أسعار المأكولات البحرية والجمبري اليوم الجمعة 22-8-2025 في محافظة قنا    "إنستاباي" يعلن توقف مؤقت للخدمات لإجراء تحديثات دورية    محافظ الجيزة: خطة عاجلة لتحديث مرافق المنطقة الصناعية بأبو رواش وتطوير بنيتها التحتية    وزير الزراعة: الصادرات الزراعية تحقق 6.8 مليون طن حتى الآن    روسيا تعتقل عميلين للاستخبارات العسكرية الأوكرانية وتجري مناورات في بحر البلطيق    مدبولي يدعو رئيس وزراء اليابان لإقامة منطقة صناعية بقناة السويس    مصادر طبية فلسطينية: 30 شهيدًا في غارات للاحتلال على غزة منذ الفجر    زلزال بقوة 5.4 درجة يضرب جنوب تايوان    إيران: عراقجي سيجري محادثات هاتفية مع نظرائه من الترويكا الأوروبية لبحث الملف النووي    الزمالك يكشف تفاصيل إصابة أحمد حمدي    نجم الأهلي السابق يرشح هذا النادي كمنافس أول للدوري.. ليس الزمالك أو بيراميدز    أيمن يونس: تغييرات فيريرا حافظت على الفوز أمام مودرن    المرور اليوم.. سيولة مرورية في معظم شوارع القاهرة والجيزة    حالة الطقس اليوم الجمعة 22-8-2025 في محافظة قنا    بسبب خلافات سابقة.. اعتداء 4 أشخاص على شاب بالأسلحة البيضاء في الحوامدية    وزير الثقافة يستقبل وفدًا من الموهوبين ببرنامج "اكتشاف الأبطال" بقرى "حياة كريمة"    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 22-8-2025 في محافظة قنا    تسجيل مركز قصر العينى KCCR بالمجلس الأعلى لمراجعة أخلاقيات البحوث الإكلينيكية    ليس دائمًا عدوًّا للصحة، كيف يؤثر ارتفاع الكوليسترول على أعضاء الجسم؟    هل يساعد فيتامين "د" في الوقاية من سرطان القولون والمستقيم؟    قمة ألاسكا.. سلام «ضبابي»| ترامب وبوتين «مصافحة أمام الكاميرات ومعركة خلف الأبواب»    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الجمعة 22 أغسطس 2025    «زي النهارده» في 22 أغسطس 1948.. استشهاد البطل أحمد عبدالعزيز    «زي النهارده«في 22 أغسطس 1945.. وفاة الشيخ مصطفى المراغي    معجزة جديدة ل أطباء مصر.. طفلة جزائرية تقف على قدميها مجددًا بعد علاج 5 أشهر (فيديو)    90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الجمعة 22 أغسطس 2025    تنفيذ الإعدام بحق المتهم بقتل وكيل وزارة الزراعة الأسبق وزوجته بالإسماعيلية    كيف يتصدى مركز الطوارئ بالوكالة الذرية لأخطر التهديدات النووية والإشعاعية؟    شراكة حضارية جديدة بين مصر والصين في مجال التراث الثقافي «المغمور بالمياه»    أثناء قيادته دورية، ترامب يقدم البيتزا والهامبرجر لقوات الشرطة والحرس الوطني في واشنطن (فيديو)    لو بطلت قهوة.. 4 تغييرات تحدث لجسمك    مقتل شاب في الأقصر إثر مشاجرة بسبب المخدرات    مواعيد مباريات اليوم في الدوري الانجليزي والقنوات الناقلة    منتخب الناشئين يهزم السعودية وديا    عاصي الحلاني ينتقد فكرة ظهور المعجبات على المسرح.. ماذا قال؟    الإيجار القديم.. محمود فوزي: تسوية أوضاع الفئات الأولى بالرعاية قبل تحرير العلاقة الإيجارية    إذاعة القرآن الكريم| هاجر سعد الدين أول سيدة بمتحف الأصوات الخالدة    انخفاض جديد في عيار 21 بالمصنعية.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الجمعة بالصاغة محليا وعالميا    هل يمكن تحديد ساعة استجابة دعاء يوم الجمعة ؟ دار الإفتاء توضح    «خير يوم طلعت عليه الشمس».. تعرف على فضل يوم الجمعة والأعمال المستحبة فيه    حرق الكنائس.. جريمة طائفية ودعوة للتدخل الأجنبي    بيان «المحامين» يكشف الحقيقة في اجتماعات المحامين العرب بتونس    صفات برج الأسد الخفية .. يجمع بين القوه والدراما    محمد رمضان يستفز جمهوره في مصر ب فيديو جديد: «غيرانين وأنا عاذرهم»    وائل الفشني يكشف موقفا محرجا تعرض له: «أنبوبة بوتاجاز أنقذتني من بلطجي»    ليلة استثنائية في مهرجان القلعة.. علي الحجار يُغني المشاعر وهاني حسن يُبدع بالسيمفوني| صور    تنفيذ حكم الإعدام في مغتصب سيدة الإسماعيلية داخل المقابر    لاعب الأهلي الأسبق: ديانج لا غنى عنه.. وبن رمضان الصفقة الأفضل    قبل انطلاق النسخة الثالثة.. صفقات أندية دوري المحترفين موسم 2025-2026    تعليم الجيزة تواصل أعمال الصيانة والتجديد استعدادا للعام الدراسي الجديد    نصر وشاكر ضمن قائمة أقوى قيادات البنية التحتية الرقمية في إفريقيا    المندوه يكشف آخر تطورات أزمة سحب أرض أكتوبر ويكشف حقيقة المول    كايد: المباراة ضد مودرن كانت صعبة.. ولم أتوقع هذا الحب من جماهير الزمالك    إحالة أوراق المتهم بقتل أطفاله الأربعة في القنطرة غرب إلى مفتي الجمهورية    متحدث "أونروا" في غزة: عملية الاحتلال في المدينة ستؤدي إلى "تسونامي إنساني"    مصرع شابين غرقا بنهر النيل فى دار السلام بسوهاج    خالد الجندي: الدفاع عن الوطن وحماية مصالحه من تعاليم الإسلام    هل يستجاب دعاء الأم على أولادها وقت الغضب؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بلال فضل يكتب في التحرير: هل أجرمنا فى حق عساكر الأمن المركزى؟
نشر في كلمتنا يوم 21 - 07 - 2011

لا أدرى إذا كان المهندس أسامة أحمد كامل قد قرر أن يرسل إلىّ هذه الرسالة بعد أحداث الأمن المركزى فى الدخيلة، لكن ما أدريه أن رسالته شديدة الأهمية وتستحق أن تنشر كاملة لعلها تحرك القلوب الغليظة فى هذا الوطن:
«منذ سنوات طوال ينتابنى شعور بالخزى كلما ألح علىّ هذا السؤال: هل أجرم المصريون فى حق مجندى الأمن المركزى؟ لقد ناضل البعض منا من أجل كثير من قضايا الوطن، ولكن رغم ذلك غابت عن ساحة النضال هذه القضية الجوهرية، هل لأن هؤلاء الضحايا فقراء ولا يملكون القدرة على المطالبة بأبسط حقوق الإنسان؟ وأين كنا نحن القادرين والأغنياء والمثقفين؟ هل فقدنا الرؤية وتحجرت مشاعرنا؟ أعتقد أنه بعد ثورة 25 يناير أصبح من العار أن نستمر فى غض الطرف عن هذه القضية المهمة.
جنود الأمن المركزى الذين يعتبرهم النظام الحاكم العصا التى يضرب بها كل من يحاول الاعتراض على سياساته هم من الشباب الأميين الكادحين والمنحدرين غالبا من القرى، ولذلك يبدو الفقر والمرض واضحا على ملامحهم. وغالبيتهم متزوجون فى سن صغيرة كعادة أهل الريف، وبانضمامهم الى الخدمة العسكرية تفقد عائلاتهم المصدر الرئيسى للدخل الذى يعين هذه الأسر على الحياة. وقد رأيت بعينى فى معسكرات التدريب بالدرّاسة كيف تُنتهك آدميتهم ليتعلموا الوحشية وطاعة الأوامر أيا كان نوعها، رأيتهم يُساقون فى الطوابير القاسية التى لا تنتهى ومن خلفهم الشاويش أو العريف بيده خيزرانة غليظة يلهب بها ظهورهم فى قيظ الشمس، إنه مقهور مثلهم ولكنه ينفذ تعليمات الباشا الصغير الذى ينفذ تعليمات الباشا الأكبر فالأكبر وهكذا حتى آخر المنظومة الظالمة، وهم بذلك لا يستطيعون إلا أن ينفذوا الأوامر وإلا تعرضوا للبهدلة والمحاكمة. يقع مكتبى فى طريق المطار وكنت أراهم يوميا يصطفون على جانبى الطريق دون حراك لعشرات الساعات انتظارا لمرور موكب الرئيس أو حرم الرئيس، رأيتهم يُهانون بالعمل فى منازل بعض كبار الضباط وعزبهم، ومن كثرة الجنود المخصصين منهم لخدمة القيادات رأيت منهم من تخصص فى تلميع أحذية الباشا وغير ذلك من الأعمال المهينة.
وفقا لدراسة صادرة عن مركز الدراسات الاشتراكية فإن فكرة استخدام الأفراد المجندين فى أعمال الأمن تعود إلى ثورة 1919 وعجز قوات الشرطة المحدودة وقتها عن مواجهتها، مما دفع الاستعمار الإنجليزى إلى الاستعانة بمجندين من الجيش لاستخدامهم فى قمع التظاهرات. وعادت الفكرة للظهور فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر عندما اندلعت تظاهرات عمال حلوان فى فبراير 1968 احتجاجا على الأحكام الصادرة ضد قادة سلاح الطيران المتهمين بالإهمال والمسؤولية عن الهزيمة، وعجزت قوات الأمن عن مواجهتها، فأصدر وزير الداخلية آنذاك قرارا برقم 1010 لسنة 1969، أنشأ بمقتضاه جهاز الأمن المركزى، وخصه بمواجهة أعمال الشغب التى تعجز قوات الأمن العادية عن مواجهتها، ولم يتجاوز عدد جنود الأمن المركزى آنذاك خمسة آلاف جندى. ومع اتساع نطاق النضالات الجماهيرية فى السبعينيات، اتسعت أيضا قوات الأمن المركزى حتى وصلت إلى الذروة فى أعقاب انتفاضة يناير 1977، وقد طوّرت وزارة الداخلية استراتيجيتها وتكتيكاتها ضمن ما عُرف بسياسة الأمن الوقائى فى عهد النبوى إسماعيل، بما يعنى توجيه ضربات إجهاضية إلى أى تحرك سياسى أو اجتماعى وهو لا يزال فى المهد. وهكذا تضاعفت أعداد جنود الأمن المركزى حتى بلغت أكثر من نصف مليون، وانتقل تسليح الجهاز أيضا من العصى والقنابل المسيلة للدموع والبنادق إلى المدافع الرشاشة والسيارات المدرعة.
أكدت الدراسة التى أجراها الباحث إبراهيم الصحارى أن أغلب جنود الأمن المركزى ينظر إلى فترة التجنيد البالغة ثلاث سنوات على أنها عقوبة وتمر بأى صورة، فالمعسكرات بالنسبة إليهم سجن، حيث يعيشون فى معسكرات ضخمة من الخيام لا تتضمن أى مرافق مريحة، وهم ينامون على الأرض ولا تتوافر لهم دورات مياه آدمية. كما أن التغذية التى تصرف لهم لا تتناسب مع ما يبذلون من جهد شاق، حيث وصل متوسط ثمن الوجبة عن اليوم الواحد شاملا الإفطار والغداء والعشاء 94 قرشا طبقا لعقد توريد أغذية 1989/ 1990 وذلك بعدما تحسنت التغذية كثيرا بعد أحداث فبراير 1985. ولا يحصل جنود الأمن المركزى على إجازات إلا لفترات قليلة ومتباعدة، وهم يتعرضون لتدريبات شاقة ولا إنسانية ويتعامل معهم الضباط كأنهم آلات صماء بلا مشاعر أو إرادة. فمن بين أساليب تدريبهم إجبارهم على الوقوف ثمانى ساعات لا يتحركون خلالها ولو لقضاء الحاجة، فضلا عن شحنهم ضد أى مشاعر إنسانية قد تنتابهم فى أثناء أداء مهمتهم بتدريبهم على ضرب بعضهم بعضا. إذن الحياة فى المعسكر بالنسبة إلى جندى الأمن المركزى تشبه السجن تماما. ويعمق إحساسهم بالظلم التناقض المخيف بين بؤس حياتهم فى المعسكرات والرفاهية البادية فى الأماكن التى يكلفون بحمايتها، من بنوك وشركات وسفارات وفنادق.
الأن دعونا نتساءل: هل قانون التجنيد رقم 127 لسنة 1980 يتوافق مع الدستور، أى دستور كان وفى أى مكان، أو مع أبسط حقوق الإنسان؟ بالطبع لا، فهناك نص دائم فى جميع الدساتير ينص على أن جميع المواطنين متساوون فى الحقوق والواجبات. وبما أن القانون المذكور يفرض على المواطن الذى لم يحصل على مؤهل أداء الخدمة لمدة ثلاث سنوات، بينما يفرض على صاحب المؤهل المتوسط أداء الخدمة لمدة سنتين، وصاحب المؤهل العالى سنة واحدة، فإن القانون يكون قد ميز بين المواطنين ووقف ضد مصلحة المواطنين الفقراء الذين يعجز غالبيتهم عن استكمال التعليم لظروفهم الصعبة، فضلا عن أن نوعية الخدمة التى توكل إليهم فى أثناء تجنيدهم تمثل تمييزا آخر ينتهك آدميتهم. لذلك أدعو كل الشرفاء للدعوة إلى تعديل قانون التجنيد ليساوى بين المواطنين فى مدة الخدمة وإلغاء التجنيد على قوة الأمن المركزى حيث لا حاجة إليه بعد أن تحررت مصر من الحكم الديكتاتورى البوليسى، وإذا ما كانت الحاجة ماسة إلى تدعيم أنشطة الشرطة بمجندين فيكون ذلك فى مجال الحراسات أو تنظيم المرور مع ضرورة تجريم عملهم فى منازل وممتلكات الضباط. دعونا نستكمل هذا الحلم الجميل الذى نحياه فى هذه الأيام بأن نحرر إخواننا فى هذا الوطن من كل أنواع الظلم».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.