قال لي حماري يوما.. ما هي السعادة؟ فقلت له بغير اكتراث -هي العلف الجيد والعمل الهين فقال: هذا تعريف يليق بالحمير .. ولو عرفت أن هذا جوابك لما سألتك فقلت: إنك تسألني عن شيء لا أعرفه .. من الذي اخترع هذه الكلمة؟ وما هو المقصود منها؟ أغلب الظن أن المقصود بالسعادة هو ذلك الامتداد الوهمي لتلك اللحظة التي يشعر فيها الإنسان باكتمال الراحة والرضا والسرور والأمل، وهي لحظة لا يمكن أن تمتد طويلا في عالم الواقع .. امتدادها أمر وهمي كامتداد خط الاستواء في علم الجغرافيا.. أكثر شقاؤنا أنه من اعتقادنا أن السعادة كائن موجود في مكان بعيد وشيء خارجي عنا، لابد أن نجري وراءه ونحصل عليه. الحقيقة أن السعادة شيء داخلي لا ينال بالجري خلفه؛ فهو جوهر يوجد في نفوس بعض المحظوظين فيرون كل شيء زاهيا بهيجا .. فكسرة الخبز عندهم وليمة .. والماء القراح لديهم أطيب من الخمر .. تلك هي السعادة في رأيي فإن وُجدت فهي ذلك المصباح النادر الذي ركب في بعض النفوس النادرة لنري به الحياة، حتى في أظلم أوقاتها وأتعس مظاهرها، مضيئة بالفرح، والسلام والطمأنينة والرجاء.