في سابقة نادرة، وقبل أسبوعين من انتخابات الرئاسة الامريكية، وقفت مديرة الحملة الانتخابية للمرشح الجمهوري »ترامب» لتعترف علانية بأنه متخلف في السباق نحو البيت الأبيض، وأن هيلاري كلينتون هي الأقرب للرئاسة.. وإن كانت قد تحفظت تحفظا خجولا بأن النهاية لم تكتب بعد!! والحقيقة أن النهاية مكتوبة، والسباق محسوم لصالح كلينتون منذ أن »أهداها!! » الحزب الجمهوري هذا المرشح ليكون منافسها في السباق إلي البيت الابيض!! كان اختيار »ترامب» مرشحا للحزب الجمهوري، اعترافا من الحزب بأنه في أزمة طاحنة، وأنه عاجز عن تقديم أي رؤية جديدة للتعامل مع المشاكل الكبيرة التي تواجهها أمريكا. وبالتالي كان الاختيار العبثي لترامب الذي لا يملك أي تاريخ سياسي، ولا يعرف إلا لغة المال، ولا يعتمد إلا علي تفجير طاقة الكراهية عند الامريكان البيض ضد كل الأقليات، ويتصور أن نساء أمريكا هن الغانيات اللاتي كان يلهو معهن، ويمزج بين دور المهرج والأحمق ، متصورا أن ذلك يمكن أن يقنع الغاضبين في أمريكا بأنه »المنقذ»!! لو واجهت هيلاري كلينتون أي مرشح له قيمة سياسية ، لوجدت صعوبة في هزيمته، خاصة أن الناخب الامريكي لا يفضل بقاء حزب في الرئاسة لأكثر من ولايتين »كما جري مع أوباما» ويفضل التغيير لتأكيد مبدأ تداول السلطة. بالاضافة إلي قضايا كثيرة مازالت معلقة بشأن اداء كلينتون وهي وزيرة للخارجية.. بدءا من مقتل السفير الامريكي في ليبيا إلي استخدام بريدها الالكتروني الخاص في مراسلات رسمية لها أهميتها وسريتها. وبالاضافة أيضا إلي افتقاد كلينتون إلي الكثير من القدرة علي التواصل مع الجماهير، وتحملها بالضرورة لتبعات ونتائج ثماني سنوات من حكم سلفها الديموقراطي »أوباما» رغم كل ما حققه من إيجابيات في السياسة الداخلية. لكن الحزب الجمهوري كان المناصر الأكبر لكلينتون، عندما اختار »ترامب» أو فرض عليه »ترامب» ان يختاره مرشحا له، ليكون عنوانا علي مدي تردي الأوضاع داخل الحزب »!!» وليكون أيضا تعبيرا عن عدم ثقة جماهير الحزب بقياداتها، ورغبتها في التغيير التي لم تجد مرشحا مناسبا، فأعطت أصواتها ل »ترامب» وأعطت الرئاسة مبكرا ل »هيلاري كلينتون».. خاصة بعد أن أدت حماقات »ترامب» إلي توحيد صفوف الحزب الديموقراطي وراء كلينتون، وتمزق صفوف الحزب الجمهوري »أو ما تبقي منه» بعد إعلان معظم قياداته أنهم لن يصوتوا لهذا المهرج الذي لا يطيح فقط بآمال الحزب في استعادة موقع الرئاسة، بل يهدد بفقدان الحزب لسيطرته علي مجلس الكونجرس »الشيوخ والنواب» وهما محور المنافسة الحقيقية الآن، بعد أن حسم موقع الرئاسة مبكرا. ستكون هيلاري كلينتون هي أول امرأة تتولي الرئاسة في أقوي دول العالم. لكن مشكلتها الاساسية ستكون أنها ستحكم أمريكا غير التي كانت قبل ذلك. أمريكا تسعي للتغيير وتعاني الخوف علي مستقبلها. وتلك قضية تستحق منا، ومن كل المتابعين ومراكز الابحاث ، أن نتابعها من الآن لآن آثارها الكبيرة لن تكون بعيده عنا!!