كرة القدم أكثر شيء حظاً في الدنيا.. كثير من المواهب تاهت وضاعت واندثرت.. منهم حالت ظروف وجوده في الصعيد أو الوجه البحري دون حضوره إلي القاهرة أو الإسكندرية أو الإسماعيلية لأحد الأندية الكبري بسبب الفقر والحالة الاقتصادية الصعبة.. أو لعدم وجود من يأخذهم إلي الأهلي والزمالك والترسانة والإسماعيلي والاتحاد والمصري وغيرها من الأندية الكبري. بعضهم جاء بالصدفة للاختبارات مع آخرين ولعبوا هم وأخذوا الفرصة بينما أخفق وضاع من ذهب أصلاً للاختبارات مثال ذلك أحمد شوبير كابتن مصر والنادي الأهلي ونائب رئيس اتحاد الكرة الأسبق. أراد أحد الأشبال أن يذهب إلي القاهرة لعمل اختبارات في الأهلي.. هو من طنطا ويخاف أن يذهب وحده فأقنع صديقه أحمد شوبير أن يذهب معه إلي القاهرة.. هذا الشبل الموهوب اسمه رمضان القللي.. اقتنع شوبير وحضر مع القللي ووقف يتفرج علي صديقه وهو يؤدي الاختبارات نجح في الاختبار الأول.. ثم الثاني.. لكنهم قلشوه في الاختبار الثالث فجلس يبكي مما أثار غيظ وحفيظة أحمد شوبير علي عدم اختيار صديقه رمضان القللي واشتري شورت وفانلة وحذاء وشراب وفوطة وقيد اسمه ضمن المتقدمين للاختبارات كحارس مرمي وتم اختباره خمس مرات وكان مصطفي حسين أبوالأشبال يمر علي الاختبارات ولفت نظره هذا الشبل الصغير الذي يلتقط الكرات بمهارة عالية فقال لفتحي نصير.. الولد ده هيبقي جون كويس قيدوه ويجيب شهادة ميلاده. كان سفر شوبير مع صديقه رمضان القللي إلي القاهرة نقطة تحول في حياته.. لعب لأشبال الأهلي وصبر وصعد للفريق الأول ومنتخب مصر وصار كابتن الأهلي والمنتخب ولم يكن يفكر أبداً في السفر إلي القاهرة والاختبار لولا إلحاح صديقه رمضان عليه. هذه نقطة تحول كبري لعبت الصدفة دورها فيها.. منير كمال أسطوة الأشبال حكاية أخري عكس الأولي وهي حكاية اللاعب منير كمال شبل نادي الزمالك تحت 16 سنة.. كان أسطورة.. قالوا إنه يفوق عبدالكريم صقر وصالح سليم والفناجيلي وحمادة إمام وغيرهم.. كانوا يطلقون عليه خلطة جارنيشيا وبيليه معاً وتم تصعيده للفريق الأول بنادي الزمالك وتم اختياره لمنتخب مصر المشارك في دورة روما الأوليمبية عام 1960 لكنه أصيب بالرباط الصليبي في قدمه اليسري التي يتفوق بها وأجري عملية جراحية فيها فأصيب بكسر في قدمه اليمني وأجري عملية جراحية فيها واستبعد في آخر لحظة من السفر إلي الدورة الأوليمبية وسافر بدلاً منه نبيل نصير وكان هو الآخر حكاية وأسطورة وهو صغير وهكذا اعتزل منير كمال قبل أن يبلغ العشرين وفقدت مصر موهبة نادرة لا تتكرر.. وكما قلنا الدنيا فعلاً حظوظ. الخطيب ومصطفي يونس وقفا مع الفقير ضد صاحب المرسيدس هذه الحكاية تختلف كثيراً عن السابقتين. في بداية السبعينيات كان في الأهلي مجموعة من اللاعبين الموهوبين فوق العادة.. فبعد عبدالعزيز عبدالشافي "زيزو" جاء جيل الخطيب وإكرامي ومصطفي يونس ومصطفي عبده ونبيل البحطيطي وغيرهم.. ثم مجموعة طاهر أبوزيد وجيله. كان في جيل الخطيب لاعب فذ وموهبة كبري اسمه مصطفي عمر يلعب جناحاً أيمن أو أيسر وأحياناً يلعب في خط الوسط.. هذا اللاعب كان هدافاً وموهوباً ويأتي في قائمة الهدافين بعد محمود الخطيب. كانوا جميعاً من مناطق شعبية فقيرة.. محمود الخطيب من عين شمس.. إكرامي من حلمية الزيتون.. مصطفي يونس من شبرا البلد.. مصطفي عمر من الزيتون.. كانوا يذهبون إلي النادي الأهلي شعبطة في الأتوبيسات المزدحمة.. وفي أحيان كثيرة يأخذون نصف المسافة سيراً علي الأقدام. الخطيب ويونس يخلعان فانلة الأهلي في يوم 8 فبراير 1972 كانت هناك مباراة بين الزمالك والأهلي تحت 18 سنة بملعب حلمي زامورا بالزمالك. في غرفة خلع الملابس بالنادي الأهلي أحضر حمبولا عامل الغرفة الملابس للاعبين وجلسوا يرتدون الشورت والفانلة والحذاء. وقف فتحي نصير مدرب الفريق يقرأ أسماء اللاعبين الذين سيشاركون أمام الزمالك ويلقي عليهم المحاضرة الأخيرة. قال: سيلعب جمال سليم حارساً للمرمي وسلامة أبوالعلا ونشأت ومصطفي يونس ومصطفي زهران لخط الظهر ومحمد سامي ومحمد حلمي لخط الوسط ومصطفي عمر ومحمود الخطيب ومحمود عبدالفتاح ونبيل البحطيطي لخط الهجوم. خرج اللاعبون من باب مستشفي المعلمين ليركبوا الأتوبيس.. فجأة حضر شاب وسيم أنيق.. شعره مكوي.. وجهه يلمع.. نزل من سيارة مرسيدس كان يقودها بنفسه. هذا الشاب كان لاعباً تحت 18 سنة بأشبال الأهلي اسمه عادل يسري من عائلة ثرية جداً.. والده عضو عامل من كبار الأعضاء بالنادي. سأله المدرب: كنت فين يا عادل اليومين اللي فاتوا؟ كنت تعبان شوية يا كابتن ومتأسف إني جيت متأخر! قال له المدرب.. طيب اركن سيارتك وتعالي اركب معانا الأتوبيس. رد ابن الذوات.. طيب بعد إذنك يا كابتن سوف أسبقكم إلي نادي الزمالك. طيب أوكيه.. قابلنا هناك! دخل عادل يسري غرفة خلع الملابس عند العامل صبحي بنادي الزمالك وهنا نادي المدرب علي اللاعب مصطفي عمر وقال له: يا مصطفي اقلع فانلتك رقم 7 واديها لعادل يسري هيلعب بدلاً منك.. جلس مصطفي عمر يبكي في ركن الغرفة وشعر زملاؤه بالحزن عليه وهنا صاح محمود الخطيب ومصطفي يونس في صوت واحد.. لأ يا كابتن.. عادل يسري لم يشترك في آخر تدريب ومصطفي عمر جاهز وحرام يتظلم وبصراحة إذا لم يلعب لن نلعب.. وبالفعل خلع كل من الخطيب ومصطفي يونس فانلته وبدلاً من التسخين جلسا علي الدكة بغرفة خلع الملابس.. تأزم الموقف ووصل مصطفي حسين المشرف علي قطاع الناشئين بالأهلي "أبوالأشبال" وعرف الحكاية وقال للمدرب: لأ.. بل الذي سيلعب هو مصطفي عمر.. وعادل يسري مش هيلعب لأنه لم يشارك في التدريب الأخير ولم يركب الأتوبيس مع اللاعبين وحضر بسيارته المرسيدس مما سيسبب حزازات بين لاعبي الفريق. عمر يصنع هدفاً للخطيب ويسجل الثاني في شباك الزمالك ارتدي عادل يسري الفانلة رقم 14 وجلس احتياطياً لاحتمال أن يكون مصطفي عمر سيئاً فيسحبه المدرب في نهاية الشوط الأول ويشرك بدلاً منه عادل لكن عمر كان نجم الشوط الأول بجدارة وأرهق خط ظهر نادي الزمالك كله وأثار في لاعبيه الذعر وكان مستحيلاً أن يتم تغييره. انتهي الشوط الأول بالتعادل السلبي.. وفي أول ربع ساعة من الشوط الثاني جري مصطفي عمر من ظهير الزمالك ولعب كرة عرضية بالمقاس علي رأس محمود الخطيب فسجل هدفاً جميلاً بالرأس.. وبعده بثلاث دقائق راوغ عمر قلبي دفاع الزمالك وأضاف الهدف الثاني ليخرج الأهلي فائزاً 2/صفر علي ملعب الزمالك. هزيمة قاسية للزمالك 7/1 والناشيء خالد كامل احتياطياً!! كانت المباراة الثانية علي ملعب الأهلي وأصيب مصطفي زهران الظهير الأيسر ونصح مصطفي حسين رئيس القطاع المدرب بأن يستعين بالظهير الأيسر لفريق تحت 16 سنة خالد كامل "رئيس تحرير جريدة الكورة والملاعب حالياً" وبعد الكشف الطبي أعلن الطبيب أن زهران يستطيع أن يشترك في المباراة فجلس خالد كامل احتياطياً. أخطأ مصطفي يونس وافتتح عنتر سعيد مهاجم الزمالك بتسجيل هدف في شباك الأهلي وكان ويلاً علي الفريق فتقدم مصطفي يونس ليصلح غلطته وسجل هدف التعادل للأهلي وتألق وتقدم ومرر لمحمود الخطيب ليسجل هدفين. وفي الشوط الثاني لعب مصطفي عمر بدلاً من عادل يسري فسجل الهدف الرابع وسجل محمود عبدالفتاح هدفين ومحمد سامي هدفاً لينال الزمالك أقسي هزيمة 7/1 ويحصل الأهلي علي البطولة. الخطيب مع المنتخب في مهرجان الشباب بالجزائر!! كانت هذه المباراة نقطة تحول في تاريخ عدد كبير من لاعبي الأهلي فتم تصعيد مجموعة منهم للفريق الأول من بينهم محمود الخطيب ومصطفي يونس وتم اختيارهما ضمن منتخب مصر للشباب تحت 23 سنة المشاركين في مهرجان الشباب العربي الأول بالجزائر في يوليو 1972 وأبدع الخطيب وفاروق جعفر ومجدي كامل وطاهر الشيخ ورفعت قاسم في هذه الدورة وحقق الفريق المصري الفوز في كل المباريات ومنعاً للحساسيات تم منح كل فريق كأساً وسيطر علي الدورة حزناً شديداً لاغتيال شقيق مروان كنغاني حارس مرمي الأهلي الأسبق "الفلسطيني الجنسية" والزوج الأسبق لمذيعة التليفزيون الأهلاوية نجوي إبراهيم. أحمد عبدالباقي يدمر مصطفي عمر بدأ الكابتن محمد عبده صالح الوحش مدرب الفريق الأول يضع عينيه علي لاعبي تحت 18 سنة وبدأ يجري مباريات تجريبية بين الفريق الأول وفريق تحت 18 سنة.. استعداداً لمباراة المحلة في كأس مصر بالمحلة.. كان يلعب مع الفريق الأول عصام عبدالمنعم وحسن جعفر وحسن حمدي وأحمد ماهر ومحمود عبدالحي وعادل الجمال وإبراهيم عبدالصمد وشريف مدكور وشريف عبدالمنعم وأحمد عبدالباقي وغيرهم. في المباراة الأولي فاز الفريق الأول علي الأشبال 2/1 سجلهما محمود عبدالحي وإبراهيم عبدالصمد وسجل لفريق 18 سنة مصطفي عمر. وفي المباراة الثانية فاز الفريق الأول 5/1 وافتتح مصطفي عمر الأهداف بهدف لفريق 18 سنة.. كان شريف مدكور يلعب رأس حربة وسجل هدف ثم أعاده محمد عبده صالح الوحش ليلعب ظهيراً وكان يلعب أمامه مصطفي عمر وأشبعه ترقيصاً ونقله الوحش ليلعب جناحاً أيسر علي أحمد عبدالباقي الذي كان قد انتقل منذ شهور للأهلي قادماً من المنيا.. مر منه مصطفي مرة ومرة ثانية وفي المرة الثالثة دخل أحمد عبدالباقي بعنف في ركبته فأسقطه علي الأرض يصرخ ويتلوي وبعد أن كان الوحش يجهزه لمباراة المحلة تم نقله إلي المستشفي مصاباً بقطع في الرباط الصليبي وعولج بالخطأ وفشل في أن يعالج علمياً وبدأ يعالج نفسه بالمراهم والمسكنات وضاع مستقبله كواحد كان يمكن أن يكون نجماً في مستوي محمود الخطيب وزيزو ومصطفي يونس ومصطفي عبده وإكرامي. أقنعه سمير قطب مدرب فريق الطيران أن ينضم للفريق مع السرجاني ورفعت قاسم وإسماعيل ريان وفاروق فوزي وأحمد ماهر وإسماعيل ريان وعصام شعبان لكن الآلام عاودته من جديد فتوقف ثم عولج لفترة وأقنعه صديقه أحمد أبورحاب أن يلعب لإسكو مع حمدي نوح وياسر محمد والد حسين ياسر محمدي وشوقي السيد وغيرهم لكنه كسر أحمد عبدالباقي أقنعه بأن هذه هي نهايته كلاعب فاشتغل بالتدريب واعتزل بعد أن طلب منه أحد الحكام رشوة لينقذ فريقه من الهبوط إلي الدرجة الثانية. أقسم مصطفي عمر أن يترك مصر نهائياً وسافر إلي إيطاليا بحثاً عن عمل واستمر هناك عامين.. ومن هناك سافر إلي إنجلترا واستقر فيها منذ 15 عاماً وساعده شاب تونسي في البحث عن عمل كمساعد مدرب بنادي ويمبلي وبدأت مرحلة جديدة في حياته بعد أن توفت زوجته كريمة واصطحب معه أولاده وأولادها الثلاثة إيمان وهاني ومروان وتزوج من فتاة أخري مصرية اسمها ماجدة أنجب منها مصطفي ومجدي ونانسي.