رحمة الحق (جل وعلا) تغمر المخلوقات جميعاً منذ أن خلقها وإلي أن تقف بين يديه، فيدخلها جنته أو يذيقها عذابه. بعد أن أعد لنا (عز وجل) هذا الكون، أعد لنا في بطون أمهاتنا رحماً رحيماً، يأتينا فيه الرزق- بلا حول ولا قوة- رزقاً منه تبارك وتعالي بلا تعب ولا مقابل- ويقول عز وجل في الحديث القدسي »أنا الرحمن، خلقت الرحم، وشققت لها اسماً، ورحمة الله قد وسعت كل شيء، فشملت المؤمن والكافر، والمطيع والعاصي، والحيوان والنبات، بل وشملت الحمار أيضا«. وقد قال جل وعلا: »قال عذابي أصيبُ به من أشاء، ورحمتي وسعت كل شيء« (الأعراف: 651). إن الله عز وجل رحمان الدنيا ورحيم الآخرة بينما يختلف الأمر في الآخرة، إذ أن رحمته ستشمل المؤمنين فقط.. فكما شملتهم في الدنيا باسمه (الرحمن) فإنها سوف تشملهم في الآخرة باسمه (الرحيم) فيغفر لهم خطاياهم ويرحمهم ويدخلهم جنته برحمته. من رحمة الله علينا أنه فتح أمامنا أبواب الخيرات- لنرجح كفة حسناتنا- لننتهي إلي حيث النعيم الأبدي- إلي حيث صفاء النفوس المؤمنة صفاء لا يفكره كدر.. ونعيم لا يشوبه انقطاع أو يقطعه ملل. لقد نوّع المولي (عز وجل) لهذه الأمة مصادر الحسنات.. ما بين صلاة وصيام وحج- وفرض علي نفسه أن يكافئ المحسن ولو علي ذرة من الخير عملها في وقت من الأوقات، وفي ذلك بقوله جل وعلا: »فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره« (الزلزلة: 7). فالابتسامة في وجه أخيك صدقة.. وإماطة الأذي عن الطريق صدقة.. الكلمة الطيبة صدقة.. اللقمة التي يضعها المرء في فم امرأته له بها صدقة أي رحمة بعد ذلك؟ وأي حب؟ إنه سبحانه وتعالي يتلمس لنا أسباب النجاة والفوز بالجنة ويهيئ لنا أبواب الخير ما يحول بيننا وبين جهنم والعياذ بالله. حقاً إن الجنة ببلاش وجهنم بفلوس.. فإذا سلكنا طريق الطاعة فإنه لا يكلفنا شيء، وإذا سرنا في طريق المعصية فإنه يكلفنا المال والصحة والوقت وشواغل النفس. المؤمن يجب أن يدعو الله دائماً أن يتغمده برحمته في الدنيا والآخرة، فالدعاء لاستجلاب الرحمة من خصال المؤمنين الصادقين المتقين الذين يخشون الله (عز وجل) ويخشون عذابه. إنه (عز وجل) أرحم الراحمين، وخير الراحمين، ورحمته وسعت كل شيء، فهي الرحمة المطلقة التي غمرت كل المخلوقات، وغمرت كل البشرية بما فيها من عناصر الكفر بالله والشرك به، والمعصية له، والجحود لفهمه.. تبارك ربنا الملك الحق.. الرحمن الرحيم.