تنسيق الجامعات 2025.. التعليم العالي تنشر دليلًا توضيحيًا للتعامل مع الأخطاء الشائعة    عبد المقصود: حزب الجبهة يعمل على تمكين حقيقي للشباب وتصميم كتيب يساعد الطلاب في المرحلة الجامعية    عاجل- قرارات حاسمة في الاجتماع ال52 للحكومة: دعم الأطقم الطبية وتوسيع الطاقة المتجددة وتعزيز التحول الرقمي    محافظ المنيا يتفقد أعمال تطوير وصيانة المدارس ضمن برنامج "المدارس الآمنة"    موعد صرف معاشات أغسطس 2025.. اعرف التفاصيل    «غزة على طاولة النقاش».. السيسي يبحث مع رئيس أركان باكستان تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط    روسيا تدين الدعوات الرامية إلى مهاجمة المنشآت النووية في إيران    ترامب: لا أنوي تأجيل فرض الرسوم الجمركية المقررة في الأول من أغسطس    موقف رونالدو وفيلكس من المشاركة أمام تولوز في ودية النمسا    ربيع ياسين عن أزمة عبد القادر: هناك زملكاوية يلعبون بقميص الأهلي.. والأحمر المرشح الأقوى لحصد البطولات    منعا لتكرار أزمة الاهلي وإنبي.. لائحة دوري الكرة النسائية تشدد على توافر سيارة إسعاف    الأهلي يتعاقد مع البرازيلي ميلاجريس لتولي فريق سيدات الطائرة    ضبط سائق ميكروباص للسير عكس الاتجاه وتعريض حياة المواطنين للخطر بالشرقية    عدم قبول الالتماس فى رفض دعوى إثبات نسب طفل لاعب كرة شهير    وزير العدل يلتقي رؤساء محاكم الاستئناف لتطوير منظومة التقاضي    الشركة المتحدة والنقابات الثلاث السينمائية والموسيقية والمهن التمثيلية تنعي الفنان القدير لطفي لبيب بعد رحلة فنية ممتدة.. وتامر عبد المنعم رئيس البيت الفني للفنون الشعبية: فقدنا قامة فنية كبيرة من طراز خاص    إسلام الريحاني يكشف ل"البوابة نيوز" كواليس فوزه بجائزة الدولة التشجيعية في التصوير    محافظ المنوفية يستعرض الموقف الحالي لمنظومة النظافة والمشروعات    تغطية الطرح العام ل "الوطنية للطباعة" 8.92 مرة في ثالث أيام الاكتتاب    هوجو إيكيتيكي يشارك في فوز ليفربول بثلاثية على يوكوهاما وديًا.. فيديو    التحقيق مع صانعة محتوى شهرت بفنانة واتهمتها بالإتجار بالبشر    3 شباب يستدرجون فتاة من ذوي الإعاقة ويعتدون عليها في العجوزة    الداخلية تعثر على طالبة متغيبة بالقاهرة وتعيدها لأسرتها    العثور على دقيقة مفقودة في تسجيلات المجرم الجنسي إبستين تثير الجدل.. ما القصة؟    رسميا.. المقاولون العرب يعلن ضم لاعب الزمالك السابق    حركة فتح: إعلان نيويورك إنجاز دبلوماسى كبير وانتصار للحق الفلسطينى    مصدر يكشف لمصراوي تفاصيل تعديل نظام مساهمة الأدوية التجارية بالتأمين الصحي    رئيس الوزراء: استراتيجية وطنية لإحياء الحرف اليدوية وتعميق التصنيع المحلي    35 ألف طالب تقدموا بتظلمات على نتيجة الثانوية العامة حتى الآن    السيسي يؤكد لرئيس هيئة الأركان الباكستانية ضرورة وقف إطلاق النار وتخفيف المعاناة الإنسانية في قطاع غزة    مي طاهر تتحدى الإعاقة واليُتم وتتفوق في الثانوية العامة.. ومحافظ الفيوم يكرمها    ضبط عاطل و بحوزته 1000 طلقة نارية داخل قطار بمحطة قنا    مدير أمن سوهاج الجديد يكثف جولاته الميدانية لضبط الحالة الأمنية    "زراعة الشيوخ": تعديل قانون التعاونيات الزراعية يساعد المزارعين على مواجهة التحديات    رئيس جامعة بنها يترأس اجتماع لجنة المنشآت    "التضامن" تستجيب لاستغاثات إنسانية وتؤمّن الرعاية لعدد من السيدات والأطفال بلا مأوى    وظائف خالية اليوم.. فرص عمل ب 300 دينارًا بالأردن    الرعاية الصحية تعلن تقديم أكثر من 2000 زيارة منزلية ناجحة    لترشيد الكهرباء.. تحرير 145 مخالفة للمحلات التي لم تلتزم بقرار الغلق    محافظ أسوان يوجه بالانتهاء من تجهيز مبني الغسيل الكلوي الجديد بمستشفى كوم أمبو    215 مدرسة بالفيوم تستعد لاستقبال انتخابات مجلس الشيوخ 2025    أبو مسلم: جراديشار "مش نافع" ولن يعوض رحيل وسام ابو علي.. وديانج يمتلك عرضين    مبيعات فيلم أحمد وأحمد تصل ل402 ألف تذكرة في 4 أسابيع    ما حكم كشف وجه الميت لتقبيله وتوديعه.. وهل يصح ذلك بعد التكفين؟.. الإفتاء تجيب    علي جمعة يكشف عن حقيقة إيمانية مهمة وكيف نحولها إلى منهج حياة    هل التفاوت بين المساجد في وقت ما بين الأذان والإقامة فيه مخالفة شرعية؟.. أمين الفتوى يجيب    ما معنى (ورابطوا) في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا)؟.. عالم أزهري يوضح    استقرار سعر الريال السعودي في بداية تعاملات اليوم 30 يوليو 2025    حميد أحداد ينتقل إلى الدوري الهندي    رابطة الأندية: لن نلغي الهبوط في الموسم الجديد    ملك المغرب يؤكد استعداد بلاده لحوار صريح وأخوي مع الجزائر حول القضايا العالقة بين البلدين    ترامب يكشف عن تأثير صور مجاعة قطاع غزة على ميلانيا    استراتيجية الفوضى المعلوماتية.. مخطط إخواني لضرب استقرار مصر واستهداف مؤسسات الدولة    وفري في الميزانية، طريقة عمل الآيس كوفي في البيت زي الكافيهات    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 1447-2026    حظك اليوم الأربعاء 30 يوليو وتوقعات الأبراج    لميس الحديدي توثق لحظة فيروز المؤثرة: همست للسفير المصري «أنا بحب مصر» (فيديو)    متابعة تطورات حركة جماعة الإخوان الإرهابية مع الإعلامية آلاء شتا.. فيديو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المفكرون والأدباء في عيد ميلاد صاحب التاريخ المشرف :
هذه لوحة «محفوظ».. الصوت المعبر عن روح وطن
نشر في أخبار الحوادث يوم 05 - 12 - 2016

ماذا يعني الغياب بالنسبة إليهم، إنه أمر عارض، لا يشمل وجودهم كله، فقط الجسد الذي سكن التراب، أما آثارهم فباقية، لا تعرف الاندثار، كامنة أو ظاهرة، جلية أو خفية، هي في كل الأحوال رابضة، تنتظر الأذهان، وأصحاب الوجدان، كي يلتقوا بها، سواء علي صفحات كتاب، أو في »براح»‬ لوحة، أو في غضون لحن خالد يأسر الآذان، ويهز الوجدان، لذا يرحل سائر الناس ويغيبون، ولكن المبدعين يبقون في آثارهم، وما عملته أيديهم، يذهب الجسد، ويبقي الصوت والأثر، متأهبا في كل آن لمخاطبة العقول، ومصافحة الوجدان، أحيانا يسكن رواية، وأخري يستقل ديوان شعر، وتارة يكمن في لوحة، أو في لحن عذب أخاذ، لذا يبدو من الظلم أن يتحدث عن المبدعين الحقيقيين من لا يعرف أقدارهم، ويعي قيمتهم، لأنه - لا شك - سيجانبه التوفيق، وسيخاصمه الصواب، كما حدث مؤخرا مع واحد من أفذاذ بلادنا هو الأديب المصري العالمي نجيب محفوظ الذي رحل عن عالمنا، وترك لنا تراثا خصبا باهرا، وتاريخا مشرفا مرموقا، ودروسا ليت الآخرين يستوعبونها، وقبل أيام من عيد ميلاده الذي يحل في الحادي عشر من ديسمبر، يتأمل معنا عدد من المفكرين والأدباء والنقاد لوحة محفوظ بألوانها المتعددة التي تعجز السنون عن محوها، أو جعلها باهتة، تماما كتلك اللوحات الخلابة والمناظر الرائعة التي تزين المعابد المصرية القديمة، وتتألق بألوان لم تستطع القرون أن تؤثر علي روعتها وبهائها، فمن مختلف زوايا اللوحة المحفوظية ينظر معنا هؤلاء ويعبرون عن الأثر الخالد والعطاء الباقي للرجل الفذ رغم أنف المسيئين إليه.
في البداية يقول الناقد الكبير د.محمد حسن عبد الله: نجيب محفوظ باق راسخ كالهرم لأنه أسس فنا روائيا ناضجا ولغة فنية راقية لا يمكن أن توسم بأي نوع من النقص، ورب ضارة نافعة فهذا النائب البرلماني الذي هاجم نجيب محفوظ كشف عن وجود تيار فكري متطرف مازال مسيطرا علي من يقرأ أعماله بطريقة متعجلة وسطحية أو يستمع إلي آراء من لم يقرؤوا رواياته، أو يستلبون معلوماتهم عن أدب محفوظ من خلال الأعمال الدرامية المستوحاة منها، ومن باب أولي كان عليهم قراءة أعمال الجاحظ وشعر المتنبي فسوف يجدون عبارات قد يعتبرونها مكشوفة، وأن يتأملوا قول الإمام علي بن أبي طالب الذي يقول إن تلك المفردات لا تستعمل إلا في الضرورة، وكان محفوظ يستخدم بعض الكلمات ليعبر عن واقعية الحياة المصرية، وأدعو سيادة النائب إلي أن يقرأ كتابي »‬الإسلامية والروحية- في أدب محفوظ» ليكتشف أن هذا الأديب صوفي راسخ في عالم الصفاء الروحي.
في حين يرصد الناقد الكبير د.حسين حمودة مضمون رسالة أديبنا العالمي قائلا: سوف يبقي المشروع الإبداعي الكبير الذي قدمه لنا وللإنسانية طويلا، سوف يبقي دفاعه الإبداعي المجيد عن القيم الإنسانية الرفيعة عن العدل والمساواة، والحرية، والتقدم والتسامح، وسوف تبقي استكشافاته وإسهاماته في الرواية العربية والإنسانية التي قامت برسم حدود في ترسيخ الفن الروائي في الأدب العربي، قد كانت تجربته الروائية حاصلة بمنجزات خاصة به وحده، ونحن نعرف جميعا أن مغامراته الإبداعية لم تقف عند هذا الحد، انما كان يسأل نفسه باستمرار، يقول ما الذي سوف يضيفه كجديد في عالم الأدب المصري؟ وهكذا كانت مغامراته متجددة علي الدوام، وتشهد المراحل والانتقالات التي نعرفها منذ كتاباته الأولي في فترة الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي، وصولا إلي نصوصه المختزلة في »‬أصداء السيرة الذاتية» و»‬أحلام فترة النقاهة»، وكأن هناك أكثر من نجيب محفوظ أو كأن هناك كاتبا واحدا احتوي في داخله مجموعة من الأدباء، فكتابات نجيب محفوظ بعمقها وقيامها بجماليتها تسمح لنا بأن نتأملها بعيوننا، ونعيد تأملها عديد مرات ومرات، وكل مرة نكتشف فيها أبعادا جديدة، وهذا يجعل تجربته الإبداعية باقية وعابرة لكل الأزمنة.
مرآة عكست كل الأحداث
أما الناقد الكبير د.حامد أبو أحمد فيقول: مراحل أدب محفوظ هي علامات بارزة في مسيرة الرواية العربية، بداية بالمرحلة التاريخية التي تحكي عن تاريخ الفراعنة برؤية محفوظية مثل روايات »‬عبث الأقدار» و»‬رادوبيس» و»‬كفاح طيبة»، ثم انتقاله إلي الواقعية النقدية التي تشمل رواياته مثل »‬القاهرة الجديدة»، »‬قصر الشوق»، »‬بين القصرين»، »‬السكرية»، »‬زقاق المدق»، »‬السراب»، وبعد ذلك الأعمال ذات الفكر الفلسفي مثل »‬الطريق»، »‬ثرثرة فوق النيل»، »‬الشحاذ»، فعالم محفوظ بالغ الثراء، وهو ناقد للمجتمع الذي نقد الأوضاع غير الصحيحة في المجتمع المصري، وهذا يدل علي أن هذا الأديب مازال خالدا، وأنه مرآة عكست كل الأحداث التي وقعت في مصرمن خلال العقود الزمنية الماضية، والعالم يتغير لكن نجيب محفوظ باق مثل الهرم و(أبو الهول).
تواضع الكبار
وعن إنسانيته الفريدة يحدثنا تلميذه مجدي سعد أحد حرافيشه الجدد بقوله: هو قيمة إنسانية يكتشفها من يقترب منه، وكان إنسانا بالغ الخصوصية وشخصا متواضعا أمام الجميع، وكان رجلا نبيلا، وأتذكر بأن ابن صديقه العزيز تصرف يوما بصورة تسيء إليه، وسألته هل ستتخذ إجراءات قانونية ضده؟ فنفي محفوظ بشدة؛ لأنه لا يريد أن يخسر صديقه، وقمنا بحل الخلاف بطريقة ودية، وهذا الموقف يجعلنا نكتشف كيف كان نجيب محفوظ مهتما بأصدقائه ولا يحب أن يخسرهم؟.
أما الأديب نعيم صبري أحد الحرافيش البارزين فيقول: تعلمت من محفوظ مجاهدة النفس، وأن تواصل الكتابة الإبداعية حتي آخر العمر، وكيف تكون شديد الانضباط، وحريصا في كل عمل جديد علي أن تقدم تقنية مختلفة وحديثة في كتابتك، وقد استطاع محفوظ أن يؤسس للرواية العربية ويجعلها مشروعا متكاملا ويعمل علي هيكلتها لتصبح معبدا لكل روائي مصري، وجعل الرواية العربية مساوية للرواية العالمية.
توثيق ما حدث!
ويتأمل المؤرخ الكبير د.أيمن فؤاد سيد رئيس الجمعية التاريخية المصرية زاوية التأريخ الفني عند محفوظ ويقول: كتب تاريخا موازيا عن حياة المصريين من خلال روايات ملحمة الثلاثية التي ترصد حياة أسرة السيد أحمد عبد الجواد، حيث يتعرف القارئ كيف تعامل المصريون مع قيام ثورة 1919، وخبر نفي سعد زغلول والمظاهرات التي هتفت ضد الاحتلال الإنجليزي، ورواية »‬القاهرة الجديدة» تتحدث عن طلاب جامعة القاهرة، كيف ينظرون إلي الطبقة المتوسطة في فترة مهمة من تاريخنا، وقد استطاع محفوظ أن يوثق ما حدث في مصر علي مدي أكثر من ثمانين عاما بطريقة غير مباشرة ذات طابع إنساني برؤية درامية.
تقطير الحكمة!
ويتناول الناقد المتميز د.سيد ضيف الله زاوية أخري في عطاء محفوظ حيث يقول: وفيما يتعلق بنجيب محفوظ القصاص فإن الحديث عن القصة ينبغي أن يتجاوز النظرة التي تقارن قصصه برواياته، لإثبات أنه أهمل القصة، أو أنه تفوق في الرواية علي حساب القصة، فلمحفوظ خمس عشرة مجموعة قصصية، بل إنه بدأ بكتابة القصة، وليس بالرواية، حيث أصدر مجموعته الأولي همس الجنون 1938 لكنه توقف عن القصة نحو خمس وعشرين سنة ليعود إلي كتابة مجموعته »‬دنيا الله» عام 1962 ثم توالت المجموعات القصصية، فإنتاج القصة عنده ارتبط أحيانا بحالته الصحية، وعدم قدرته علي القراءة في سنواته الأخيرة، لكن في الوقت نفسه جاء الطابع الفلسفي والحكمي التأملي كسمة من سمات الكتابة عند محفوظ طوال حياته، فكانت »‬أحلام فترة النقاهة» الفلسفة والحكمة مقطرة تقطيرا جميلا!، ولا ينفي هذا ان محفوظ كان أحيانا يتعامل مع القصة باعتبارها رواية يتم تلخيصها!
وفي الختام تقول عالمة الاجتماع د. سامية خضر صالح: كان محفوظ يرسم المجتمع صورة كاملة، واستطاع أن يلقي الضوء علي قضايا اجتماعية مهمة عن ظلم واضطهاد المرأة والبطالة ذلك من خلال رواياته وقصصه، وعندما يتواصل القارئ مع سطوره يستضيء ذهنه، ويكتشف وعيه حجم هذه المشكلات الاجتماعية التي لم يلتفت إليها في حياته اليومية، وأن محفوظ لا يبحث عن حلول إنما يقدم قضايا اجتماعية حتي يلتفت إليها الناس ليبحثوا عن حل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.