والحمد الله لأي عملية -عملية التجميل ياخالد أنت نسيت أن جرحك ترك أثراً شوه وجهك أنت نسيت ولا إيه ؟؟؟؟ وهنا شرد خالد للحظات ثم ذهب لأول مرة إلي مرآة كانت موجودة في جزء من دلفة الدولاب وتجرأ ثم نظر فيها إلي وجهه لبضع ثواني كانت كفيلة بأن يتمني لو أصيب بالعمي نظراً للتشوهات الرهيبة التي خلفها الحادث الأليم وهنا كاد خالد يجثو علي ركبتيه استجداءاً للطبيب المعالج بأن يسرع بتحضيره لعملية التجميل والتي جاءت هدية من السماء وفي وقتها وكأن القدر كان رحيماً به خاصة أنه مقبل علي إتمام الزواج ومما زاده تفاؤلاً هو أنه عرف فيما بعد أن تكلفة هذه العملية تفوق النصف مليون دولار وأنها لاتجري في مصر بل في ألمانيا وأن البروفسير (فولر) هو أحد خمسة أطباء تجميل في العالم متخصصين في حالته : (إعادة بناء عظام الجمجمة وإعادة تقويم عظام الوجه ) وأنه سيجريها له بلا مقابل علي الإطلاق ...علي الإطلاق .... علي الإطلاق ************************************* تم تجهيز حجرة العمليات القابعة في الدور الثالث للمستشفي وللحق فقد كانت تلك المستشفي مجهزة بحجرة عمليات علي أعلي مستوي ودخل خالد في مرحلة التخدير الكلي وقد كان آخر وجه رآه قبل أن يغيب عن الوعي هو وجه دعاء وهو ما كان حريصاً عليه بشدة ومرت ساعات طوال والطبيب يعمل بمهارة وإتقان وصبر وحوله فريق من المساعدين والذين كانوا عبارة عن طلبة ماجستير في علم التجميل وقد كان جميع الأهل في الخارج في حالة ترقب ولهفة شديدين خاصة دعاء والتي برغم محبتها لخالد إلا أنها تتمني أن تنجح العملية وتراه في أبهي صورة وبينما كان الجميع علي تلك الحالة اذا بباب حجرة العمليات يفتح ويخرج منه الطبيب الألماني وعلي وجهه علامات الرضا والإطمئنان وبعدها بفترة قصيرة يخرج خالد علي سريره وعلي وجهه لفافات الشاش ولايكاد يظهر من وجهه سوي عينيه وأنفه وفتحة فمه وبالطبع كان مازال يقع تحت تأثير المخدر ، وفي ركن من الردهة جلس الحاج برعي ولأول مرة منذ زمن بعيد بجوار الحاج صابر وجهاً لوجه ولسان حالهما يقول : اليوم يوم الإتفاق – اليوم يوم الدعاء لذا فقد جلسا يتلوان القرآن الكريم مع بعضهما وانضم إليهم حسن فيما يشبه حلقة تلاوة صغيرة وأعقب الجميع تلك الحلقة بالدعاء لخالد ونجاح عمليته ومرت ساعات طوال حتي أفاق خالد من تأثير المخدر وطلب رؤية الجميع فالتفوا حوله في حالة مابين السعادة لإفاقته والترقب لما تسفر عنه نتيجة العملية، وبعد مرور ثلاثة أيام علي إجراء العملية حان وقت فك الشاش ومعرفة النتيجة وبدأ الطبيب يزيل الأربطة رباطاً رباطاً ولفافة لفافة وأنفاس الجميع تتابع في تسارع شديد حتي وصل إلي آخر لفافة وهي الملاصقة لوجهه تماماً وقام بإزالتها في بطء وحذر وقلق وبمجرد أن أزاحها تعالت الصيحات والزغاريد وقفز الجميع فرحاً فوجه خالد أصبح وبدون مبالغة أجمل من قبل الحادث، وليس هناك وصف لما حدث إلا أنه معجزة إلاهية في وقت ندرت فيه المعجزات، وهنا طلب خالد مرآة فأسرعت دعاء وأعطته مرآتها فنظر فيها وهو غير مصدق فشتان حالته الآن وحالته قبل العملية وشعر وقتها أن الدنيا فتحت له ذراعيها من جديد وأنه مقبل علي حياة سعيدة خالية من المنغصات فهاهو استرد عافيته وصحته بل وأصبح وجهه وسيماً وهاهي دعاء بجواره وعلي وشك إتمام الزواج بها وفجأة خطر علي ذهنه أنه لم يخبرها بحقيقة مرضه بالصرع وهو السر الذي ظل متردداً مراراً وتكراراً في إفشائه لها لذا عزم في هذا الوقت علي فض ختام سره فاستأذن الجميع أن يخلو قليلاً بدعاء وعندما خلت الحجرة ولم يبق فيها غيرهما – دار بينهما هذا الحوار: - دعاء عندي سر خطير أري أنه من الواجب الآن أن أخبرك به - عارفاه!!!! - عارفاه طب هو إيه !!!!!! - ياخالد كل واحد فينا معرض للمرض بل وللموت وبعدين المرض مش عيب دا اختبار من عند ربنا ولازم نصبر عليه .... - قاطعها خالد قائلاً: -بس إلّي عندي مش أي مرض دا مرض .... قاطعته دعاء قائلة:- - الصرع مرض الصرع وفيها إيه ياحبيبي - بس دا مرض مزمن ياحبيبي لو كنت أنا اللّي مريضة بيه كنت هاتسبني - لالا دا أنا كده أبقي قليل الأصل !!!! برافو وأنت شايفني بقي قليلة الأصل - وهنا نظر إليها خالد وعيناه تمتلئان بالحب والحنان بل والإمتنان .... وبالمقابل بادلته دعاء نظرات مليئة بالعواطف والأحاسيس الرقيقة والتي برغم رقتها فهي أحاسيس قوية تنمّ عن قوة شخصية !!!!! **************************** مرت أسابيع قليلة علي خروج خالد من المستشفي وبدأ الإستعداد للفرح وقد قام حسن بمجهود ضخم في ذلك الوقت من حجز قاعة الفرح ودعوة المعازيم والذهاب مع عمه لشراء حاجاته من ملابس خارجيةو داخلية وبالطبع بذلة الفرح ومستلزماتها وأيضاً التجهيزات الأخيرة بشقة العرس والتي كانت شقة مؤجرة صغيرة كأمر مؤقت حتي ينتهي خالد من بناء قطعة الأرض التي اشتراها له الحاج برعي بجواره علي أن يدفع له خالد المبلغ علي أقساط شهرية ، ومرت ليلة الزواج كأحلي مايكون وربما لم يكن ينقصها سوي حضور الحاجة أم صابر والتي أقعدها المرض الشديد ولكنها أرسلت له بدعواتها بظاهر الغيب وبروحها التي تسبح في ملكوت الله ************************ انصرف المعازيم ودخل خالد ودعاء إلي عش الزوجية ليقضيا معاً أول ليلة بمفردهما ويالها من ليلة ولما لا وهي ليلة الدخلة ليلة الإختبار للرجولة عند الرجل واختبار للعفة والشرف عند المرأة خاصة في مجتمعاتنا الشرقية ، فهل كانت ليلة الإختبار كالعادة عند خالد ودعاء أم كانت ليلة مختلفة عن الآخرين !!!!! ********************************* أكمل صابر وصفوت سهرتهما بعد انتهاء الفرح وقد تبادلا الحديث حول أحداث الليلة وأهم ماجري فيها حتي وصلا الي لحظة دخول خالد ودعاء إلي بيت الزوجية وقضاء ليلتهما الأولي معاً وسرد كل واحد منهما ذكرياته الشخصية عن تلك الليلة وكيف كانت حالته فيها وهنا توقفا فجأة عند هذه النقطة الحرجة وتساءلا عن حالة خالد في هذه الليلة وهل يُوفّق أم يصيبه الإخفاق خاصة لظروف مرضه اللعين والذي من مضاعفاته هو عدم الإتزان في القدرة الجنسية فنظرا لما يتناوله من دواء ونوعيته فإنه يحدث عنده خلل في الإتزان النفسي والعصبي ومن ثم يسبب له إما إفراطاً جنسياً أو تفريطاً (بالمعني الدارج إما ثور هائج وإما نعجة مستأنسة ) ولا وسط بينهما إلا إذا امتنع عن تناول الدواء ووقتها سيكون أكثر عرضة لمجئ نوبات الصرع والتي تقلب كيانه وحالته النفسية رأساً علي عقب ************************** أمسك خالد بيد دعاء ولأول مرة تلمس فيه يده يد امرأة أجنبية عنه ( فلقد كان خالد شريفاً عفيفاً ليس له علاقات غرامية من أي نوع قبل الزواج ) وقد أحس خالد وقتها بشعور غريب لم يعتده من قبل شعور كان غير قادر علي وصفه ولم لا وهو لم يوضع في هذا الموقف من قبل وبالمقابل دعاء كانت تشعر بالحياء الشديد وهو أمر طبيعي لبنت بنوت تربت في بيت محافظ متدين وإجمالاً هذا الموقف كان من الإثنين طبيعياً يحدث لكل البشر أو لمعظمهم حتي لا تكون هناك مبالغة !!! ولكن الشئ الغير متوقع هو أن يقرر خالد فجأة النوم بل ومن غير مقدمات تاركاً عروسه تصا