تغشي الساحة التنافسية الكروية أطياف حمراء ودوائر قرمزية وتشير هذه وتلك إلي اقتراب البطل التقليدي من غايته ودنوه من هدفه وبلوغه الأمل المنشود بحصد البطولة وتحقيق الدرع وتنمية رقمه القياسي الذي يزيد عما حققته جميع أقرانه مجتمعين.. نجح الأهلي في الفترة الأخيرة من الزحف بثقة نحو القمة واعتلاء المقدمة منفردا ثم بعد أن أصبح وحيدا عليها فريدا معها قام بتوسيع الفارق رويدا رويدا بينه وبين أقرب الملاحقين له إلي تسع نقاط من الممكن أن يزدادوا لو أنه تمكن من الفوز في مباراته المؤجلة مع المقاولون.. ولعل الجميل في هذا الأمر أن كل حلقات المنظومة الحمراء تشارك في هذا الإنجاز بداية من القيادة وحتي عمال غرف خلع الملابس ومرورا بلجنة الكرة والإدارة الفنية واللاعبين والأجهزة المعاونة.. الأجمل أن الجميع ليسوا علي اقتناع حتي الآن بأن الهدف قد تحقق وأن الغاية قد أصبحت واقعا.. فلاتزال كافة العناصر تعمل وتكد وتخلص سعيا للمزيد من النجاحات والعديد من البطولات والوفير من الانتصارات.. العمل في هذه المنظومة المحترمة يجري بدقة متناهية وباحترافية رائعة وبدون صخب أو ضجيج أو اللجوء إلي عقد مؤتمرات صحفية أو إطلاق تصريحات إعلامية أو نفخ بالونات دعائية.. حتي عندما نجحت إحدي الحلقات وهي المسئولة عن استقدام لاعبين جدد في الميركاتو الشتوي وتبادل بعض العناصر التي لا تشارك تمت هذه الصفقات في هدوء وتؤدة مع أن إحداها استحقت إلقاء الضوء عليها لأن الانتماء والولاء كانا وراء إتمامها وهو الذي جسّده اللاعب صلاح محسن عندما أكد أنه لن يخرج من ناديه إلا للأهلي فقط رافضا مقابل مادي أكبر عرضته الأندية الأخري.. الأهلي يخوض اختبارات صعبة مع كل مباراة يلعبها وكأنها مباريات كئوس.. فكل من يقابلهم ليس لديهم ما يخيفهم لو أنهم خسروا أمام المرشح الأول للبطولة.. لكنهم حتي ولو تعادلوا معه لكانوا بهذا التعادل قد فجروا مفاجأة كبري.. فضلا عن أن الأهلي يلعب مبارياته مؤخرا بتشكيلات إضطرارية غاب عنها لدواعي الإصابة كل من رامي ربيعة وسعد سمير وأحمد فتحي وحسام عاشور وجميعهم من الركائز التي يصعب علي أي فريق تعويضها.. غير أن القائمة البديلة زخرت بلاعبين أكفاء أمثال محمد هاني وأيمن أشرف وباسم علي وإسلام محارب وهشام محمد.. ولكثرة عدد الجاهزين وتقارب المستويات بين جميع اللاعبين تمكن الأهلي من مواصلة المشوار واحتفظ بما نسميه النفس الطويل الذي لم يتحل به أحد غيره.. الإسماعيلي وهو الوصيف وكان علي القمة طيلة شهور الدور الأول خسر عشر نقاط في أقل من شهر.. وبعد أن رحل عنه الفرنسي ديسابر إرتبك الأداء وتدنت النتائج وانخفض معدل العطاء واضطرت القيادة إلي قبول اعتذار أبوطالب العيسوي بالرغم من تضحياته الكبيرة عندما تولي المهمة.. ولم يعد الإسماعيلي حاليا يشكل خطورة تذكر علي صاحب القمة وانحصرت طموحاته في المحافظة علي الوصافة التي تمكنه من المشاركة الأفريقية وفي أعرق مسابقاتها خاصة وأن أبناء المدينة الباسلة - المصري - يلاحقه ويتمني حدوث أي كبوة ليتجاوزه.. ونجح التوأم حسن في مضاعفة الدوافع المعنوية والصفات الإرادية عند اللاعبين للدرجة التي جعلتهم أشبه بمجموعة قتالية وليست تشكيلات رياضية.. الأمر المؤسف في الحلقات التنافسية التي نتناولها بالاستعراض هو تخارج مدرسة الفن والهندسة - الزمالك - من هذه الؤائر وابتعاده عن تلك الأجواء حتي بعد أن تم إضافة صفقات ثمينة مع لاعبين محليين وأفارقة وباختيار المدير الفني الجديد إيهاب جلال.. صدمني التصريح الأخير لجلال الذي قال فيه إنه سيسعي لتحقيق كبري طموحاته بالمنافسة علي مركز الوصافة من أجل تحقيق حلم المشاركة الأفريقية.. هكذا قال جلال وقضت كلماته تلك علي آمال وأحلام الملايين من الجماهير العاشقة للقلعة البيضاء.. تري هل انتهت عصور المفاجآت والتي كان المتربع علي القمة وبفاصل أكثر من عشر نقاط لا يضمن غدرات الزمان وخيانات الكرة؟! أم أن الأمور قد تم حسمها للأحمر.. هذا ما سنتابعه في الأيام والأسابيع القادمة.