هو جهاز تخزين ملحق بكل طائرة يسجل كل كبيرة و صغيرة من رحلة الطيران و المكالمات بين الطائرة وبرج المراقبة وحتي الحديث الداخلي بين طاقم الطائرة و يسجل علي قائد الطائرة كل حركة وتعامل مع اجهزة الملاحة الخاصة بالطائرة ....وسمي بالصندوق الأسود لأنه لا يفتح الا في حالة الكوارث فعندما تسقط لا سامح الله أي طائرة يتم البحث عن الصندوق لتحديد الخطأ و تحديد المسئولية عن السقوط هل هو عيب بشري أم أن ماكينات الطائرة لم تساعد الطيار . ومثل الطائرة لكل انسان منا صندوق اسود يختزن فيه كل اخطائه وعيوبه و يحاول قدر الامكان ان يخفي هذا الصندوق في اغوار نفسه في اعمق الاعماق لكي لا يصل اليه احد واذا حاول احد الوصول لهذا الصندوق تسعي اجهزة الجسم كلها للحرب ضد هذا الدخيل وطرده والتنكيل به حتي لا يهاجم مرة اخري . هذا حال الصحافة المصرية و اخواننا الصحفيين في صحفنا القومية و غيرها صناديقهم السوداء مليانة بالاسرار و التربيطات والفضائح وكل منهم يسعي لكي يكشف صندوق زميله الاسود ... و الغريب ان كل منهم يعرف ان له صندوقاً يمكن اختراقه و لكنه يري ان دائماً صاحب تاريخ ابيض و مشرف وكفاح طويل ضد الظلم والعدوان وبكل جهده يخفي سواد التاريخ داخل الاعماق كي لا ينبشه احد مادعاني لهذا هو تحول اهل المهنة الغريب من حال الي حال وبلا مقدمات وبلا اي تبرير فكيف اكون في اقصي اليمين وفي لمح البصر اصبح في اقصي اليسار وكيف اسب احدهم اليوم و في اليوم الثاني اجعل منه بطل شعبي وكيف تصبح مهمتي الاساسية التلميع و الورنشة الجلاسية لوجوه انا حكمت عليه من قبل بانها وشوش عكرة لابد ان تقذف في مزبلة التاريخ ..... فبعد ان كان الزملاء يسبحونا بلجنة السياسات وقراراتها وافرادها فجأة اصبحوا يسبحون باصحاب الاغلبية الآن و اصبح علي حد قولهم « هواهم إخواني » وبعد ان انتقد تصرفات مرسي المرشح للرئاسة فجاء الجميع بان قرارات مرسي تمثل ثورة بيضاء وتمهيداً للدولة المدنية الكاملة . هذا هو حال رجال اعلامنا فإذا لم يجدوا من يمشوا في كنفه خلقوا لنفسهم الاله الذي يعبدونه ويقدسونه فهم أساتذة في صناعة الفرعون وأساتذة في المدح والتمجيد والتسبيح بالحمد لأنهم تربوا علي هذا ولا طريقا آخر لكسب الود والحظوة الا هذا الطريق الذي اعتادوا عليه و عرفوا تفاصيل الرحلة عليه... ولكن اي طريق آخر لا يوصلهم الي بر الامان علي حد تعبيرهم وهذا البر هو كنز علي بابا المفتوح صناديقه ليغترفوا منه ما يشاءوا ومفاتيح هذا الكنز في يد من ينافقونه ويصنعون منه الفرعون الجديد . كلنا بلا استثناء نحتاج دروسا ودورات تدريبية في كيف نعمل لصالح الشعب فقط وليس رب الشعب ...ففي احدي الدورات التدريبية التي قدمها خبير اجنبي « بلجيكي الجنسية » طلب من كل الحاضرين ان يعلنوا هوية من يعمل عنده فالبعض قال اعمل عند الحكومة و الاخر قال اعمل عند رئيس الجمهورية ...فلما زهق المحاضر من الاجابات اخرج من حقيبته صورة التقطها علي كورنيش النيل لكناس يقوم بعمله في عز الشمس ..و اشار للجميع انتم تعملون عند هذا الشخص .. فمتي يعرف اخواننا الاعلاميون اننا نعمل عند شعب مصر و ليس رئيس مصر ولا حزب رئيس مصر وكيف نستوعب اننا نرضي الله و الشعب من بعده في كل ما نكتب وكل ما ينشر وليس رئيس التحرير او رئيس الجمهورية .. نحن في حاجة الي التربية من اول وجديد لكي نقوم بدور الاعلامي الصحيح لصالح الشعب الذي وكلنا في مهمة التعبير عن آلامه و اماله ونعبر عن دور الدولة وخططها لتنمية هذا الشعب وتحسين اوضاعه . الاعتراف بالخطأ وارد والعودة للحق فضيلة والتعلم من تجارب الاخرين مطلوبة طالما انهم بها وصلوا وتعلموا فيا ليت احد يتعلم و يا ليت احد يغير من نفسه و يفتح صندوقه الاسود ليري النور و يعالج كل ما به من أخطاء .... اللهم آمين .