تعد قضية تنمية الإنسان من القضايا الهامة، حيث إنها تعتبر أساس وقاعدة كل تنمية اقتصادية واجتماعية. إن الإنسان مخلوق مكرم وهو محور التنمية والذي يركز علي توفير حقوقه وصيانة كرامته والوفاء بحاجاته الأساسية، وحرية التعبير، والمشاركة في بناء مجتمعه وتطوره. وهذا يتطلب تنمية مختلف طاقاته الجسمية والعقلية والروحية. وإذا كانت هذه هي أهم حقوق الإنسان، فإن هذا يتطلب في الوقت نفسه مجتمعًا يتمتع بالاستقرار والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والذي يقضي علي العنف والإرهاب أو الهيمنة. والإنسان كذلك هو هدف ومحور التنمية والفاعل الأول فيها، والمستفيد الأول منها، وبذلك تصبح التنمية البشرية ذات جناحين هدفًا ووسيلة، فهي تنمية الإنسان ذاته، وتنمية في الإنسان، ومن أجله، ومن خلاله، متواصلة عبر الأجيال. فنهضة الدول لم تعتمد علي المواد الخام والثروات الطبيعية فقط لإحداث التنمية الاقتصادية، ولكن اهتمت بالإنسان وتنمية الثروة البشرية وتوفير الفرص المناسبة للإنسان للإبداع والابتكار والمشاركة الفعالة من خلال العناية الفائقة بالتعليم والتدريب وهذا هو العامل الرئيسي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وتعد قضية التنمية البشرية من القضايا الهامة، حيث تعتبر القاعدة للتنمية الشاملة والوسيلة الفعالة للتقدم والنهوض ولتضييق الفجوة بيننا وبين الدول المتقدمة. وقد غاب الاهتمام بالإنسان بكل جوانبه الروحية والخلقية والوجدانية والعقلية والجسمية الذي هو أساس كل تنمية. والإنسان بهذا المفهوم الشامل يصعب إعداده إلا من خلال التعليم والتربية التي تضع لنفسها أهدافًا وخططًا ومناهج مدروسة وواضحة. فالتعليم هو الدعامة الأساسية للتنمية الشاملة، هو ثروة وقيمة ثقافية، وأنه ركيزة لدفع عجلة التنمية، وهو وسيلة للحراك والتغيير الاجتماعي والتميز والتفوق ومواجهة تحديات العصر والعولمة ، وهو ركيزة من ركائز نهضة الأمم فالدول التي تقدمت اهتمت بالتنمية البشرية التي عمادها إصلاح نظام التعليم والتدريب وخططه وأهدافه ومناهجه وأساليبه ووسائله في ضوء التطورات العلمية والتكنولوجية وتحديات العصر والعولمة وطبيعة وخصائص المجتمع ومطالب التنمية ، لذا يجب وضع التعليم علي رأس أولوياتنا وأن يكون هدفاً نسعي اليه باعتباره القاطرة التي تعبر بنا إلي بناء الإنسان المصري. كذلك فإن التعليم هو استثمار في رأس المال البشري حيث يقوم بإعداد القوي العاملة وتطويرها وتأهيلها لدفع وتقدم عملية التنمية لأن الإنسان هو الذي يتحكم في رأس المال الاقتصادي، ولأن الأجيال الصاعدة هي التي ستتحكم في مقدرات الأمة ومستقبلها. كما أن التعليم يعد استثمارا طويل المدي يتجسد في تنمية الثروة البشرية، ويدر عوائد اقتصادية أكبر من ذلك الاستثمار في رأس المال الطبيعي، ويسهم في تذويب الفوارق الاجتماعية والاقتصادية بين أفراد المجتمع، كما يسهم في الحراك الاجتماعي والاقتصادي من مستويات معيشية أقل إلي مستويات أعلي علي المدي الطويل. وهنا أود أن أشير إلي أن التقدم لم يعد مرتبطًا بمصادر الثروة الطبيعية المتاحة للأمة بقدر ارتباطه بمصادر ثروتها البشرية حيث تعتمد الحضارة المعاصرة وهي حضارة علمية وتكنولوجية علي أفكار وثقافة الناس، ثم هي تتحول إلي عمل علي أيدي الناس، ومن ثم فإن التجديد يجد جذوره في تنمية الإنسان، كذلك فإن التعليم يسهم بشكل مباشر في زيادة الدخل القومي عن طريق تنمية الثروة البشرية ورفع كفاءة وإنتاجية اليد العاملة. ويمكن القول إن التعليم مطلب أساسي من مطالب التنمية. وطالما أن التعليم في مصر يعاني من بعض المشكلات فإن الصعوبة الأولي التي تواجه عملية التنمية تتعلق برأس المال البشري، ولهذا يكون التقدم والتنمية بطيئي السرعة. ولهذا يمكن أن نؤكد علي أهمية تحسين مستوي التعليم والربط بين التعليم ومناهجه من ناحية وحاجات ومتطلبات التنمية في المجتمع من ناحية أخري.