بأسلوبها البسيط وأفكارها العميقة خصوصا في عالم الفنون وتطوير علم التربية الفنية استطاعت أن تغوص في عالم الإبداع بحثا عن خفايا هواها الفني، مرتكزة علي التعبير بخامات البيئة الشعبية وبريشة يناغمها الخيال وقصاقيص أقمشة وكولاج آثرت بها تجسيد الواقع بأسلوب لا تلتزم فيه بنمط معين، وإنما تبحث بعين منفتحة علي التجديد بلا تباهٍ أو تفاخر عن أساليب متطورة في تدريس كل روافد التربية الفنية وتوسيع نطاق دوائر خدماتها للمجتمع، بتظاهرة فنية جميلة تصنع من الكلمات لوحة ومن الرسوم حكايات. إنها عميد كلية التربية الفنية ونائبة رئيس جامعة حلوان سابقاً الدكتورة عبلة حنفي، التي لامست فنونها نبض الشارع بمواقع لم تهجر مخيلتها التي انطبعت بداخلها منذ الطفولة. لم أحلم ذات يوم أن يكون لي معرض في قاعة كبري ويفتتحها وزير الثقافة أو أحد الفنانين الكبار أو أحصل علي جائزة في مجال الفنون والتربية.. هكذا بدأت الدكتورة عبلة حديثها عن ذكرياتها في مركز "أجا" بمحافظة الدقهلية، حيث كان يعمل والدها مأمورا لقسم الشرطة هناك، وتباعا تأثرت بعشق والديها للفن حتي بعد انتقالها لحي حلوان بالقاهرة وحصولها علي الثانوية العامة والتحاقها بكلية التربية الفنية. تتابع: كنت أعتمد في مزاولتي للفن علي خامات من البيئة الشعبية ومكنونات الجمال بالريف في لوحاتي التشكيلية، وشعرت بأنني كلما انغمست في المحلية بدأت السير علي طريق العالمية لكوني كنت أحاول الاقتراب من المنابع الأولي فيها. وتفوقت وتخرجت وكنت الرابعة علي دفعتي ولكن تم تعييني سكرتيرة لجنة مجلس المسرح بالمجلس الأعلي للعلوم الاجتماعية والثقافية بوزارة الثقافة واللجنة كانت تضم النجوم الكبار يوسف وهبي وأمينة رزق وسعدالدين وهبة ولطفي الخولي، والناقد الأدبي رجاء النقاش والرائد الإذاعي يوسف الحطاب والكاتب المسرحي نعمان عاشور. تضيف: حدث أن أعلنت كلية التربية الفنية عن طلبها لتعيين 7 معيدين ووفقني الله في التعيين وظللت أحاكي وأحاور الإبداع حتي حصلت علي درجة الماجستير، وكان موضوع الرسالة "الفن كوسيلة تنفسية وأثره في اتزان شخصية التلاميذ من 6 إلي 18 سنة" وبعدها حصلت علي الدكتوراه. وتشير إلي أنها سافرت بعد رسالة الماجستير لبعثة في جامعة أوهايو بأمريكا وهناك ساهمت في عمل أبحاث متقدمة في التربية الفنية في مجلة دراسات المتخصصة في هذا المجال، وهي للعلم أكبر سلسلة منشورة في الولايات المتحدة عن التربية الفنية، لافتة إلي أنها الوحيدة في العالم العربي التي نشرت أبحاثها بهذه المجلة الكبيرة، وتعتبر هذا وساما رفيعا علي صدرها. وتوضح: هذه الأبحاث كانت سبب سعي مسئولي جامعتي "أم القري" و"الملك عبدالعزيز" في السعودية للاستفادة من خبرتها في جوانب التربية الفنية طوال ست سنوات، كما أنها كانت سببا في ترقيتها لأستاذ مساعد ثم أستاذة وبعدها تم تعيينها وكيلة كلية التربية الفنية للدراسات العليا ثم عميدة للكية، ثم نائبة لرئيس جامعة حلوان. وبشأن الجوائز التي حصدتها تقول إنها تفخر بكل جوائزها وأولها كانت في مرحلة البكالوريوس في مسابقة أمجاد الثورة، والثانية من المركز الثقافي البريطاني الذي خصص ثلاث جوائز عن بحث في التربية الفنية أحدها عن أوروبا والآخر عن الشرق الأوسط والأخيرة عن أفريقيا وقد أعطي تميز بحثها الفرصة لفوزها بجائزة الشرق الأوسط، كما حصدت جائزة الدولة للتفوق في مجال العلوم الاجتماعية من وزارة الثقافة هذا بخلاف جائزة تقديرية من جامعة حلوان. وتتذكر الدكتورة عبلة أن عشقها لعملها الفني وسعيها لتطوير موهبتها كان سببا في إعجاب الدكتور حسام عبدالحميد حمدي بشخصيتها وزواجه منها ومعروف أنه كان أستاذا كبيرا في الكلية الفنية العسكرية، ووافته المنية أثناء حصوله علي الدكتوراة في تشيكوسلوفاكيا، لكنها أكملت مسيرة حياتها وكان عمرها 29 عاما بإصرار وصمود وهي تؤدي دور الأم والأب في وقت واحد، وأشارت إلي أن جذور الإبداع الفني امتد لنسيج أسرتها، بدليل أن نجلها الراحل هيثم كان فنانا متميزا، ومعروف أنه مبتكر شخصية المفتش "كرومبو" وشقيقه تامر متميز في مجال الدعاية والإعلان، وكانت له موهبة غنائية تأثر بها من عمه الموسيقار الكبير الراحل بليغ حمدي، لافتة إلي أن أحفادها هم حسام (12عاماً) وسلمي (9 أعوام) أبناء نجلها الراحل هيثم، وفريدة (15 عاماً) وتميم (7 أعوام) أبناء نجلها تامر، وهم زهور حياتها ولا تستطيع الغياب عنهم يوما واحدا. وتتذكر موقفا طريفا لا تنساه أثناء تواجدها بلجنة المسرح بالمجلس الأعلي للثقافة في بداية عملها وخلال قراءتها لنص مسرحية مع الإذاعي الكبير يوسف الحطاب عضو اللجنة كانت تردد لفظا خطأ وتقول "أجا ممنون".. وهو اسم لشخصية يونانية قديمة، يُنطق ككلمة واحدة "أجاممنون".. وظل الحطاب يراجعني في نطق الكلمة وفوجئت برده عليّ بسخرية "أجا ممنون".. "أجا متشكر" وبالطبع فهمت وتعلمت من طريقة رده أن أكون قارئة جيدة في عالم المسرح خصوصا العالمي. وتضيف أنها عاشقة لفن الطهي ولكنها لاتدخل المطبخ إلا بناء علي طلب أسرتها خاصة في ظل وجود مسئولة عن الطهي تتولي هي الإشراف عليها بعناية. وبالنسبة لها فهي متمكنة في عمل المحاشي والأرز بالخلطة وعمل الأسماك بكل الطرق وتفضل أكل السنجاري بالمنزل. وبالنسبة للموضة فهي تعشق ارتداء الأطقم المتنوعة بنقشات مبتكرة وذوق رفيع يليق بوضعها الاجتماعي، فيما لا تحبذ المبالغة في المكياج بل تضعه في أضيق الحدود، وتؤكد أنها عاشقة لرياضة المشي وتتابع مباريات التنس والسلة والطائرة خصوصا داخل النادي الأهلي فهي من أسرة أهلاوية تعشق اللون الأحمر، وتؤمن دائما بالمثل القائل "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً".