أسيرُ علي حدود الموت مضطربًا، أُجَمِّع من حياة الخلق ضِحْكاتٍ معبأةً، مغلفةً بجلد زائف مرت عليه خيولُ كونٍ، بعثر الآمالَ في الآفاقِ، أسقطَ في القلوب دمًا و بعضَ جماجمٍ، أمضي بلا جهةٍ ؛ فليس لدائرٍ جهةٌ سوي جسدٍ أحاط به الهواءُ ؛ فخلخل الأعضاء.. حتي رفرفت فوق الرؤوس مفاتن ٌ، باعتْ قضيتَها، وصبت جامَ شهوتِها علي عينين، لم تنضب دموعُهما من الذكر الحكيم ؛ فصدت الأهدابُ آلافًا من الضرباتِ لكن الهوي سيلٌ، يُفَتِّحُ في القلوب مدائنَ الذكري، ويقتحمُ القلاعَ ؛ ليصبحَ الجسدُ المصابُ به هو المأوي، وليس يرد تاريخا.. وليس يرد جغرافيا.. فتشعَل فيه أشجارٌ من الزيتون، توقد ضوءها، وتصب زيتا للتراب ؛ لكي يشق إلي الهوي مروي أفكر في الفرار من الهواء إلي تراب الضوءِ ؛ حتي تسبح الطير الشهيدة في عروق الأرض، لكن انفطار القلب عن بئر من الذكري.. يعيد تدفق الأحلام، يروي العشب في جسدي ؛ فتورق كل أغصاني، وتُسمعني الثمارُ حديثَها سرًا عن الآتي، وعن طير تصادقها بغير تحرشٍ ؛ لتظل بِكرا، تحتمي بالعظم حين تفر من غدر.. تفتش في الهواء الحر عن وطن.. يرش العطر للأغصانِ، ليس يبيع أشجارا فتبذرُ فيه بذرتَها، وتمسح ما تصبَّبَ من جبين الشمس من عرقٍ، تقشر نفسَها، وترد قشرتها لطمي النيلِ ؛ علَّ الماء يصفو، ثم يغسلني ؛ لأصبح قابلا للحلم، أُخرِج من مسامِ يدي زهورًا، أصطفي المارين من قلب إلي قلبٍ ؛ لأمنحَها لهم.. وبها رحيقُ الأرضِ.. والعرقُ الذي ألقي إلي الأرض التحيةَ.. قبل أن يُمتص في جذر النباتات العريقةِ، يا لها من دورةٍ! قد تستعيد حكاية الدنيا، وتفتح بين قلبينا طرائقَ.. لا تمر بها سوي عربات أمنٍ للقلوبِ، توزع الورد المغلف بابتسامة فجرها.. لجميع من صلي علي سجادها، أو صام يوما عن جموح خيالها. لا شيء يبقي غيرُ تاريخي الذي نقشته أوردتي، فيا حراسُ، ردوا كل أعضائي فأنفي لم يعد بطلا يشم الوردَ لكنَّ انفتاح العين عن رؤيا.. يصالح بين رمل الروح والدنيا ؛ لأمضيَ حاملا قلما، يفتش في قلوب الناس عن شجرٍ، ويرسم فوق جدران البيوتِ الوردَ، يضحك كل من مروا، وتنفتح الشبابيك التي أخفت براح الروح، أُبصرُني.. يدي تحتل أوردتي، تشق الصخر، تفتح في جدار القلب طاقاتٍ ؛ ليعبر بعض من دخلوا بلا إذنٍ ؛ فتتجهين للبحرِ.. الرزاز يشاكس العينين، والرمل استعاد الضحكَ، يرسم في سماء البحر أغنيةً.. علي ألحانها تأتي النجوم، تحط ضحكتها علي كتفي، فأمضي.. ليس يتبعني سوي حُلمي، وحولي ضحكةُ الأطفالِ، تكنس ما تبقي في شوارع عقلي المكدودِ من ألمٍ، تغني ضحكة الأطفال من حولي، تذكرني بها دوما، لها وجهٌ أطوف به اللياليَ، ثم أوقف عند خديها خيولي ؛ كي أسابقَها إلي العينين ؛ عل الشمس تفرد ما تكرمَشَ من جلود الناسِ، تُخرج من قلوب الأرض كل رطوبةٍ ؛ فأري الرمال تطير ضاحكةً، ويحضنني الهواء بكل أعضائي.