كثر الحديث عن الطاقة الإيجابية والطاقة السلبية التي تؤثر علي أفعال وأقوال الانسان فأوصي علماء النفس والعلوم الإنسانية باكتساب الطاقة الإيجابية لتضفي علي الانسان التفاؤل والسعادة والابتعاد عن الطاقة السلبية التي تجعله قليل الإنجاز وينظر إلي الامور نظرة سوداوية، ويتساءل الناس ماذا تعني الطاقة الإيجابية؟ وما هي الطاقة السلبية؟ وما طرق اكتساب الإيجابية والتخلص من السلبية؟ أجاب لنا الاسلام منذ آلاف السنين عن هذه التساؤلات في ضوء آيات القرآن الكريم وسنة الرسول صلي الله عليه وسلم حيث يقول الشيخ عمر الديب من علماء الازهر الشريف أن آيات القرآن الكريم تبين ما يحتاجه كل إنسان لينعم بالأمان والسلام والراحة أي بالطاقة الإيجابية كما أن الله سبحانه وتعالي ذكر لنا أن نفس كل إنسان تتألف من طاقة موجبة وهي الخير وطاقة سالبة وهي الشر وهي طاقات نورانية كالطاقة الموجودة في الكون تستمد توهجها من عالم الله غير المرئي ومن أصول الدين والتربية النبوية، ويستطرد الشيخ الديب أن من مهام الطاقة الإيجابية تحصين الإنسان من الانزلاق فيما حرم الله والوقوع في أحضان الشيطان وعلي سبيل المثال في ضوء القرآن الكريم تتمثل الطاقة الإيجابية المسئولة عن بناء خلايا الجسم بتناول الطعام الحلال فقد ورد في القرآن النهي عن أكل الدم ولحم الخنزير ولحم الميت وما أهل لغير الله »ذبح غير حلال»، أما الطاقة السلبية وهي طاقة الشر قال تعالي عنها : »ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين» أي من لا يذكر الله يكون الشيطان قرينه فإذا كانت نظرة الانسان بنية طيبة فهي تولد طاقة إيجابية واذا كانت بنية سيئة ولدت طاقة سلبية كنظرة الحسد تؤذي المحسود قال تعالي : ومن شر حاسد إذا حسد، وبقراءة القرآن والدعاء والذكر تنتعش الطاقة الإيجابية في النفس الخاشعة وتنجلي الهموم، وأضاف أن الطاقة السلبية تستمد قوتها من أسباب عديدة منها الغضب قال تعالي : »وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا» والغضب يؤدي إلي العديد من الامراض، ومن الاسباب الخوف ففي حالات الصراع يعمل الشيطان أو القوة السلبية علي بث الخوف والضعف في النفس فيخسر الانسان كسب المعركة مع العدو أيا كان، وأيضا ارتكاب المحارم من زني وسرقة وكذب وغش وخداع تتغذي عليها الطاقة السلبية ، كما أن الغفلة وهو ما نسميه عند العامة شرود الذهن عن ذكر الله وتذكر الدعاء في كل حال فمثلا علينا التسمية وقت الطعام وحمد الله عند الانتهاء والتعوذ بالله من الشيطان الرجيم عند دخول بيت الخلاء وغيرها من الادعية التي تحصننا من الشرود والنسيان وفي ذلك يقول الامام علي رضي الله عنه : من لم يقهر جسده كان جسده قبرا له، وقد بين لنا الرسول صلي الله عليه وسلم في سنته أن الحياة بكل ما فيها من أعمال عنف واغتراب عن المبادئ والقيم لابد فيها من العمل لجلب التفاؤل والبعد عن التشاؤم، وان واجهت أحدا صعوبة في اضفاء بعض من الايجابية علي يومه فليراجع علاقاته .. قال الرسول صلي الله عليه وسلم : »المرء علي دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل» فليختار الجليس الصالح ويبتعد عن الجليس السوء كثير التذمر الذي يبِِث الافكار السلبية فتنعكس علي قرارات وافكار وحياة من حوله، وان يكون الانسان قانعا راضيا بما قسمه الله له لان الله قدر الأرزاق والآجال قبل ان يولد الانسان ولو اراد الانسان ان يفلت من رزقه فرزقه يتبعه. مقعد النقاد ويضيف فضيلة الشيخ عمر البسطويسي من علماء الازهر: حقيقة الإيجابية عند المسلم هو اتخاذ الوضع الافضل في الظرف الاسود وذلك من خلال سلوك فعال نحو الاصلاح وآفة الايجابية هي الجبن والكسل والقرآن الكريم تحدث عنها في آيات كثيرة منها »إنهم كانوا يسارعون في الخيرات». والانسان السلبي من أبرز صفاته العناد ورفض الحوار الوسطي ومقاومة الحق ، هذا بالاضافة إلي نظرته التشاؤمية التي ترجع إلي الغيرة والمنافسة غير الشريفة ومحاولة تحصيل مكاسب علي حساب الاخرين. اختر طاقتك والانسان يختار بنفسه طاقته إما إيجابية أو سلبية حسب اعماله أو افعاله سواء أعمال خير أو العكس وقد قدم النبي صلي الله عليه وسلم وصفة لازالة الطاقة السلبية التي تحبط الانسان وتقعده عن العمل والاجتهاد وتصيبه بالكسل ومشاركة الاخرين وهو الوضوء لإزالة الشحنات الكهربية الضارة التي تنزل علي الارض وتصيب الفرد بالآلام العضوية والنفسية.. أيضا تحديد الهدف بدقة لان مشكلة الشباب الآن هي أن لديهم طاقات كبيرةجدا ولكن لا يعلمون كيف يستغلونها مما يزيدهم ألما وضيقا وتشتتا واكتساب طاقات سلبية لذا انصح بان يحدد الانسان أهدافه ثم يبدأ في أكتساب مهارات تساعده في تحقيق هذه الاهداف بالاضافة إلي الاندماج مع اشخاص ايجابيين وتعلم مساعدة الاخرين وخاصة المحتاجين وممارسة الرياضة والانشطة.. ثانيا يعلم الفرد أن كل منا مجازي بما يفعل ومسئول عما لم يفعل مما كان ينبغي أن يقوم به. وأيضا ينسلخ من تأثيرات الجو العام وما يشيعه الناس من أفكار سلبية ونظرات تشاؤمية لا تجلب لأصحابها الراحة كما يظن العامة بل تسبب نزول البلاء وسوء الخاتمة. وعن كيفية اكتساب الطاقة الإيجابية يقول د. رمضان حسين الشيخ الباحث في العلوم الانسانية إن المرء لكي يكتسب الطاقة الايجابية عليه ان ينظر إلي الجانب المضيء في كل شيء مستبشرا بالخير فينتقل بالتفاؤل والأمل إلي التفاعل والعمل وهذا ما حثنا عليه الرسول صلي الله عليه وسلم فقال : »إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها» لأن استكثار غرس فسائل الخير ينفع المجتمع كله ويتحقق ذلك باكتساب المهارات العملية والنفسية والتي تحقق السعادة للمرء وللآخرين وتمكنه من التغلب علي الضغوط وحسن التعامل مع الظروف والاستثمار الجيد للواقع والابتعاد عما يجلب المعاني السلبية ومنها الا يستمع الانسان لأقوال المحبطين الذين يعوقون كل خير وقد ذم الرسول صلي الله عليه وسلم من يشيع روح اليأس في الناس فقال : إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم لأنه أقنطهم من رحمة الله وأيأسهم من غفرانه»، وعلمنا الرسول الايجابية عند مقابلة الناس بابتسامة وبشر ، وأوصانا بالايجابية في الحياة الزوجية فالزوج الايجابي ينظر دائما إلي الجانب المضيء في زوجته، وأوصانا الرسول بالتفاؤل في كل مراحل الحياة فكبير السن يعتني بصحته ويقبل علي الحياة فقد أدي واجبه والمتقاعد يستثمر وقته بالقراءة فينفع ابناءه وأحفاده بخبرته. الصلة بالله وللدكتور أحمد عكاشة أستاذ الطب النفسي رأي في تصنيف الشخص صاحب الطاقة السلبية أنه دائما ما يشعر بالشك في كل من حوله والشكوي المستمرة من أنه لا يأخذ حقه كاملا وان الناس لا يقدرونه والمجتمع لم يوفر له المنصب اللائق به.. وعلاج هذه الصفات هو إعادة الثقة إلي النفس من خلال المشاركة المجتمعية سياسيا واقتصاديا والصلة بالله التي هي من أفضل العبادات التي تكسب الانسان كما كبيرا من الطاقة الايجابية.