من اهم نتائج ثورات الربيع العربي انها على المستوى الاعلامي ولاول مرة نشاهد وبصورة واضحة وجلية ردود الفعل الشعبية المباشرة لحديث رئيس دولة عربي عندما يلتقي وبتضخيم وتلميع مع مذيعة مرموقة كمراسلة شبكة الاخبار الامريكية إيه بي سي باربرا والترز، فالكثير من الزعماء العرب الغائبين والحاضرين كان لهم نصيب اللقاء مع باربرا وحققت لقاءاتهم صدى اعلامياً عالمياً كل حسب مصداقيته ، ولكن لعنة باربرا كانت مدوية وكبيرة جدًا عندما تسببت بلقائها الاخير مع الرئيس السوري بشار الاسد باطلاق المتظاهرين السوريين على رئيسهم صفة الجنون بشكل رسمي وواصلوا الى ما هو ابعد واشنع من ذلك بترديدهم وعبر لافتات مكتوبة نقلتها الفضائيات بصورة طريفة :" بعد خطاب بشار يامحلاك يا وليد كنا فاكرين انك ... " ولاداعي هنا لتفسير هذا الشعار المخزي !! اعتاد بشار وامثاله ان احاديثهم الاعلامية مقدسة ، اكثر من مهرج زاحم الفضاء العربي كان العقيد القذافي وخرج بصورة مأسوية ، بشار ارتكب خطأ كبيراً وغير مهني عندما توقع ان قناة ايه بي سي الامريكية ستكون خير وسيلة ليخرج ويقول وبمحض ارادته اغبى جملة قالها رئيس على مستوى التاريخ ، لو كان بشار ملفوفًا بحبل المشنقة او داخل القفص الحديدي وقال جملته الشهيرة " عندما نفى مسئوليته عن مقتل آلاف المتظاهرين في سوريا ، مؤكدا ان (مجنونا) هو من يصدر امرا باطلاق النار على شعبه " لعذرناه وقلنا انه في وضع للدفاع عن نفسه ، ولكن بشار في عز عنجهيته وتقتيله اليومي للابرياء يعتبر انه برئ من قتل آلاف المتظاهرين من الشرفاء السوريين ، جميع ما ذكر في المقابلة المخزية في كوم وكلماته في كوم ، وهنا اندهش اكثر للبلادة الاعلامية لاجهزة الاعلام السورية بعد مؤتمر الوزير المعلم الشهير والطريف ، عندما يأتي المتحدث باسم الخارجية السورية ويتهم قناة "ايه بي سي" بتشويه مقابلة الاسد بعمليات مونتاج شوهت مضمون المقابلة ، ولكن هل شوهت ان الاسد اعتبر ان ما قاله بخصوص القتل من الجنون !! المتظاهر السوري قرأ مقابلة بشار وعلق عليها ولاول مرة بالتاريخ العربي المعاصر بشكل واضح وبدون خوف او تطبيل ، تحولت حرب المتظاهرين مع بشار ومجموعته الى اعلامية عالمية ، ارتكب فيها بشار الاسد واجهزته الاعلامية حماقة تضاف لحماقته في التعامل مع المتظاهرين الشرفاء من ابناء بلده ، كانت تعليقاتهم : (اذا كنت مجنون او لا تدري ..ارحل )،(القائد العام للجيش والامين القري للحزب ، ... ليس مسئولا عن شيء ..عفوا بالخطأ صار رئيس جمهورية )، ( الاسد فقد العقل ..فكيف نقبل برئيس مجنون ) تعليقات عديدة وطريفة احصتها الشرق الاوسط تدل على الحال المأسوية لما تمر به سوريا وتضيف زلات لسان متكررة لبشار الاسد وعدم درايته بالتعامل الاعلامي عندما تعيدنا الذاكرة لتصريحه الغبي في يوم من الايام اتجاه بعض القادة العرب. لعنة مراسلة شبكة الاخبار الامريكية إيه بي سي باربرا والترز اصابت بشار الاسد وحكومته " بمقتل" وكشفت جوانب اخرى للواقع السوري المحزن ، بعد ان فشلت الآلة الاعلامية السورية التقليدية في الدفاع عن جرائم الانسانية التي ترتكب بالقطر السوري وخصوصا في حمص والريف السوري وما نشاهده من تقارير ولقاءات مخجلة على سبيل المثال على قناة رخيصة اعلامية قناة " الدنيا" إلا دليل على حالة الغليان والتخبط الحاصل امام بطولات الشرفاء وبلافتات بسيطة ودون سلاح ، سقط إذًا بشار في فخ الاعلام الصادق وسقط عندما ينظر ابناء بلده الى " مجنون" وبلسانه هو..!!