حتي يكتمل لنا المشهد كان لابد أن نشارك في أحد الأفراح اتفقنا مع أحد الأشخاص النوبيين أن نتوجه معه إلي فرح نوبي، بالفعل تحركنا نحو الساعة العاشرة، لكن أثناء تحركنا حدث مالم يكن في الحسبان عطل كبير في السيارة وتحتاج لقطع غيار أجبرتنا علي الانتظار حوالي 3ساعات بين الورش من أجل إصلاحها وبعد توجهنا إلي هناك مايقرب من الساعة الواحدة صباحا حيث مكان الفرح، مكان الفرقة منصوب وأضواء الإنارة موجودة ومكان معد للعشاء وكراسي و»دكك» تكاد تخلو من المعازيم فقلت »كدا الفرح خلص»، فرد مرافقنا ضاحكا: »فرح ايه اللي خلص الفرح لسه هيبدأ»، بالفعل بعد نصف ساعة بدأ المدعوون في الحضور تباعا الرجال متواجدون علي المقاعد الخشبية والاسمنتية والنساء مثلهم لكن في الداخل، وبعدها بقليل يصل العروسان، ليبدأ الحفل ويتجمع الرجال والنساء أمام المسرح المعد للعروسين، علي أحد الجوانب يوجد ترابيزة عليها اثنان من أقارب العريس ومعهم كراسة يتوجه إليه المدعو ويقوم بدفع النقطة واسمه وبلده لكن النقطة كانت عبارة عن مبلغ صغير من 10 جنيهات إلي 30 جنيها وأرجعوا قلة المبلغ إلي ضعف حركة السياحة التي يعتمدوا عليها بشكل أساسي.. يقول محمد إبراهيم: الفرح النوبي يكون من ليلتين الحنة والدخلة، يوم الحنة تلبس العروس ساري وهو عبارة عن زي نوبي قديم، ويتم دعوة الحبايب والقرايب من أهل العروسة ويتم عمل زفة بالمراكب واللانشات في النيل أو تكون في داخل البلد، ثم يرسم العريس والعروسة الحنة.. وفي صباح اليوم التالي يتم تجهيز مطبخ الفرح أو كما يطلق عليه »مطبخ العريس»، ويتم دبح الذبيحة التي تتكلف حوالي 15ألف جنيه، ويتم عمل صواني المكرونة والمحشيات، وبعد عشاء المدعوين يتم عمل ترابيزة النقطة، بعد ذلك يذهب العريس ليأتي بالعروسة من الكوافير، ثم يذهبوا للتصوير، وبعد ذلك يتم عمل زفة السيارات ثم يتوجهوا للمسرح، لتبدأ الفرقة التي تكون عبارة عن مطرب، ليبدأ الرقص برقصة »الأراجيد» وتكون باصطفاف الرجال في صفوف والنساء كذلك ثم يرقصون يمينا ويسارا، ويتكلف الفرح النوبي مايقرب من 35 ألف جنيه.. أما طقوس الفرح في النوبة القديمة بحسب مايروي لنا أحمد علي حسن ويعمل مرشدا سياحيا فكانت تبدأ بالدعوة للفرح قبل موعده بشهر ونصف وتكون بالمرور علي النجوع عبر الجمال والمراكب الشراعية.. وفي ليلة الحنة يتم ذبح خروفين سٌمان، ويبدأ تناول العشاء بعد صلاة العشاء، وكانت الحنة بضرب الدفوف، ويشارك كل النجوع في الفرح ويقوم كل نجع بتحية العريس بعمل نمرة بالزي الأبيض وبعد منتصف الليل تخرج الحنة ويقوم الشباب بالمرور في النجع حتي الفجر، ثم يتجمعوا في بيت العريس لتحنيته والهزار والضحك معه باللغة النوبية مع زغاريد النساء.. وفي السادسة من صباح يوم الدخلة يبدأ المطبخ الكبير بذبح العجل، ثم يأتي حلاق مخصوص للعريس وينزل به إلي ضفاف النيل ويقوم بالحلاقة له وتجهيزه، ثم يتجه العريس للمنزل، في المقابل العروسة تأتي لها إمرأة متخصصة في التزيين، ويتم عمل كوشة وهي عبارة عن دكتين وعليها كرسيين فخمين ويتم تزيينهم بجريد النخل والورود. ويبدأ الفرح بعد صلاة العشاء باستقبال المدعوين، وضيافتهم من المأكل والمشرب حتي الساعة الواحدة صباحا، ويأتي العريس ليتقبل التهاني، وبعد الساعة الواحدة يبدأ الفرح برقصة »الأراجيد» حتي الصباح، ثم يتجه العروسان إلي منزل العروسة لتتم الدخلة في بيتها ويستمروا في منزل أهل العروسة من سنة إلي 3 سنوات لحين تدبير العريس منزل له، وكانت أم العروس تسعد عندما ترزق ابنتها بحفيد تطبيقا للمثل »أعز الولد ولد الولد»، وهذه العادة اختفت هذه الأيام ولا تحدث إلا في حالات استثنائية أن تكون العروس وحيدة والديها.