الرئيس السيسي يصدق على إصدار قانون العمل    تداول 16 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    وزير الإسكان يتابع مشروعات «حياة كريمة» بمحافظة الأقصر    وفاة طالبة جامعة الزقازيق.. القصة الكاملة    جامعة المنصورة تحصد 15 جائزة في الحفل الختامي لمهرجان إبداع    تعليم أسيوط يحصد المركزين الثاني والثالث جمهوري فى المسابقة الوطنية لشباب المبتكرين    خسائر بالجملة، القسام تنفذ كمينًا مركبًا ضد قوة إسرائيلية في خان يونس    استشهاد فلسطينيين في قصف مسيرة إسرائيلية بخان يونس    دجلة يتصدر ترتيب دوري المحترفين قبل مباريات اليوم    تغييران.. تشكيل الزمالك المتوقع لمواجهة البنك الأهلي    احتفالا بمرور 20 عاما على افتتاح ملعب النادي.. بايرن ميونخ يكشف تصميم قميصه الاحتياطي للموسم الجديد    "تراجع بميزة الانتقالات الشتوية".. 4 ملاحظات بصفقات الزمالك الصيفية المقبلة    منافس الأهلي.. فيتور روكي يقود بالميراس لفوز شاق أمام فاسكو دا جاما بالدوري البرازيلي    حكم مباراة الزمالك والبنك الأهلي في الدوري المصري    جامعة حلوان تبحث سبل التكامل البحثي والارتقاء بالتصنيف الدولي في ندوة علمية موسعة    امست سلك الغسالة.. مصرع طالبة جراء صعق كهربائي فى سوهاج    "التعليم": امتحانات الثانوية العامة 2025 خالية من الأخطاء العلمية واللغوية    محافظ أسيوط يعلن معايير انطلاق مسابقة الأب القدوة    جامعة عين شمس تحصد 21 جائزة بمهرجان إبداع 13    شيخ الأزهر يستقبل الطالب محمد حسن ويوجه بدعمه تعليميًا وعلاج شقيقته    رفع كفاءة الأطقم الطبية بمستشفيات الصدر للتعامل مع التغيرات المناخية وعلاج الدرن    نتنياهو: خطة غزة الجديدة تشمل الانتقال من أسلوب الاقتحامات لاحتلال الأراضى    ترامب يدرس تعيين ستيفن ميلر مستشارا للأمن القومي    مجلس الأمن يبحث اليوم بجلسة طارئة مغلقة تصاعد التوترات بين الهند وباكستان    متوسط التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات على خطوط السكة الحديد    الطقس اليوم الإثنين 5 مايو 2025.. ارتفاع تدريجي في الحرارة وتحذيرات من الشبورة    إصابة 9 أشخاص فى حادث تصادم بين سيارتين بالمنوفية    النشرة المرورية.. كثافات مرتفعة للسيارات بشوارع وميادين القاهرة والجيزة    حبس الشخص المتهم بالتحرش بطفلة من ذوى الهمم فى المنوفية    الدولار يتراجع والعملات الآسيوية تقفز وسط تكهنات بإعادة تقييمات نقدية    بدء نقل جميع مقار إدارات ولجان الفتوى بمجلس الدولة للمقر الجديد    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الاثنين 5 مايو 2025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 5-5-2025 في محافظة قنا    نتنياهو : خطة غزة الجديدة تشمل الانتقال من أسلوب الاقتحامات لاحتلال الأراضى    «المركزي»: صافي الأصول الأجنبية بالقطاع المصرفي تتتخطى ال15 مليار دولار    نيكول سابا تكشف عن تغيرات عاطفية طرأت عليها    الكابينت الإسرائيلي يعطي الضوء الأخضر لعملية عسكرية موسعة في غزة    الجيزة تحدد موعد امتحانات الفصل الدراسى الثانى لطلبة الصف الثالث الإعدادى .. اعرف التفاصيل    موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025 .. تعرف عليه    تعرف على ضوابط عمالة الأطفال وفقا للقانون بعد واقعة طفلة القاهرة    انفجار الوضع في السويداء مجددا.. اشتباكات وقصف بالهاون    الطماطم ب 10 جنيهات.. أسعار الخضار والفاكهة في أسواق الشرقية الإثنين 5 مايو 2025    قصور الثقافة تواصل عروض المهرجان الختامي لنوادي المسرح 32    زوج شام الذهبي يتحدث عن علاقته بأصالة: «هي أمي التانية.. وبحبها من وأنا طفل»    عمرو دياب يُحيى حفلا ضخما فى دبى وسط الآلاف من الجمهور    أشرف نصار ل ستاد المحور: توقيع محمد فتحي للزمالك؟ إذا أراد الرحيل سنوافق    زي الجاهز للتوفير في الميزانية، طريقة عمل صوص الشوكولاتة    ادعى الشك في سلوكها.. حبس المتهم بقتل شقيقته في أوسيم    تكرار الحج والعمرة أم التصدق على الفقراء والمحتاجين أولى.. دار الإفتاء توضح    وكيل صحة شمال سيناء يستقبل وفد الهيئة العامة للاعتماد تمهيدًا للتأمين الصحي الشامل    محظورات على النساء تجنبها أثناء الحج.. تعرف عليها    لهذا السبب..ايداع الطفلة "شهد " في دار رعاية بالدقهلية    مجلس الشيوخ يناقش اقتراح برغبة بشأن تفعيل قانون المسنين    قداسة البابا يلتقي مفتي صربيا ويؤكد على الوحدة الوطنية وعلاقات المحبة بين الأديان    «مكافحة نواقل الأمراض»: عضة الفأر زي الكلب تحتاج إلى مصل السعار (فيديو)    قصر العيني: تنفيذ 52 ألف عملية جراحية ضمن مبادرة القضاء على قوائم الانتظار    على ماهر يعيد محمد بسام لحراسة سيراميكا أمام بتروجت فى الدورى    برج الميزان.. حظك اليوم الإثنين 5 مايو: قراراتك هي نجاحك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القضاء مقدس ولكن القاضي غير معصوم‏(1‏ 2)‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 26 - 03 - 2012

لاشك في أن القضاء كمؤسسة مقدس‏,‏ ولكن القاضي الفرد غير معصوم‏,‏ هو بشر يصيب ويخطئ‏,‏ ويمتحن بالغواية وبالعسف‏,‏ لا سيما بسيف المعز وذهبه تحت الحكم التسلطي الفاسد‏,‏ وقد يضعف أو يفسد‏.‏ القاضي الفرد ليس, من حيث المبدأ, معصوما من الزلل. ويزيد احتمال زلل القاضي عندما ينتقص الحكم التسلطي عمدا من استقلال القضاء, ويخضع القضاة لإمكان الثواب والعقاب من السلطة التنفيذية, ويتفشي الفساد في المجتمع, والقضاة منه مكون عضوي.
ولهذا إن كان من حق مصر أن تفخر بشوامخ القضاة المصريين العدول, فإن هذا لا ينفي أن في تاريخ قضاة مصر الطويل قلة من قضاة لطخوا ثوب القضاء المصري الناصع بزلات يترفع عنها القضاة الصحاح عند صلاح الأحوال, ويربأ عن الوقوع فيها القضاة الشوامخ القابضون علي جمر الحرية والعدل, حتي في ظل نظم الفساد والإستبداد والعبث باستقلال القضاء, وإلا لما كان المجلس الأعلي للصلاحية يصدر بين الحين والآخر أحكاما بفصل عدد من القضاة بسبب اتهامات منسوبة إليهم تنال من هيبة وسمعة القضاء, لعل أبرزهم في عام2010 مثلا مستشار كبير كان يتولي رئيس دائرة جنايات بمحكمة استئناف, ومستشار آخر بمحكمة استئناف.
ويجب ألا ننسي أبدا أن من أصدر الأحكام التعسفية الجائرة علي الضحايا المصريين في مذبحة دنشواي مثلا كان قاضيا مصريا إسمه بطرس غالي, وللإسم دلالات معاصرة, وأن من تصدي للدفاع عن الجناة الإنجليز المجرمين الحقيقيين في محاكمة دنشواي كان أيضا محاميا مصريا.
وإن كان يجب ألا يحتج بمثل هؤلاء علي جموع قضاة مصر الأفاضل, فالمؤكد أن مثلهم انتهي إلي مزبلة التاريخ ولقي من النبذ والعقاب الشعبي والرسمي مايستحق.
أما عن المؤسسة, فالقضاء أحد أهم مؤسسات الحكم في المجتمعات البشرية المتحضرة, والقضاء المستقل المنصف من أهم دعائم نسق الحكم الديمقراطي المؤسسي الصالح. والقضاء, مؤسسة وقيمة, أيضا من أعز ما يملك الشعب, ويعلق عليه الآمال في صيانة الحرية والعدل والكرامة الإنسانية ومن ثم, فإن الحرص علي قيام قضاء نزيه, منصف ومستقل يتجاوز القضاة أنفسهم إلي جموع الشعب قاطبة..
كما أن زمرة القضاة في لحظة زمنية محددة يحملون شرفا مزدوجا: القيام بأعباء القضاء النزيه والمنصف من ناحية, والتعبير عن ضمير الأمة من ناحية ثانية, باعتبارها شريحة من ألصق شرائح النخبة الوطنية بحماية الحق وإقامة العدل كأسس للحكم الصالح, ومن ثم يشكلون ضمير الأمة في مسارها التاريخي.
وتحت الحكم التسلطي الذي يقوم علي الاستبداد والفساد يضحي مجرد إحقاق الحق وإقامة ميزان العدل فعلا سياسيا بالمعني الأشمل, تجاوزا للمعني الضيق المقتصر علي التحزب والسعي لامتلاك السلطة. ومن ثم, فإن إحقاق الحق وإقامة ميزان العدل في ظل الحكم التسلطي هو شرف منوط بالقضاة العدول باعتباره كلمة حق في مواجهة سلطان غاشم, وهو أفضل الجهاد كما يقال.
كل هذا يضع فئة القضاة في لحظات تاريخية فارقة, تجاه تحد تاريخي فحواه المساهمة في الإصلاح الهيكلي, أو البنيوي, للحكم, خاصة في منظور ضمان سيادة القانون, المنصف والحامي للحرية, وضمان الاستقلال البات للقضاء. ومن ثم يصبح الإصلاح السياسي بالمعني العام منوطا أيضا بالقضاة, لكونهم شريحة طليعية من ضمير الأمة, في مرحلة التحول من حبس الحرية وهدر المصلحة العامة من خلال توسل الطغمة الحاكمة للاستبداد والفساد, إلي مجتمع الحرية والحكم الديمقراطي المؤسسي الصالح. ولا يدنس ذلك الموقف شرف القضاء, ولا تعاليه عن السياسة بمعني التحزب والسعي وراء السلطة, بل يعلي من شأنه, في المنظور التاريخي, ويعد عربونا للمكانة الأرقي للقضاء في مجتمع الحرية والحكم الديمقراطي الصالح.
ولذا فمن المهم هنا التحذير من سعي الحكم الاستبدادي إلي إبعاد القضاة عن المساهمة في مهمة الإصلاح التاريخية بدعوي عدم تسييس القضاء, أو توظيف بعض القضاة لخدمة الحكم التسلطي والتحالف غير المقدس للسلطة والثروة, عبر إصدار أحكام تخدم في النهاية احتكار السلطة والثروة, وتضر من ثم بميزان الحرية والعدل, وهو شر ما يقع فيه بعض القضاة في ظل حكم الفساد والاستبداد.
المزيد من مقالات د . نادر فرجانى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.