علي مدي 26 يوما. عاشت "الكورة والملاعب" تجربة حية مع بعثة المنتخب المصري الأول في الجابون. بين مدينتي بورت جنتيل والعاصمة ليبرفيل لخوض نهائيات بطولة الأمم الإفريقية 31 والتي جاء فيها الفراعنة بالمركز الثاني. بعد خسارة المباراة النهائية أمام الفريق الكاميروني بهدفين مقابل هدف. ليفشل الفريق في تحقيق الأمل الكبير والذي راود أكثر من 92 مليون مواطن مصري. في تتويج جديد وثامن بلقب البطولة المحببة للشعب المصري. وخلال ال26 يوما كانت معظمها صعبة للغاية وسط حياة غاية في الصعوبة وأجواء لا تتناسب مع كرة القدم. ولكن الفرحة مع كل انتصار يحققه المنتخب المصري في البطولة كان يزيل كثيرا من هذه الصعوبات ويجعل البعثة عازمة علي مواصلة المشوار رغم الصعوبات الكبيرة والرغبة في تحقيق لقب البطولة وإسعاد الشعب المصري. وتحكي "الكورة والملاعب" بعض كواليس رحلة الفراعنة إلي الجابون. علي مدي 26 يوما شهدت بعض القصص والحكايات ورغم صعوبتها ولكنها تبقي تجربة مميزة إلي حد كبير ستظل عالقة في أذهان كل أفراد البعثة المصرية التي ظلت تعيش خلال هذه الأيام علي أمل أن تزول تلك الصعوبات بتحقيق اللقب القاري الذي انتظره الملايين. البداية.. صدمة الحر والرطوبة: رغم أن المنتخب وصل إلي بورت جنتيل ليلا بعد رحلة طيران من القاهرة استمرت ست ساعات وربع الساعة تقريبا. ورغم أن الجميع غادر العاصمة المصرية بملابس شتوية ثقيلة مع انخفاض درجة الحرارة. فإن الجميع صدم من شدة الحرارة في بورت جنتيل والتي اقتربت من 40 مئوية مع ارتفاع الرطوبة بشكل صعب للغاية. وظهرت علامات الصدمة علي وجه اللاعبين وجميع أفراد البعثة في بورت جنتيل بعد الوصول للمطار وحاول البعض إظهار أنه كان يتوقع الأمر. ولكن لم يكن الجميع يعلم أن الأزمات ستبدأ مع اللحظة الأولي لوصول الفريق إلي مكان إقامة مباريات المجموعة الرابعة. غرف سيئة وحشرات في كل مكان: لم يمهل الوقت أفراد البعثة ولاعبي المنتخب. حيث تلقي الفريق الصدمة الثانية. بعدما ذهل الجميع من شكل فندق الإقامة الذي أكد من اللحظة الأولي أن العيش طوال 19 يوما في هذا الفندق سيكون بمثابة التجربة الأصعب بالنسبة لنجوم كبار يمتلك أغلبهم الملايين ودائما يعيشون في أفضل الفنادق والمنازل. وأصبح عليهم التعامل والتكيف مع وضع غاية في الصعوبة. وذهل لاعبو المنتخب بمجرد رؤيتهم للغرف الضيقة للغاية والسيئة كذلك. بل واعترض بعضهم علي الإقامة في هذا المكان وطالبوا بضرورة إيجاد فندق بديل ولكن إدارة البعثة حاولت تهدئة النجوم وأكدت لهم أن اختيار الفنادق كان بعد قرعة علنية لجميع المنتخبات المشاركة بالبطولة ولم يختر أي فريق مكان إقامته ولا توجد هناك فنادق أخري في المدينة التي هي في الأساس صغيرة للغاية ولا يسكنها أكثر من 100 ألف شخص وتعاني نقصا شديدا في الخدمات والمرافق. أكثر الأشياء التي أثارت غضب البعثة. رؤية الحشرات في كل مكان داخل الغرف التي كانت مغلقة وكذلك مرور السحالي في كل مكان والعناكب التي انتشرت داخل الغرف وهم الجميع ليكافح الحشرات والعناكب في ظل الإجهاد الشديد والتعب الذي حل بالجميع ورغبتهم في الحصول علي الراحة والنوم حتي وإن كان المكان سيئا. الجالية اللبنانية.. وتحية واجبة: بعد ليلة صعبة للغاية. بدأ اللاعبون وأفراد البعثة يدركون أنه لا مفر من الاستمرار في هذا الوضع السييء ومحاولة التكيف معه بشتي الطرق من أجل المنافسة علي لقب البطولة القارية لأن 92 مليون مشجع ينتظرون ويراقبون الفريق في البطولة ولا يعرف أي منهم مدي الصعوبات التي تعيشها البعثة. ما هون من أزمات البعثة. في اليوم التالي للوصول. كانت الجالية اللبنانية والتي سعت لإنهاء مشاكل الجميع بتسهيل تغيير العملات المحلية وحل أزمة الاتصالات والتنقلات وغيرها من الأمور ما ساعد البعثة علي التكيف سريعا مع الوضع. وبالفعل كانت الجالية اللبنانية في الجابون خير داعم للبعثة المصرية طوال فترة وجودها. ولم يتوقف دعمهم للبعثة عند حل أزمات الجميع. بل وكذلك التشجيع والإقبال علي شراء التذاكر والتي وصل ثمن التذكرة في المباراة الواحدة منها قرابة 10 دولارات. أي بقيمة أكثر من 180 جنيها مصريا في كل لقاء. وكان يتجمع أكثر من 150 لبنانيا للهتاف للاعبين والبعثة قبل كل مباراة وتدريب ويتواجدون في الملعب للتأكيد علي أنهم خلف الفراعنة. وهو الأمر الذي هون كثيرا من الأزمات. الاستيقاظ في الليل فزعا: أصعب الأوقات عاشتها البعثة. هي الاستيقاظ في الليل من شدة الفزع والرعب بسبب شدة الأمطار والسيول التي ظلت تضرب مدينة بورت جنتيل علي مدي ال19 يوما التي قضاها الفريق في تلك المدينة خلال مباريات الدورين الأول والثاني. السيول كانت تضرب المدينة وبشكل مرعب ليلا وخلال نوم اللاعبين كانوا يستيقظون في حالة فزع شديدة خاصة وأن الغرف كانت مباشرة تضربها الأمطار القوية وبصوت مرتفع مع شدة موجات البرق والرعد والتي كان صوتها قاتل تماما. حيث لم يهنأ اللاعبون علي ليلة واحدة من النوم الهادئ طوال فترة الإقامة في هذه المدينة في ظل ضربات السيول المتتالية. أغرب شيء أنه بمجرد انتهاء موجات السيول تظهر المدينة وكأن شيئا لم يحدث علي الإطلاق حيث تخرج المياه في ممرات تصريف الأمطار مباشرة وتظهر المدينة بدون مشاكل أو أزمات. حتي أن بعض أفراد البعثة قال مداعبا اللاعبين: "لو كل الأمطار دي في مصر. كانت طنطا أصبحت مدينة ساحلية الآن". أبوريدة وزوجته: المهندس هاني أبو ريدة رئيس اتحاد الكرة فاجأ الجميع عندما حضر إلي بورت جنتيل بصحبة زوجته حيث أكد أنه أصبح في الفترة الأخيرة يصطحبها معه في كل مكان خاصة وأن صحته تراجعت مؤخرا بشكل واضح وباتت تصر علي التواجد معه من أجل مساعدته حيث لم يعد قادرا علي التعامل مع الرحلات المستمرة. وبصفته عضوا في المكتب التنفيذي للاتحاد الإفريقي لكرة القدم. كاف. حضر من سويسرا إلي العاصمة ليبرفيل لحضور الافتتاح واجتماعات "كاف". وكان مطلوبا منه المرور علي باقي المدن التي تقام فيها المباريات ويحضر ليلة كل مباراة إلي بورت جنتيل لدعم الفراعنة والاجتماع باللاعبين من أجل تحفيزهم ومطالبتهم بحصد اللقب. 28 ألف جنيه تكاليف الغسيل: في الأسبوع الأول لوصول البعثة إلي بورت جنتيل. طالبت إدارة فندق الإقامة. الفريق بضرورة تسديد قرابة 28 ألف جنيه مصري قيمة غسيل ملابس لاعبي الفريق وأفراد البعثة في مغسلة الفندق. وبالطبع تضاعف الرقم كثيرا مع استمرار الفريق في البطولة ونجاحه في عبور الدور تلو الآخر حتي وصل إلي المباراة النهائية أمام نظيره الكاميروني. مروان محسن.. بلاش تصوروني علشان خاطر أهلي: الصدمة الأكبر للبعثة كانت في إصابة مروان محسن بالرباط الصليبي خلال مباراة منتخب المغرب وحالة الإحباط التي سيطرت علي اللاعبين رغم السعادة ببلوغ الدور نصف النهائي والتوجه إلي العاصمة ليبرفيل ومواجهة بوركينا فاسو. مروان محسن ظهر عليه الحزن وطلب من جميع أفراد البعثة الإعلامية المرافقة بعدم تصويره وهو في هذه الحالة حيث كان يتحرك بمساعدة سعد سمير ومحمود تريزيجيه لعدم قدرته علي الحركة تماما مؤكدا أن والديه لا يعلمان حقيقة الإصابة التي يعاني منها ولا يرغب في أن تصل الصورة بهذا الشكل إلي القاهرة ويراها والداه وتكون بمثابة صدمة بالنسبة لهما وأنه سيخبرهما بحقيقة إصابة بمجرد عمل الأشعة والفحوصات الطبية في العاصمة. وبالفعل التزم الجميع ورفضوا تصوير لاعب الأهلي وهو يتحرك بمساعدة زملائه مراعاة لأسرته. رعب الحضري ونبيه في الطائرة عاش عصام الحضري حارس الفراعنة وقائد الفريق. وكذلك أسامة نبيه. المدرب العام للمنتخب لحظات من الرعب الشديدة خلال رحلة الفريق من بورت جنتيل إلي العاصمة ليبرفيل رغم أن الرحلة لم تستغرق سوي 25 دقيقة بالطيران الداخلي. وبمجرد أن رأي نبيه الطائرة التي ستقل الفريق وصغر حجمها وإمكانياتها المتواضعة ظل في حالة رعب شديدة للغاية مؤكدا أنه يخشي من هذه الرحلة. بينما ظل الحضري في حالة رعب طوال ال25 دقيقة وظهرت عليه علامات الخوف الشديدة. وحاول أحمد المحمدي لاعب هال سيتي. إخراج الحضري من حالة الرعب التي عاشها وقال له: "انت لفيت العالم كله. ولسة بتخاف من الطيارات يا حضري". قبل أن يرد عليه قائد الفراعنة: "اسكت يا محمدي أنا مش ناقصك". النني إماما في صلاة الجماعة ليلة المباراة: وتولي محمد النني لاعب آرسنال الإنجليزي مهمة إمامة اللاعبين في الصلاة الجماعية ليلة كل مباراة. حيث اعتاد اللاعبون علي صلاة العشاء في جماعة بممر غرف فندق الإقامة ليلة كل لقاء. حيث يمر النني علي الغرف ويطالب اللاعبين بالتجمع للصلاة. ويتولي إمامتهم وهو التصرف الذي نال استحسان الجميع.