ما المقصود بأن المشقة تجلب التيسير؟ أولا: المشقة تجلب التيسير: مفهومها: أن مشقة الالتزام إذا كانت أكبر من الاحتمال وفق القدرات البشرية العادية كان ذلك مدعاة إلي التخفيف، قال الله - سبحانه وتعالي - »يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر»، وقال سيدنا رسول الله - - : »يسروا ولا تعسروا...» ، وتتصل »الرخص الشرعية» بهذه القاعدة اتصالا وثيقا، وفق الاسباب القاضية بهذا التخفيف وهي - في الجملة - سبعة: المرض: ويعني به كل ما خرج به الانسان عن حال الاعتدال ، وبسببه أبيح الفطر في نهار رمضان، والتيمم ، والقعود والاتكاء في الصلاة، وعدم الجهاد المشروع. النقص: يراد به نقص الاهلية وبسببه رفع التكليف الشرعي عن الاطفال والصبيان، ورفعت بعض الواجبات التي لا تتناسب مع الأعباء عن النساء والارقاء كأداء صلاة الجمعة مثلا. النسيان : بسببه رفعت المؤاخذة عمن أفطر في نهار رمضان ناسيا وعدم تحريم ذبيحة تارك التسمية عليها ناسيا. الجهل : يراد به الجهل المطبق بالشيء، وبسببه يسوغ رد المبيع المعيب لمن اشتراه جاهلا بعيبه، والعقوبة الدنيوية عمن أسلم حديثا أو نشأ معزولا وجهل شيئاً محرما. السفر : يراد به السفر المشروع فوق مسافة القصر - لدي جمهور الفقهاء - ولأجله أبيح الفطر في رمضان ، وقصر المفروضة الرباعية و جمع الصلاة. الإكراه : وهو حمل النفس علي غير مرادها، وبسببه رخص في أكل الميتة للمضطر لاستبقاء الحياة. عموم البلوي : ولأجله عُفي عما لا يمكن الاحتراز عنه كرشاش نجاسة لا تري. ثانيا: رفع الحرج : يعني بالحرج تحمل الانسان مشقة خارجة عن الطاقة البشرية المعتادة فيما يتعلق بالتكاليف الشرعية هذا الحرج رفعته الشريعة الغراء لأن الحرج يؤدي إلي النفور من جهة وإلي تضييع مهمات أخري لازمة للمعاش من جهة أخري. قال رسول الله - - : »إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق ولا تبغضوا إلي أنفسكم عبادة الله، فإن المنبت - من عطبت راحلته حال سفره - لا أرضا قطع ، ولا ظهرا أبقي». وقال رسول الله - - : »عليكم من الأعمال بما تطيقون فإن الله لا يمل حتي تملوا». إن اليسر والرفق جوهر الشريعة الإسلامية ومقصودها، لمؤدي ذلك إلي الإقبال علي الله - عز وجل - القائل: »وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ» »الآية 7 من الحجرات» ومن جيد ما يستشهد به ما روي أن سلمان زار أبا الدرداء - رضي الله عنهما - فرأي زوجته متبذلة - أي في هيئة غير حسنة - فقال لها ما شأنك ؟ قالت : أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا.... فقال له سلمان : »إن لربك عليك حقا، وإن لنفسك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه» ثم أتي النبي - - فذكر له ذلك، فقال - - »صدق سلمان».