إن النظام الرئاسي هو نوع من أنظمة الحكم يضع الهيئة التنفيذية بيد رئيس الدولة وهو رئيس الصفوة الحاكمة يعاونه مجموعة وزراء يعدون بمثابة مستشارين "وأحياناً يطلق عليهم أسم سكرتير كما هو الحال بالنسبة للولايات المتحدةالأمريكية" ويكون رئيس الدولة هو رئيس الحكومة بالوقت نفسه، ويكون غير مسئول سياسياً أمام السلطة التشريعية، ويختار رئيس الدولة "الحكومة" من قبل الشعب بشكل مباشر أو غير مباشر. ويعطي البعض تعريفاً للنظام الرئاسي فيرى أنه : ذلك النظام الذي ترجح فيه كفة رئيس الدولة في ميزان السلطات .. والبرلمان فى النظام الرئاسي لا يسمح استدعاء رئيس الجمهورية ولا يملك صلاحيات النظام البرلماني الذي يتيح سؤاله ويعطى للرئيس صلاحيات هائلة. ووفقًا لدستور 71 الملغى كان رئيس الجمهورية هو رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة والمجلس الأعلى للشرطة والهيئات القضائية ويرأس 30 وظيفة، وهذا السبب الرئيسي الذي أفسد النظام وجعل كل شيء منوط بالرئيس. لذلك علينا فى المرحلة القادمة حتى لا نخلق فرعونًا جديدًا أن نقيد سلطات رئيس الجمهورية فى الدستور وجعله خليطًا بين النظام الرئاسي والبرلماني مثل النظام الفرنسي، واللافت أن مرشحي الرئاسة لا يريدون نظام برلماني لخوفهم من الأخوان وسيطرتهم على البرلمان وجمعهم للسلطات التشريعية والرقابية والتنفيذية معًا. الوضع الحالي يجعل أي قانون يصدره البرلمان غير نافذ إلا إذا وافق عليه رئيس الجمهورية وإذا رفضه يعود للبرلمان مجلس الشعب يملك العديد من الأدوات، والدليل ما نراه من تشكيل لجنة تقصى حقائق، والبحث عن محاسبة الوزراء، وسلطة التشريع هي أهم سلطات الدولة التي ترسم طريق باقي السلطات، المهم هو توفر الإرادة للتحرك للأمام. القوات المسلحة يجب أن تحمى الشرطة، فلو سقطت الداخلية من يتبقى لحماية الأمن الداخلي، الجيش، إذن محاولات اقتحام الأقسام والسجون بعد أن اهتزت صورة الشرطة من جديد جر للجيش لينزل إلى الشارع مرة أخرى حتى يواجه الجماهير الثائرة ويحدث احتكاك جديد بين الشعب وجيشه. أبرزها تجاهل الشباب، فهذا ما أدى إلى التهابهم ودفع للفوضى التي تسمح بدخول عناصر البلطجة والعنف بين صفوفهم . وأقولها بصدق المجلس العسكري بتكوينه وتأهيله غير مؤهل لمهمة مدنية ضخمة بهذا الحجم، فمهمته إدارة المعارك وليس إدارة البلاد، ودائما يكون (وجهنا للعدو وظهرنا للشعب)، السلاح فى يد الجندي مدافع ومدرعات لذلك هو غير معد للتعامل الأمني الداخلي وإذا استخدم يقتل عشرات الآلاف، والمهمة فرضت عليهم بواجب وطني، لذلك هي ضرورة تقدر بقدرها وليست اختيار، ووجود الجيش منع حرب أهلية، وإذا تحملت كل سلطة مسؤولياتها سنعبر المرحلة الحرجة بأمان. علينا أن نعى أننا على مدار 30 عامًا يعيش الشعب محرومًا من التعبير عن رأيه، مجهل سياسيا واقتصاديا ومورس عليه كل أنواع القهر، الآن خرج الجميع للتعبير عن رأيهم وكل واحد يتخيل أنه صاحب الحق، لذلك نعيش حالة( تطرف) فى ممارسة الرأى والتعبير وسط محاولات دائمة لاستغلال الجماهير. المجلس العسكري يريد أن ينقل السلطة، ويريد أن يتخلص من مسؤولية ثقيلة ألقيت على عاتقه، لكنه لا يريد إلا أن يسلمها ( لسلطة أمينة ) على البلاد، والدليل هو دعوة مجلس الشعب للانعقاد بعد الانتخابات مباشرة، وكان يملك وفقًا للإعلان الدستوري أن يظل منفردًا بالسلطة ولا يدعو البرلمان للانعقاد إلا قبل تسليم السلطة مباشرة، الآن البرلمان يملك التشريع والرقابة، ووضع موازنة الدولة والسياسة العامة للبلاد . أن "القانون" غير"الواقع"، فالآن الشباب هم من يحكمون الشارع، فالقوى الثورية الجديدة تتحكم فى سير الأمور دون أن يكون لها تمثيل تنفيذي حقيقي، وهذه هي المعضلة التي يجب أن تحل . فى تونس من أهم ماحققوه أنهم استطاعوا تحديد أهم تجمعات سلمية تخرج فيها الجماهير وتستطيع أيادي النظام القديم استغلالها ودس بلطجية وسطهم، فجعلوا مباريات كرة القدم مستمرة لكن بدون جماهير، تنقل عبر التلفزيون. لابد أحيانًا من اختيارات صعبة لا ترضى كل الأطراف. لكن إذا تجاهلنا وضع دستور للبلاد يضمن تحديد مسؤوليات رئيس الجمهورية القادم وسلطاته وحدود كل سلطة، لن نتقدم للأمام على العكس، وخلال الشهور القليلة القادمة دورنا جميعا أن نحمى الشرطة، ومن يستطيع أن يعيش بلا حماية وأمن فليهاجم الشرطة، علينا البدء الآن وليس غدًا فى هيكلة الداخلية وغلق منافذ الفساد فيها، وعلى الحكومة أن تقوم بدورها فى هذا الصدد قبل الاقتصاد، لأن الأمن والثقة إذا عادت للشرطة ستعود السياحة والاقتصاد والاستثمار وهذا ما يحوِّل المخربون عرقلته. إن الأساس الذي يقوم عليه النظام الرئاسي هو مبدأ الفصل بين السلطات ولهذا المبدأ تاريخ قديم يعود إلى فلاسفة الإغريق إذ رأى أفلاطون ضرورة توزيع وظائف الدولة وأعمالها المختلفة على هيئات متعددة مع إقامة التوازن والتعادل بينهما حتى لا تستبد هيئة بالحكم في الدولة فتضطرب أحوالها ويؤدي ذلك إلى حدوث ثورات وانقلابات... الخ. لذلك نرى أن أفلاطون قد رأى ضرورة فصل وظائف الدولة وفصل الهيئات التي تمارسها عن بعضها على أن تتعاون كلها للوصول إلى الهدف النهائي أو الرئيسي للدولة وهو تحقيق النفع العام للشعب وفي سبيل عدم انحراف هيئات الحكم عن اختصاصها وأهدافها تقرر لها بعض الوسائل الرقابية فيما بينها. إذ إن النظام الرئاسي يتطلب توافر درجة عالية من المرونة الحزبية، أي عدم التصويت ككتلة حزبية واحدة وقد يثور التساؤل لماذا؟ الجواب إن السلطة التشريعية تمتلك الكثير من السلطات ومن بينها السلطة المالية، والحكومة لا تنبثق من حزب الأغلبية البرلمانية في النظام الرئاسي أي قد يكون رئيس حزب رئيس الدولة لا يستند إلى أغلبية حزبية مماثلة في البرلمان، فإذا حصل تصويت لمسألة ما تقدمت بها السلطة التنفيذية، ولتكن تتعلق بأمور مالية وكان هناك انضباط وصرامة حزبية وهناك معارضة للحكومة داخل البرلمان كان التصويت حتماً سيكون لغير صالح الحكومة، مما يعني حدوث نوع من الجمود الحكومي وعدم قدرة الحكومة على العمل وبالتالي إلغاء مبدأ الفصل بين السلطات أما في حالة المرونة الحزبية فان النائب لا يُلزم بالتصويت مع اتجاه حزبه بشكل قاطع. أن النظام البرلماني هو نوع من أنواع الحكومات النيابية ويقوم على وجود مجلس منتخب يستمد سلطته من سلطة الشعب الذي انتخبه ويقوم النظام البرلماني على مبدأ الفصل بين السلطات على أساس التوازن والتعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. وتتكون السلطة التنفيذية في هذا النظام من طرفين هما رئيس الدولة ومجلس الوزراء ويلاحظ عدم مسؤولية رئيس الدولة أمام البرلمان أما مجلس الوزراء أو الحكومة فتكون مسئولة أمام البرلمان أو السلطة التشريعية ومسؤولية الوزراء إما أن تكون مسؤولية فردية أو مسؤولية جماعية بالنسبة لأعمالهم. يؤخذ بهذا النظام في الدول الجمهورية أو الملكية لأن رئيس الدولة في النظام البرلماني لا يمارس اختصاصاته بنفسه بل بواسطة وزرائه. ومع أن السلطة التشريعية لها وظيفة التشريع فإن للسلطة التنفيذية الحق في اقتراح القوانين والاشتراك في مناقشتها أمام البرلمان كذلك فيما يتعلق بوضع السياسات العامة من حق السلطة التنفيذية لكنها تمتلك الحق في نقاش السياسات وإبداء الرأي فيها كما تمتلك السلطة التشريعية الحق في مراقبة أعمال السلطة التنفيذية والتصديق على ما تعقده من اتفاقيات. معظم العلاقة بين السلطتين مبنية على التوازن والتعاون أما ما يتعلق برئيس الدولة في النظام البرلماني.