المصورة السويدية »زينيا نيكولسكايا» استمرت تبحث لأكثر من خمس سنوات في محاولة لإزالة الغبار عن القصور التاريخية التي تزخر بها مصر.. أسفرت أبحاثها عن مشروع فني مُصوَّر يوثق معمار مصر الذي تعرض للهدم والنسيان من خلال سبعين صورة من ثلاثين موقعا في القاهرة والإسكندرية وبورسعيد والمنيا والأقصر وإسنا، والصورة أقوي كثيرا من الكلمة. قصر الأمير سعيد حليم.. عرف بقصر »شامبليون» لأن واجهته الغربية تطل علي شارع »شامبليون» الشهير بوسط القاهرة، ويظن البعض أن صاحب القصر هو »شامبليون» الفرنسي الذي استطاع أن يفك شفرة رموز حجر رشيد، لكن الحقيقة أن القصر ملك للأمير »سعيد حليم باشا» حفيد محمد علي باشا الكبير.. ويرجع تاريخ القصر إلي عام 1895 عندما قرر الأمير أن يبني قصرا هدية لزوجته فخصص له مساحة 4781 مترا مربعا وأسند تصميمه وتنفيذه للمهندس الإيطالي المشهور آنذاك »أنطونيو لاشياك» الذي صمم قصر المنتزه والمقر الرئيسي لبنك مصر بشارع محمد فريد والأبنية الخديوية بشارع عماد الدين.. لكن زوجة الأمير رفضت الإقامة بالقصر بالرغم من وصفه بأنه تحفة معمارية، فهو يتكون من طابقين ويضم بهوا كبيرا ممتدا بطول القصر من الشمال الي الجنوب، ويتصدر البهو شمالا سلم مزدوج ذو فرعين إضافة إلي قبو مكون من قاعة ضخمة ودهليز وبعض الملحقات الخدمية، وفي عام 1914 نشبت الحرب العالمية الأولي وصادرت الحكومة أملاك الأمير باعتباره من رعايا دولة معادية، وتحول إلي معسكر لتدريب الطلاب وقت ثورة يوليو 1952 ثم تحول القصر إلي مدرسة الناصرية الابتدائية للبنين التي تخرج فيها الصحفيان مصطفي وعلي أمين، وفي السنوات الأخيرة أخلت المدرسة القصر وظل مغلقا منذ ذلك الحين.. تزخر غرف القصر بالكثير من الزخارف الهندسية والنباتية وتماثيل منحوتة للأسرة كاملة بحديقة القصر وتسجل نبذة مختصرة عن تاريخهم علي ألواح من الرخام توضع التماثيل أعلاها، ويضاء القصر بأكمله ليلا بأسلوب خاص ليظهر بمنظر جمالي يختلف تماما عنه نهارا. وبمرور السنوات تحول القصر إلي مجرد بناء رمادي اللون تستخدم حوائطه لإسناد كراسي المقاهي المحيطة، وعام 2007 قرر محافظ القاهرة ضم القصر لوزارة الثقافة لترميمه وليصبح في قائمة المباني الأثرية، لكنه ظل حتي الآن دون ترميم. قصر عمر طوسون باشا: يطل علي ترعة المحمودية بالإسكندرية وهو خلاف القصر الموجود بشبرا.. وعمر طوسون أحد الأمراء خلال فترة حكم أسرة محمد علي، وهو الابن الثاني للأمير »طوسون» بن محمد سعيد بن محمد علي مؤسس مصر الحديثة، ووالدته الأميرة فاطمة إحدي بنات الخديوي إسماعيل، ويمثل القصر طرازا فريدا للعمارة، وواجهته الأمامية صورة مصغرة لواجهة قصر »فرساي» في باريس، ويضم بحيرة بها أندر أنواع الأسماك الملونة والنباتات المائية.. وبعد تطبيق مبادئ الاشتراكية تم تحويل البحيرة المحيطة بجدران القصر لمساكن شعبية تحتضن الفقراء تطبيقا لمبادئ الاشتراكية، لتصبح فيما بعد منطقة »الحضرة» الشعبية الشهيرة، وحلت أكواخ الصفيح محل حدائق القصر وأشهرها حديقة »أنطونيادس» وأشجار النخيل، وتقلصت مساحة القصر من 6 آلاف متر إلي ألف متر فقط.. ولم تسلم جدران القصر من الإهمال فحولت وزارة التربية والتعليم مبانيه إلي مخزن للكتب الدراسية وتم تدمير أرضياته الرخامية وكسر زجاج شبابيكه الملون لتخلو من أي ملامح جمالية. (وللحديث بقية).