الحياة اللندنية حين سرَّب سائق الرئيس المخلوع حسني مبارك الأسرار التي شهدها في قصر الرئيس احتج وائل غنيم بأن محاكمة الرئيس مطلوبة لكن فضح أسراره الشخصية مرفوض، ووقف بعضنا من هذا الإعلان على أنه موقف نبيل وسمو أخلاق، لكنني ما أن قرأت قلة قليلة من هذه الأسرار حتى ضحكت، وزاد ضحكي أن رئيس الخارجية الليبي الأسبق عبدالرحمن شلقم تحدَّث عبر لقاء في صحيفة «الحياة» عن أسرار رئيسه التي هي ليست أسراراً شخصية بل جرائم عالمية ودولية وصلت إلى إطاحة طائرة مدنية ظنَّ أن أحد معارضيه يركبها، وبعد أن مات الركاب عدَّ القذافي أن هذا الخطأ خطأ مطبعي، هذه غير أسرار لوكربي التي رشح الوزير السابق أنها معقدة، فهل إدارة الرئيس للشعب ومقدراته أسرار من المروءة غض النظر عنها، أم أنها فضائح وجرائم لا يسعفنا الحظ بمعرفتها إلا بعد سقوط الرئيس؟ يقول الوزير شلقم إن القذافي وجد نفسه غير مسبوق فقرر أن يعلن نفسه ملك ملوك أفريقيا، وعندما سمع ابنه سيف الإسلام هذا بكى، ولا أدري هل بكى الدكتور سيف لأنه شعر أن «فيوز» عقل والده قد ضربت أم بكى لأنه شعر أن والده يرقى درجات المجد التي سيرثها هو بعده باردة مبردة؟ وقبل أن يتحفنا وزير الخارجية الليبي بالأسرار التي نعرف نصفها فإنني أود العودة لسرَّين صغيرين من أسرار الرئيس المصري الأسبق، الأول يؤكد أن صفوت الشريف رئيس مجلس الشعب كان هو مهندس ليالي الرئيس الحمراء، وإن كنت أرى أن تسريب هذ السر عيب كبير في حق السواق وأعترض على فضح الرجل هكذا زلط ملط، لكنني لا أستطيع الاعتراض على شيء واحد هو أن يعمل موظف دولة مثل صفوت الشريف في منصب من مهماته خدمة الشعب ويقبض راتباً عليها، في هندسة ليلية توقعت أنه عديم الخبرة فيها، تماماً مثلما وجدت سراً صغيراً ثانياً يقول بأن السيدة سوزان قد أخرجت موكباً من السيارات تساءل السائق فيه وهو في طريقه إلى المطار عن نوع الضيف القادم، فاكتشف أن الضيف كان حذاء السيدة الذي طلبته من واشنطن، ويحق لكل سيدة أولى أو سادسة أو حتى ثالثة عشرة أن تطلب حذاء من واشنطن وأن يخرج الموكب لاستقباله، لكن من حق الشعب أن يعرف من الذي يدفع ثمن هذه المواكب؟ نشرت ملفات التحقيق مع مهندس الليالي الحمراء صفوت الشريف أنه هو من قاد حملات البلطجية لقتل الثوار، وهو من قام بتوزيع الأموال وحبوب الترامادول المخدر على البلطجية، وكان بعض من هؤلاء البلطجية هم أعضاء في مجلس الشعب. هؤلاء الرؤساء هم من دافع عنهم الهتيفة في القنوات الإعلامية في فترة قوتهم بأنهم يسهرون الليالي على مصلحة الشعب، لنكتشف أنهم يسهرون الليل مع الراقصات، وهم من ظنَّ الشعب أنهم يذهبون لمكاتبهم كل يوم لكي يخططوا مستقبل أبناء الشعب فنكتشف أنهم من يوزع الترامادول والمخدرات، وهم من ظنَّ الشعب أنهم يصرفون أموال الشعب لشراء الأسلحة لمحاربة العدو إسرائيل، فنكتشف أنهم لا ينامون قبل أن يطمئنوا على سلامتها وحمايتها قبل أن تنام. هل كان وائل غينم يعرف أن هذه هي الأسرار التي لا يجب فضحها؟ معه حق فهي حقيقة توجع القلب وتجعلنا نبكي كما بكى سيف الإسلام حين سمع والده يرشِّح نفسه ملك الملوك.