جاء قرار خفض مخصصات مكاتبنا الخارجية بنسبة 50٪ في الوقت الذي كانت تحتاج فيه للمزيد من الدعم في أعقاب الحرب العالمية الثانية رفعت بريطانيا شعار التصدير أو الموت.. ونحن في عز أزمتنا الاقتصادية أصدرنا قراراً تنقصه الشفافية.. القرار ينص علي خفض ميزانيات البعثات الدبلوماسية بنسبة 50٪ دون تقديم المزيد من التفاصيل.. نعم الدولة تعاني عجزاً كبيراً في الموازنة نتيجة ارتفاع خدمة الدين وزيادة المرتبات من 85 مليار جنيه إلي 228 مليار جنيه دون أن يقابل ذلك زيادة في الانتاج والانتاجية، وترتب علي ذلك ارتفاع أسعار السلع والخدمات لزيادة الطلب عليها.. ولجأت الدولة إلي زيادة الدعم حتي بلغ أرقاماً قياسية.. ونتج عن هذه الأعباء وانخفاض الموارد من السياحة وتحويلات المصريين في الخارج أن انخفضت قيمة الجنيه في مواجهة الدولار وواجهت الدولة أزمة في تدبير العملات الحرة لاستيراد الخامات ومستلزمات الانتاج، كما واجهت الحملات الظالمة ضد صادراتنا الزراعية. وأمام هذه التحديات كان برنامج الإصلاح الاقتصادي المعروض الآن علي صندوق النقد الدولي، ومن بين أهدافه مضاعفة قيمة صادراتنا خلال خمس سنوات لعلاج عجز الموازنة لكن جاء السؤال الذي يفرض نفسه بقوة كيف يتحقق هذا الهدف في الوقت الذي خفضت فيه الدولة مكاتب التمثيل التجاري رغم ان الممثل التجاري هو أول من يستقبل رجل الأعمال المصري، ويمهد الطريق أمام الدولة لعقد الصفقات استيراداً وتصديراً وحلاً للعقبات، وتعريفاً بأحدث التشريعات والقرارات وإقامة المعارض الخارجية لترويج السلع والمشروعات الاستثمارية، ودراسة الأسواق والإعداد للجان المشتركة. والسؤال هنا هل تستطيع سفارتنا في الخارج القيام بكل هذه المهام اضافة إلي مهامها؟ والإجابة بالقطع لا.. لقد كانت لنا تجربة مماثلة في السبعينيات ترتب عليها ان تركنا الساحة لإسرائيل لترتع في الدول الافريقية، وغيرها.. ودفعنا الثمن. المكتب الثاني الذي سيناله التأثير من هذا القرار.. هو المكتب الإعلامي التابع لهيئة الاستعلامات، والذي سبق تخفيض اعتماداته في الوقت الذي تتعرض فيه مصر لهجمة شرسة ظالمة من أعداء الوطن واعتماد الإعلام الأجنبي علي المعلومات التي يتلقاها منهم. وأخيراً المكاتب العمالية في الخارج والتي تقوم بتسوية نزاعات العمالة المصرية مع أصحاب الأعمال، والحصول علي حقوقهم وتأمينهم.. وتزداد أهمية هذه المكاتب خاصة في غياب مكاتب تابعة لوزارة الهجرة وشئون المصريين في الخارج الأمر الذي يدفع بسفر الوزيرة نبيلة مكرم لمناطق النزاعات التي أصبحت متعددة.. ان من واجب الدولة دعم مكاتب التمثيل التجاري، والإعلامي والعمالي وليس تخفيض الاعتمادات المخصصة لها بنسبة 50٪.. ومن هنا يتطلب الأمر دراسة دور كل مكتب علي حدة.