فاز الكاتب الأمريكي بول بيتي بجائزة مان بوكر عن روايته "خيانة"، فأصبح بذلك أول كاتب أمريكي يفوز بتلك الجائزة، بعد أن تغيرت قواعد قبول الأعمال المرشحة للجائزة منذ ثلاث سنوات لتصبح مفتوحة لجميع جنسيات البلاد المتحدثة باللغة الإنجليزية وأن يكون سبق نشرها في إنجلترا. الرواية الفائزة التي عمد كاتبها شن هجوم ناري ضد سياسة التفرقة العنصرية في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وضعتها لجنة تحكيم البوكر في مصاف روايات مارك توين وجوناثان سويفت، فقد حشد فيها بول بيتي البالغ من العمر 54 عاما والمولود في لوس أنجلوس، العديد من عبارات السخرية التي تثير الضحك عبر الشخصية الرئيسية، مع تأكيد هويته الأفروأمريكية، بالإضافة إلي إعادة صياغة قهر العبودية والتفريق العنصري بطريقة هجومية شرسة اعترف كاتبها أن القراء ربما يجدون أنها كتاب صعب، إلا أن المؤرخة أماندا فورمان رئيسة لجنة تحكيم الجائزة قالت أن ذلك لا يمكن اعتباره تأثير سيء، وأضافت: "بينما أنت متسمر علي مقعدك دون حراك، تشعر بدغدغة، إنه مثل لاعب أكروبات ينطلق بحيوية هائلة وطاقة وثقة بالنفس، دون إتاحة أي فرصة لك علي الإطلاق لتجنب لكماته، إنه شخص يكتب عند أعلي مستويات لعبتهم"، كما أطلقت علي الرواية الفائزة أنها "رواية العصر" لاسيما في سياق تناول حركة "قضية حياة السود" المناهضة للتفرقة العنصرية. استكملت فورمان: "إن (خيانة) أحد الكتب المتناهية الندرة، القادرة علي إثارة الجدل، وهو شيء غاية في الصعوبة، ولا يمكن تحقيقه بسهولة، فهو يتعمق داخل قلب المجتمع الأمريكي المعاصر، مع حس فكاهة لا يمكن السيطرة عليه، وهو ما لم يحدث من قبل سوي في كتابات توين وسويفت". ثم استطردت: "لقد تمكن من اختراق جميع التابوهات الاجتماعية، وتصحيح الهنات بسلاسة، وتناول بدقة كل ما هو مقدس، بينما يدفعنا للضحك ، دون أن يجفل لنا جفن، إنها رواية مبهجة ومؤلمة في ذات الوقت". تم إعلان الفائز بمبلغ الجائزة وقيمته خمسين ألف جنيه أسترليني في حفل عشاء رسمي بمقر بلدية لندن، ذلك الفوز يعود أيضا علي دار نشر "وان وورد" وهي دار نشر صغيرة مستقلة، قدمت الفائز بالبوكر العام الماضي مارلون جيمس عن روايته "لمحة تاريخية حول سبعة عمليات قتل". وقد فاضت مشاعر بول بيتي حين علم بفوزه بالجائزة فصرح للجمهور قائلا: "لا أرغب أن يتحول الأمر إلي شيء درامي، مثل أن الكتابة أنقذت حياتي، إلا أن الكتابة منحتني حياة"، وفي مؤتمر صحفي قصير بعد ذلك قال إن الفوز يعني له الكثير فهو مثل "سعادة عارمة"، فهو لا يعتبر كتابة هجاء، إلا أنه سعيد لوصفه كذلك، ذلك الكتاب الذي ربما عند إعداده لم يتوقع أن يلقي نجاحا عبر أنحاء العالم، فقد صرح بيتي أن أحد أساتذته بالجامعة قال له إنه لن يحقق نجاحا ككاتب، كما يبدو أنه لا يستمتع بعمله، حيث قال: "لا أحب الكتابة، إنها شيء صعب، عليك أن تظل جالسا، أنا أتوق إلي الكمال علي ما أعتقد، كما أجتذب الساخطين بسهولة، مما يثبط عزيمتي، فأنا غاية في القسوة علي نفسي، وأميل إلي تأنيبها، وتدميرها، لكن حين أكتب، أحاول ألا أفعل ذلك، وأحاول أن أعيش اللحظة، كي أثق في نفسي". تحليل رواية "خيانة" كسر قواعد شكل الكتب المستحقة للفوز بالجوائز، بول بيتي إضافة مبهجة للبوكر، استغرقت لجنة التحكيم تقريبا أربع ساعات قبل الوصول إلي قرار بالاجماع عليها، في نفس الوقت كان يجري رهان حول احتمالات الفوز، رشحها عدد كبير من النقاد لتميزها بالجرأة والمباشرة، أما وول ستريت جورنال فقد كتبت عنها: "إنها هجاء سويفتي من الدرجة الأولي، مثل شخص يطلق النار عشوائيا صوب مسرح مزدحم، مستر بيتي همس عن عنصرية في عالم ما بعد العنصرية". كما قال فرانسيس جيرتلر رئيس تحرير موقع مكتبات فويلز أن "خيانة" شجاعة ومضحكة، مضيفا: "تتطلب منك وقتا قليلا قبل أن تسبر أغوارها، وبمجرد حدوث ذلك، لا تستطيع مفارقتها، إنها سخرية ذكية من راو بارع". زملاء فورمان في لجنة التحكيم خاضوا قراءة 155 كتابا خلال أكثر من عشرة شهور، وهم الناقد والمحاضر جون يوم، والروائي والأكاديمي عبد الرازق جرنا، والشاعر الأكاديمي ديفيد هارسنت، والممثلة أوليفيا وليامز، حيث تعتمد اللجنة في اختيار الفائز علي: جماليات النثر، وجودته، وعمق الأفكار، وبراعة الكتابة، وقدرته علي جذب القارئ. وقد قدم بيتي من قبل 3 روايات وكتابين من الشعر. من بين الكتب التي خسرت الجائزة: "إيلين" لأوتيسا موشفيج من أمريكا، "لا تقول ليس لدينا شيء" لمادلين ثين من كندا، "كل هذا الرجل" لديفيد زالالي من كندا، "مشروعه الدموي" لجرايم ماكري برينت من المملكة المتحدة، و"الحليب الساخن" لديبورا ليفي من المملكة المتحدة، وهي الأكثر شهرة في القائمة، حيث كانت ضمن قائمة البوكر القصيرة سنة 2012.