مسألة استقلال القضاء قد يظن البعض منا أنها مطلب فئوي لجماعة القضاة ينشدون منها وضعا متميزا عن باقي فئات المجتمع ليحققوا لأنفسهم نصر مادي أو معنوي , تلك نظرة قاصرة لا تقترب من الواقع قيد أنملة فالمتمعن في مشروعات القوانين والدراسات التي أعدت بهذا الشأن يبين له أنها تكرث لمبدأ الفصل بين السلطات وهو من أهم المبادئ الدستورية التي إستقرت في أغلب دول العالم , فقد شملت المقترحات عدم جواز الندب لأي جهة حكومية ونقل تبعية التفتيش القضائي من وزارة العدل لمجلس القضاء الأعلي وطريقة إختيار النائب العام ورؤساء المحاكم الإبتدائية وعدم التمييز بين القضاه في الحقوق والواجبات وهي أطروحات تصب جميعها في صالح المواطن المصري وليس القاضي , فقد أصبح لزاما علينا أن نضع في المقام الأول حق المتقاضي في الحصول علي عدالة ناجزة تعطيه حقه دون عنت حتي لا يلجأ إلي الحصول عليه بيده فتسود في مصر شريعة الغاب . وإني لأتساءل ما الميزة التي تتحقق للقاضي أن يصبح مستقلا ؟ سوي إحقاق الحق وردع الباطل وتلك هي الغاية العظيمة من عمل القاضي والتي تصب أيضا في مصلحة المتقاضي . أعلم كما يعلم الكثيرون من أبناء هذا الوطن أن فكرة العدل المطلق لا توجد علي الأرض , وأعلم أيضا أن أي حاكم مستبد لا يرغب مطلقا أن يكون القضاء في بلده مستقلا تمام الإستقلال لكون ذلك يحد حتما من بسط سلطانه الجائر علي البلاد والعباد . لكنني ككل مصري يتوق للعدل كنت أظن أنه بعد هذه الثورة الرائدة التي ألهمت العالم الحر بطهارتها وعنفوانها أن إستقلال القضاء سيكون أول مطلب يتحقق من مطالبها حتي نستبدل دولة القانون بدولة الفرد بما يحقق الغاية التي من أجلها شرع القضاء ويكون سيفه مشرعا في وجه أي ظالم يجعل القانون مطية وليس تاجا علي رأسه . حفظ الله مصر وشعبها وهيأ لها حكاما عدولا يقيمون دولة القانون لينعم بالعدل البشر والشجر والحجر .