«العمل» تعلن تحرير 6185 محضرًا خاصًا بتراخيص عمل الأجانب    البطاطس ب10 والكوسة ب30 جنيها للكيلو.. أسعار الخضار اليوم في مطروح    بعد خفض الفائدة.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 3-10-2025    مصلحة الضرائب تشارك في مؤتمر «تكني 2025» ضمن فعاليات أسبوع الابتكار    أيرلندا: مهمة أسطول الصمود كشفت الكارثة الإنسانية في غزة    تسببت في إلغاء 17 رحلة.. مطار ميونخ يستأنف العمل بعد إغلاقه بسبب «طائرات مسيرة»    الصين تدعو لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة    جيش الاحتلال ينشئ موقعا عسكريا قرب شارع الرشيد بمدينة غزة    رسميًا.. خالد مرتجى يتقدم بأوراق ترشحه لأمانة صندوق الأهلي    كوناتي يستعد للانتقال لريال مدريد    مواعيد مباريات الجمعة 3 أكتوبر.. البنك الأهلي ضد المصري والدوري الإنجليزي    ضبط 1300 لتر بنزين قبل بيعه في السوق السوداء بالعريش    طارق الشناوي يشيد بفيلم «فيها إيه يعني»: مختلف وجريء.. يُبكيك ويُضحكك    النظام الغذائي الصديق للبيئة «صحة الكوكب» يقلل من مخاطر السرطان    هل تشكل الألبان خطرًا على صحة الإنسان؟.. استشاري تغذية يوضح (فيديو)    الزمالك يختتم تدريباته اليوم استعدادًا لمواجهة غزل المحلة    أحمد ربيع يقترب من الظهور الأول مع الزمالك    اسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025    إسرائيل تستهدف منظومة دفاعية لحزب الله في جنوب لبنان    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 3-10-2025 في محافظة قنا    بريطانيا..مقتل 2 وإصابة 4 في هجوم دهس وطعن خارج كنيس يهودي    القبض على قاتل شاب بقرية ميت كنانة في القليوبية إثر خلاف مالي    أسعار البنزين والسولار اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025 فى محطات الوقود    بسبب الحفلات المزيفة.. إجراء قانوني من الشامي بسبب حفل إسطنبول    هل تتحقق توقعات ليلى عبد اللطيف بثراء 4 أبراج فى أواخر عام 2025؟    تصريح صادم من سماح أنور عن المخرجة كاملة أبو ذكري    يحيى الفخراني: هوجمنا في قرطاج بسبب «خرج ولم يعد».. وهذا سبب بقاء فيلم الكيف    الفيضان قادم.. والحكومة تناشد الأهالي بإخلاء هذه المناطق فورا    موعد شهر رمضان 2026 .. تعرف على غرة الشهر الكريم وعدد أيام الصيام    بوتين يحذر أمريكا من تزويد أوكرانيا بصواريخ توماهوك    ليلى علوي تنهار من البكاء خلال مهرجان الإسكندرية.. اعرف التفاصيل    رياض الخولي أثناء تكريمه في مهرجان الإسكندرية السينمائي: "أول مرة أحضر مهرجان .. وسعيد بتكريمي وأنا على قيد الحياة"    محافظ الإسكندرية عن التكدسات المرورية: المواطن خط أحمر ولن نسمح بتعطيل مصالحه    القبض على المتهم بالشروع فى قتل صاحب محل بالوراق    «كوكا حطه في جيبه».. أحمد بلال ينتقد بيزيرا بعد مباراة القمة (فيديو)    استشهاد شاب فلسطيني برصاص الاحتلال الإسرائيلي غرب رام الله    رسميًا بعد ترحيلها.. موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 وفقًا لتصريحات الحكومة    سورة الكهف يوم الجمعة: نور وطمأنينة وحماية من فتنة الدجال    الشاعر مصطفى حدوتة بعد ترشح أغنيته للجرامي: حدث تاريخي.. أول ترشيح مصري منذ 20 عامًا    نائب محافظ سوهاج يكرم 700 طالب و24 حافظًا للقرآن الكريم بشطورة    مدرسة المشاغبين، قرار صارم من محافظ القليوبية في واقعة ضرب معلم لزميله داخل مكتب مدير المدرسة    ناقد رياضي يكشف كواليس خروج حسام غالي من قائمة محمود الخطيب    اللجنة النقابية تكشف حقيقة بيان الصفحة الرسمية بشأن تطبيق الحد الأدنى للأجور    مختار نوح: يجب محاسبة محمد حسان على دعواته للجهاد في سوريا    موعد إعلان نتيجة منحة الدكتور علي مصيلحي بالجامعات الأهلية    بالصور.. مصرع طفلة وإصابة سيدتين في انهيار سقف منزل بالإسكندرية    انتداب المعمل الجنائي لفحص حريق مخزن وشقة سكنية بالخانكة    رابط التقييمات الأسبوعية 2025/2026 على موقع وزارة التربية والتعليم (اعرف التفاصيل)    الزمالك يعالج ناصر منسي والدباغ من آلام القمة 131    حزب الإصلاح والنهضة يدشّن حملته الانتخابية للنواب 2025 باستعراض استراتيجيته الدعائية والتنظيمية    نائب محافظ سوهاج يكرم 700 طالب و24 حافظًا للقرآن الكريم بشطورة| فيديو وصور    أتربة عالقة في الأجواء .. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025    «هيدوب في بوقك».. طريقة سهلة لعمل الليمون المخلل في البيت    ضيفي ملعقة «فلفل أسود» داخل الغسالة ولاحظي ماذا يحدث لملابسك    أسعار الخضروات في أسيوط اليوم الجمعة 3102025    منافسة ساخنة على لوحة سيارة مميزة "ص أ ص - 666" والسعر يصل 1.4 مليون جنيه    الكويت تدخل موسوعة "جينيس" للأرقام القياسية بأطول جراحة روبوتية عابرة للقارات    خالد الجندى: كثير من الناس يجلبون على أنفسهم البلاء بألسنتهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخروج للنهار.. السينما التى تعرف جمهورها ولا يعرفها
نشر في 25 يناير يوم 31 - 03 - 2013


فى إطار المسابقة الرسمية لمهرجان الأقصر للسينما الأفريقية أقيم العرض المصرى الأول لفيلم "الخروج للنهار" للمخرجة هالة لطفى، بعد أن حصد جوائز مهرجانى أبو ظبى وقرطاج بجدارة، ليكون عرض الأقصر هو أول لقاء حقيقى بين الفيلم والجمهور الذى تقصده المخرجة وتعرف عنه الكثير، جمهور مصر التى قدمتها هالة لطفى بصورة مغايرة تماما عما اعتادت الأفلام المصرية على فعله. لا أزعم أن الفيلم قد نال إعجاب الجميع، بل كان هناك الكثير ممن وجدوا مسافة بينهم وبينه لم يتمكنوا من اجتيازها، ولكن هذه سمة أى عمل فنى يمتلك شخصية واضحة لا تحاول الموائمة ولا اللعب داخل حيز المضمون، تماما مثل المخرجة الشابة التى أصرت أن تنجز فيلمها بالكامل بتمويل ذاتى، لتحرر إبداعها من كل قيود الإنتاج والتوزيع وحسابات الجماهيرية وشباك التذاكر. طريقة تمويل الفيلم ليست إنجازا فى حد ذاتها، فكم من فيلم مستقل إنتاجيا هو أكثر إخلاصا للمنظومة من أفلام أنتجت بالطرق التقليدية. ولكن الإنجاز الحقيقى فى "الخروج للنهار" هو أنه فيلم يعيد الاعتبار للمصرين وللسينما ذاتها، فهو فيلم صادق يتعمق داخل التكوين النفسى لشريحة كبيرة من الشعب المصرى بدلا من أن يسعى لتغييبهم، وهو فيلم مخلص للفن البصرى يعلم صناعه أن سؤال "ماذا تقول؟" صالح لتقييم أى عمل فكرى، بينما "كيف تقوله؟" هو السؤال الأصح الذى ينبغى طرحه عندما نتحدث عن فن كالسينما. وعى المخرج ومتعة النقد وعى المخرجة الكبير بالخصائص الحقيقية للصورة السينمائية وإدراكها لأدوات المخرج الأصيلة تجعل من التعرض النقدى لفيلمها أمر ممتع حتى ولو اختفلت معه. فعلى العكس من المخرجين الذين يعملون وكأن دورهم هو تقديم معادل بصرى لحكاية مكتوبة، فيجبرون الناقد على تقييم أفلامهم طبقا لقواعد الحكى التى تنتمى للمسرح أكثر من انتمائها للسينما، فإن المخرجين أمثال هالة لطفى يدفعون النقاد للعودة إلى الأراضى السينمائية، الأراضى التى لا يساوى فيها الفيلم حكايته، فالفيلم الحقيقى لا يمكن تلخيصه أو سرد أحداثه مهما أفردت من مساحة لذلك. الفيلم الحقيقى هو كل لقطة من لقطاته، وكل قطع بين هذه اللقطات، وكل نظرة من عينى ممثل أو انطباع على وجه ممثلة أو لحظة صمت بينهما. و"الخروج للنهار" فيلم حقيقى مصنوع بوعى كامل، ليلعب كل عنصر من عناصره دورا فى توصيل تلك الحالة الشعورية التى تسيطر على المشاهد منذ اللحظة الأولى، لتحرك ذهنه تدريجيا ليطرح الكثير من الأسئلة محاولا العثور على إجابات تملأ الفراغات المتروكة فى العلاقة بين الابنة وأمها ووالدها القعيد، الفراغات التى تجعل عالمها هشا، تماما كعالم كل من يشاهد الفيلم فيجده يمس شيئا داخله حتى لو لم يتمكن من تحديد هذا الشىء. عن الإيقاع وسلاح الملل طريقة التلقى الخاصة التى يحتاجها الفيلم والتى يشترك خلالها المشاهد نفسه فى تكوين الحكاية عبر إسقاط جزء من هواجسه وأحلامه ومخاوفه على ما يراه على الشاشة هى طريقة غير معتادة فى السينما المصرية التى عوّد صناعها الجمهور، على أن يكون "متلقيا" يصله كل شىء بشكل واضح، وهو الاختلاف الذى جعل البعض يزعم أن إيقاع الفيلم يعانى من بطء يسبب الملل. هذا الاتهام يرد عليه المخرج التشيلى الراحل راؤول رويز الذى تحدث عن نفس القضية فقال أن "الملل هو أحد أسلحة السينما البديلة"، وهو تصريح صادم وضع به المخرج الكبير يده على اختلاف جوهرى يميز السينما التى تنتمى لها هالة لطفى عن التراث السينمائى التقليدى سواء فى هوليوود كما كان رويز يقصد أو فى مصر كما نقصد نحن. فالشكلين الأكثر وضوحا فى غالبية الأعمال التقليدية المنتمية لمنظومة الصناعة تدور فى فلك نوعين من السرد هما الميلودراما والهايبردراما. ففى الأعمال التراجيدية التى تعتمد على الميلودراما يكون هدف صانع الفيلم هو خلق حالة توحد بين أبطاله وبين المشاهد بحيث يجعل الأخير ينسى واقعه مؤقتا ويعيش مع الأبطال أزمتهم. أما أعمال الهايبردراما كأفلام الأكشن والخيال العلمى وبعض الكوميديا فإن الشخصيات تكون وسيلة أو وعاءا يصب فيه المخرج حكايته، ويقوم المشاهد عادة بتفهم دوافع الشخصيات والتعاطف معها، ولكنه لا يتوحد كليا مع أزمتها ويحتفظ دائما بمقعد المشاهد. أما السينما البديلة التى ينتمى لها فيلم "الخروج للنهار" فتعمل ذهنيا بطريقة مغايرة تماما، طريقة يقوم فيها طول اللقطات مع لحظات الصمت بفرض تلك اللحظات التى قصدها رويز بكلمة الملل. فبمقاييس السينما السائدة هى لحظات لا يحدث فيها شىء ينبغى حذفها من زمن الفيلم، ولكن ما يحدث فيها فى السينما البديلة هو دفع ذهن المشاهد للتوحد مع الشخصيات ولكن ليس على طريقة الميلودراما، فالمشاهد لا يتوحد مع الأبطال ليعيش أزمتهم بل ليعيش أزمته، ولا ينسى خلال هذا التوحد واقعه بل ينغمس أكثر فيه ويراه بشكل أكثر تأملا، ليخرج من الفيلم بقيمة حقيقية تضاف لوعيه، حتى لو لم تذكر هذه القيمة داخل الفيلم على طريقة الأفلام السائدة! أهمية التجربة كخطوة للمستقبل. كل ما سبق يوضح سر اعتقادى بأن الفيلم يعيد الاعتبار للسينما المصرية ويفتح آفاقا حقيقية لمستقبل صناعة مغايرة، ليس لأنه أنتج بشكل مستقل، ولكن لأن صانعته تفكر بشكل مستقل، بشكل يتخلص من كل قيود السرد الشفاهى المتجزرة فى أفلامنا، لتأخذ خطوة واسعة نحو فن السينما الأكثر رحابة. وكأى عمل فنى طليعى يصعب تصور تحقيق "الخروج للنهار" لأى نجاح تجارى، لأنه وإن كان فيلما يعرف مشاهديه جيدا فإنهم أنفسهم لا يعرفونه، وخبراتهم المتراكمة مع الأفلام التجارية ستجعل التعرض للفيلم تجربة ليست بهذا الإمتاع، ولكن قياسا على قدر وعى هالة لطفى الواضح فى فيلمها فمن المؤكد أنها تعرف هذه الحقيقة، وتعرف أنها تلعب الآن دورا شديد الأهمية فى إعادة تشكيل وعى المصريين لجعلهم أكثر انفتاحا على سينما حقيقية تخلص لهم ولا تغيبهم، وتفعل ذلك دون ركاكة أو خطابة أو مباشرة.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.