أصحو كل يوم من نومي لأجده في انتظاري كالعادة، يصحو قبلي حتى لا يضيع أية دقيقة دون أن يعذبني فيها، ويجعلني أرى الجحيم في كل ساعة، لكنني اليوم قررت أن أهرب منه.. حتى افوت عليه هذه الفرصة ولو ليوم واحد في عمري، ارتديت ملابسي سريعاً وهرعت إلى الشارع، ولم أنسى أن أحمل معي قدر لا بأس به من التفاؤل والأمل . كنت أبتسم للمارة في الطريق علَّه يراقبني فيموت كمداً، أخرجت هاتفي الجوال وأخذت أفحص الأسماء جيداً، من يمكنني أن أهاتفه الآن ويصحو لأجلي ويأتيني؟؟، ممم.. صديقة عمري (ياسمين)، شرعت في الاتصال بها، لم تجب حتى بعد المرة العاشرة، يبدو أن طفلها (عبد الرحمن) قد أعياها تعباً وسهراً، ربما لا تصحو قبل العصر . ومروة هي الأخرى كذلك.. ولدها لم يكمل سنته الثانية إلى الآن، إذاً عبد الحميد سيأتي لقضاء اليوم معي، هاتفته لأجده في العمل مشغول هو الآخر بشئ له قيمة.. فكيف يتركه لأجلي؟، لم أطلب منه أن يأتي، إذاً من يمكنني أن أهاتفه ليكون رفيقي اليوم؟؟ وبعد بحث طويل اكتشفت أنهم جميعاً مشغولون.. إما بالعمل أو بالنوم، ما ذنبي إذا كان النوم تركني والعمل لم يقبل بي؟، لا لن أعود إلى بيتي فقد تركته منذ نصف ساعة فقط . نصف ساعة أسير وحدي في شوارع القاهرة دون رفيق أو أنيس مرت كأنها دهور، آه من هذه الوحدة.. تجعل الوقت يمر ببطئ شديد، أمضيت ساعات في الشارع أسير.. أقف.. أشتري بعض الجرائد، أو أجلس على "كافيه" بعض الوقت، أنظر في الساعة لأجد أنني لم أضيع من عمري سوى ساعتين فقط، تعبت.. سأعود للمنزل للأسف ليقابلني بابتسامته الساخرة، فقد انتصر عليَّ رُغم كل شئ، وسيظل يستمتع بتعذيبي بقية اليوم . دخلت من باب حجرتي لأجده أمامي متكئاً على سريري، حسناً هيا إفعل ما شِئت.. فيبدو أني سأظل ملكك بقية عمري أيها الفراغ المقيت .