"24 عاما"، هو عمر حسين زكريا الذى دخل دنياه أصم لا يسمع شيئا من حوله، وبرغم الإعاقة فضل أن يتعلم ويكون واعيا مثقفا، ولكن بعيدا عن السياسة "يعنى مالوش فى السياسة" وهو من حزب الكنبة أبا عن جد، هكذا تقول والدته التى تروى قصة ابنها التى خطت الثورة بصماتها عليه حتى لا ينساها حسين، تقول والدته "ابنى حاصل على دبلوم فنى صناعى، وفى يوم 28 يناير أثناء الثورة أصيب بخرطوش فى الظهر خرج من الصدر أدى إلى إصابته بشلل نصفى ومنذ ذلك الحين وهو لا يزال يتلقى العلاج، وإن كانت كل الأدوية فقط لتسكين الحالة وليس علاجا شافيا لما تعرض له". وتشير والدة حسين إلى أن ابنها لم يكن يوما ثوريا، وتصادف أن ذهب ليلعب مباراة كرة مع زملائه فى شبين الكوم ضمن برنامج مباريات كرة القدم الذى نظمه مجموعة الصم مع بعضهم البعض، ولأن الأحداث ألغت كثيرا من السباقات فقد ألغيت المباراة، إلا أن انقطاع الاتصال فى البلاد وقتها لم يمكن حسين من تلقى أى معلومة تفيد بإلغاء المباراة، كما أن من حوله فقدوا التواصل معه، وأثناء عودته مع صديق له بشارع شبرا لم يفهم أى من الصديقين سبب التشابك والمشاجرات التى تحدث فى الشارع، كما لم يفهما تحذيرات الآخرين من ضرورة الابتعاد عن المكان مما أوقع حسين فريسة للخرطوش والرصاص الحى، ومنذ ذلك الحين ويرقد حسين بالمستشفى غير قادر على الحركة أو تلقى علاج مناسب. وتردد والدة حسين أنه "رغم كده يقول الناس "حزب الكنبة" لم يساهموا فى الثورة أو يشاركوا فيها، لما ابنى مالوش فى السياسة وحصله كده، آمال لو كان سياسى أو ناشط كما نسمع دلوقت كان حصل له آيه". وتشير أم حسين إلى أن أصدقاء ابنها من الصم هم من وقفوا بجانبه، فقد اهتموا بتناول قصة حسين مع أحداث الثورة فى عرض مسرحى يحمل اسم "عيون تسمع وأصابع تتكلم" معلنين من خلاله التهميش المبالغ فيه من قبل المجتمع لفئة الصم، وأنهم يفتقدون كثيرا من سبل التعامل الإنسانى مما يعرضهم للكثير من المخاطر، كما أن المجتمع ينكر عليهم حقهم الطبيعى فى التواصل الجيد معه، ونشر لغة الثقافة التى بمقتضاها يمكن مد جسور التواصل بين الأشخاص الصم وباقى أفراد المجتمع.