سعر الدولار اليوم يقفز عالميًا بعد الهجوم الإيراني الجديد (قائمة أسعاره الجديدة)    أسعار الخضروات والأسماك والدواجن اليوم 16 يونيو بسوق العبور للجملة    بعد عمله اليومى.. محافظ قنا يتجول بدراجة فى شوارع المحافظة    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الاثنين 16-6-2025.. هبوط كبير تجاوز 900 جنيه    رئيس جهاز حماية المستهلك يلتقي وزير الطيران المدني لبحث سُبل التعاون بين الجانبين    إعلام عبري: مقتل 4 إسرائيليين جراء إصابة مباشرة بصاروخ إيراني في بيتح تكفا    وصول بعثة الأهلى لفندق الإقامة فى نيوجيرسى.. صور    ليس تريزيجيه.. ميدو يحمل هذا اللاعب مسؤولية إهدار ركلة جزاء الأهلي ضد إنتر ميامي    وزير الثقافة يشهد العرض المسرحي «كارمن» بمسرح الطليعة ويشيد بصناعه | بالصور    منتخب السعودية يستهل مشواره في الكأس الذهبية بالفوز على هاييتي بهدف    ميدو يتحدث عن أمنيته ل الأهلي في كأس العالم.. ويوجه رسالة بشأن زيزو (فيديو)    مدرب بالميراس: مباراة بورتو ستساعدنا على التحضير لمواجهة الأهلي    قوات الحرس الثورى الإيرانى تُسقط 3 طائرات إسرائيلية فى زنجان وسنندج    ترامب: بوتين مستعد للوساطة.. واتفقنا على إنهاء التصعيد في الشرق الأوسط    الضربة الاستباقية الإسرائيلية ضد إيران بين الفشل والنجاح    عادل عقل: تعادل بالميراس وبورتو يشعل مجموعة الأهلى.. وفوز كبير للبايرن بمونديال الأندية    وسائل إعلام إسرائيلية: عدة مواقع في تل أبيب تعرضت لدمار كبير    إيران تشن أوسع هجوم صاروخي على إسرائيل حتى الآن    أحمد السقا يرد على تهنئة نجله بعيد الأب.. ماذا قال؟    ارتفاع قتلى الهجوم الإيراني على إسرائيل إلى 16 قتيلا    3 أيام متواصلة.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والبنوك والمدارس (تفاصيل)    مراجعة اللغة الفرنسية الصف الثالث الثانوي 2025 الجزء الثاني «PDF»    انكسار حدة الموجة شديدة الحرارة.. الأرصاد تعلن مفاجأة بشأن طقس الساعات المقبلة    فيديو.. الأمن الإيراني يطارد شاحنة تابعة للموساد    مجموعة الأهلي.. نتيجة مباراة بالميراس وبورتو في كأس العالم للأندية    نجوى كرم تطلق ألبوم «حالة طوارئ» وسط تفاعل واسع وجمهور مترقب    بعد تعرضها لوعكة صحية.. كريم الحسيني يطلب الدعاء لزوجته    أحمد سعد يشعل حفل الجامعة الأمريكية، ويحيي الأوائل    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأثنين 16 يونيو 2025    إمام عاشور: أشكر الخطيب.. ما فعله ليس غريبا على الأهلي    وفاة تلميذ متأثرًا بإصابته بلدغة ثعبان في قنا    صرف الخبز البلدي المدعم للمصطافين في عدد من المحافظات    حريق داخل مدينة البعوث الإسلامية بالدراسة    مصرع طفلتين في حريق بمنزل أسرتهما بالزقازيق    ضبط موظف تحرش براقصة أرجنتينية في العجوزة والأمن يفحص    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل الدراسة في فارم دي صيدلة إكلينيكية حلوان    شركة مياه الشرب بكفر الشيخ تُصلح كسرين في خط مياه الشرب    ختام فعاليات اليوم الأول من برنامج "المرأة تقود" بكفر الشيخ    بى إس جى ضد أتلتيكو مدريد.. إنريكى: نسير على الطريق الصحيح    ليلى عز العرب: كل عائلتى وأصحابهم واللى بعرفهم أشادوا بحلقات "نوستالجيا"    لا تسمح لطرف خارجي بالتأثير عليك سلبًا.. توقعات برج الجدي اليوم 16 يونيو    حدث بالفن | وفاة نجل صلاح الشرنوبي وموقف محرج ل باسكال مشعلاني والفنانين في مباراة الأهلي    رصاص في قلب الليل.. أسرار مأمورية أمنية تحولت لمعركة في أطفيح    أمين الفتوى: الله يغفر الذنوب شرط الاخلاص في التوبة وعدم الشرك    هل الزيادة في البيع بالتقسيط ربا؟.. أمين الفتوى يرد (فيديو)    عانى من أضرار صحية وتسبب في تغيير سياسة «جينيس».. قصة مراهق ظل 11 يوما دون نوم    سبب رئيسي في آلام الظهر والرقبة.. أبرز علامات الانزلاق الغضروفي    لدغة نحلة تُنهي حياة ملياردير هندي خلال مباراة "بولو"    صحة الفيوم تعلن إجراء 4،441 جلسة غسيل كلوي خلال أيام عيد الأضحى المبارك    الثلاثاء.. تشييع جثمان شقيق الفنانة لطيفة    عميدة إعلام عين شمس: النماذج العربية الداعمة لتطوير التعليم تجارب ملهمة    "نقل النواب" تناقش طلبات إحاطة بشأن تأخر مشروعات بالمحافظات    3 طرق شهيرة لإعداد صوص الشيكولاتة في المنزل    وزير الشئون النيابية يحضر جلسة النواب بشأن قانون تنظيم بعض الأحكام المتعلقة بملكية الدولة في الشركات المملوكة لها    بوستات تهنئة برأس السنة الهجرية للفيس بوك    تنسيقية شباب الأحزاب تحتفل بمرور 7 سنوات على تأسيسها.. وتؤكد: مستمرين كركيزة سياسية في الجمهورية الجديدة    جبل القلالي يحتفل بتجليس الأنبا باخوميوس أسقفًا ورئيسًا للدير (صور)    بمناسبة العام الهجري الجديد 1447.. عبارات تعليمية وإيمانية بسيطة للأطفال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات الأخبار
سراج زكي.. موهبة جديدة انتبهوا إليها

عرفت هذا الكاتب الشاب عبر البريد الالكتروني أدهشتني نصوصه
التي تقف علي حدود الشعر والقصةً أخصص اليوميات لما وصلني منها داعيا إلي التعرف علي ابداعه
حفيف الكرمة
كان يجلس تحت تعريشة.. نزيفه يسيل كضيّ الفنار بالعاصفة.. كتمت الجبال نحيبها مخافة بينما لم تستطع الظلال الأسيانة أن تحوي الوجع بكيانها الرهيف.. فأخذت تندب مرتعشة علي الأرض.. وحده الصبّار من استطاع أن ينظر إليه فكرّمه الله بأن يخضرّ للأبد.. كان يفكّر في الأطفال الذين رجموه.. وفي قلوبهم المكتنزة كتلك العناقيد فوقه.. حين سمع السليل يئن في البريّة.. كوتر ربّاب رخّاه الزمن.. فقام يبحث عنها.. أخذ الحصي يحنّ كالنحل حتي أرشده لموضعها بين الصخور.. فحَني علي عنق الغزالة.. وقطر دمه علي الوبر فرقطته السنابل.. نظرت إليه وكانت عيناها غمامتين وخيمة للنبيّ.. بكت في حجره ففتت دمعه الحصي العالق بحافرها الرقيق.. فكّ وثاقها وأحس بخشونة الليف وهي تخدش وبرها الناعم.. وطمأن عرقها القلقان وريقها المرتجف.. مسح علي الضرع النحيل كالمطر علي ربوة.. ثم همس لتركض حرة.
خبب الشجن
لمّا قاد النبيّ الخيول الظمآنة في الصحراء أول ما رأوا في السراب كان واحة، فانطلقوا في إثرها مُسرعين سَاهين عنه ولم يفِقوا من غمرتهم إلا علي شهيق ناي نادي به عليهم، كان قد عرّفهم لنشيجه أثناء رعيهم حوله قبل إيلاف القافلة في العاصفة.. حتي إذا شتّوا جمعهم الوجد، فلووا أعناقهم وعادوا له يبكون والرمل يغشي علي عيونهم، مسح علي أعناقهم وكفكف دمعهم ثم قال للناي: الحزن رفيقي يا أخي.. وحينما نزل عليه الوحي أوصي الريح أن تمر علي حقول العيدان تأمرها بحفظ السرّ وصيانة شجنه الوارف، لذا مع كل حفيف تتأوه الأرض بحمل لم يقدر أن يستوعبه بشرٌ سواه.
مَسْح الأعناق
ولمّا كان العُنق بهاء البنيان.. لم يكن لسليمان عليه السلام إلا الحيرة حينما اصطفت الطيور علي الأشجار صامتة.. ومن كان منها محلّقًا ارتبكت تشكلات أسرابه كبدايات البكاء.. انتصب النخيل يتعجب وخشعت الوحوش كافّة بريئة كالرُضّع.. وسكنت الريح فلم يُسمع حفيفٌ ولا موج.. إلتاعت في مدارها الكويكبات الأسيانة المُغتربة وتروّي الكون بأكمله أمام موكب الجلالة.. حيث تهدج قلب سُليمان لمّا سمع الخبب الآتي وعاين وحيدا: مرور خيول الشفق والغسق والفيروز.. الغمام والليل.. والضحي والسديم.. الزبرجد والحليب والعصر.. عشرٌ من آيات العِزّة وهَيمنة القدرة.. وإذا بحضرة الجمال وقد وَعت تراتيل الكلمة وأدرك سليمان أنها مَدرجٌ لما لا يُشافه ويُحس.. فنحّي سيفه وانطلق نحوها مبهوتا باسطا كفه.
عربة التفاح
اكتظ الناس في الميدان يبصقون هتافات، يلوّحون بأعلام، والباعة السرّيحة يمرّون بالمشروبات والخسّة وسط مهرجان الدم. في الخضمّ رأيت جوادًا يجرّ عربة تفاح ، والعربجيّ ينهال عليه بالسوط، ويجلد معه فقره وقلبه المقدد.. عيونه الخنازير.. حذائه المثقوب.. وضلوعه البارزة كالجيفة. فتشنجتُ.. وتبدد صدي اللسع وسط الزحام.
حاول أن يطيعه ويمرّ بين السيارات المحشورة بالمظاهرة لكنّه لم يجد البراح الكافي ، حافره الملويّ تحت الثقل كحت الإسفلت حتي انقطع وترٌ بعرقوبه الخلفّي.. فأطلق صهيلاً مذبوح.هكذا خانه جسده ولم تسقط روحه. تهاوي مرتطمًا بهيكل سيارة وسط هدير المارة ، وتناثرت الثمرات.
نخّ علي ركبيته لاهثًا ، ثم دبّ بقسوة..لا يزال يستطيع البقاء علي قوائمه الثلاثة. العربجيّ شدّ اللجام جاذبًا عنقه للخلف فحرن للأمام ، وسمعت قطم أسنانه علي الحديد ، ولسانه المجروح يبتلع الحزن والصديد، أما السائق.. فقد اكتفي بأن يتطلع من الزجاج ويبصق، والناس.. القلوب الجصّ والأرواح المآتة نظروا إليه وهو يتقلّب ويحمحم كنوّة تتكسر، حتي همد.
مدد رأسه علي جانبه الأيسر وشخر منخاره ، والبخار مار من جسده كفولاذ تمثال يُصب..عن مأزق البشرية وتعاريف القوّة وكل هذا الهراء.. وعلي التراب مخط لعابه اللزج، تطاير الغبار، والتقط البعض من حوله الحبّات الحُمر، قطموا اللحم فرمش كالأجنحة وحدّق في السراب.. بالصهد الذائب في اللحظة.. زَبَده رغي كعصارة الثمر علي شفاههم..وبصدفة الأمل نظر إليّ.. فنفرت عروقه وضيّق جبهته.. بزغت أسنانه الصفر ثم اندلع بصهيل سحيق.
اندفعت بينهم والعربجي ينهرني، بل لوّح بالسوط يريد أن يجلدني، لكنّي كنت قد أغشيت عنهم. طوقت ذراعيّ حوله، استوعبت اضطرابه كما أناجي نفسي.. وشوشته كالحفيف كي يهدأ فخفتت خشيته.. ترطب صدري بعرقه حتي التصق عليه قميصي.. ثم اتحدنا في الصراع. احتضنت عنقه بكل قوتي وعجزي.. وإذا به يميل للأمام علي قائمتيه كدفّة قارب أنا علي متنه.. وهرجت الناس مبتعدة كالرذاذ.. ثم حانت اللحظة الأقسي حين كان عليه أن يتثاقل علي عرقوبه الخلفيّ.. نخسته بأظافري في عنقه وأنا أرفعه.. فاستثار ونهض في صياح مهول يتحدي القدر.
الآن هو يتكئ علي الحلم كالشراع.. وهذا الشراع خرقة موّال.. وهذا الموّال دمي الذي سأظل أصهل به إلي أن أموت. مسحت علي صدره فشعرت بلزوجة شعره وحشرجة لهاثه وشجنه المتصبب.. تشبّع كفّي بعبقه النفاذ للأبد.. قرّب أنفه لعنقي وأطرق، ثم وضع رأسه علي كتفي.. رويدًا خَفت كل شيء وسمعت دمعي يخفق.. فقبضت علي عُرفه بعنف.. ولوّي عنقه بوحشية استعاد بها صموده.. ثم مسحت علي الندبات بظهره فاقشعرّ. شعرت برعشات ركبته الواخزة.. ودبيب حدوته القلقة يرنّ كقلبي المتصدع.. وفجأة أحاطوا بي وعزلوني عنه.. والعربجي أخذ يكيل لي الشتائم.. لوي عنقه نحوي وهو يبتعد.. أخذت أتابعه وهو يعرج في الزحام حتي غاب بريقه الأسود.. ومضيت في هلع.
صوان الألوان
هنا والآن.. حيّ السيّدة وطني والسكينة وشاح ردّة يلفّ السائرين.. هنا والآن.. الصوان فستانُ الحياة.. نُصب فوق مطحنة البن والصباحِ الحزين.. تلمّين المُبتديان بالطرحة.. شروخُ البيوت بلون الحداد.. يندمل حشد السمسمية بدموع أم الشهيد خلف الزفّة.. وكل الورود تئن فيجيب الندي ويرد باسم محمد.. وكل اليمام يحنّ في لسعة البرد باسم محمد.. في النسيم تتنهد الزينة.. تصرّ شرّاعة القلب لأفتح للمكان ويرفرف كفرّيرة.. قلبي رطبٌ في الدروب مثل حصان الحلاوة.. بعيناي سُهوب ناي وهذا الدمع فاره.. تهيم الخطاوي وظلّي عماري.. ظلّي صراعي.. وأنتِ ملء الفراغ الحاوي.. وتحت الرموش الرهيفة لون الشجر الشجين منشاوي.. قلب الحنين غيّة والحمام في السما.. هنا ودلوقتي دمعي نوي.. والسيّدة بتشتي جنينة بشر.. الشروخ ف جداري سايبه الأثر.. الشروخ في القلب عِشرة قمر.. والطريق السكّر حروقوه في الشمس.. الزحام متلغوش والصوان متدندش..بربشوه في النسمة رحرحوه في الهمس.. مزّعوني غَمس.. يعني إيه أتخرس دمعي ده ما يقولش.. أمهات مقهورة في العزا واقفين.. الأنين مكتوم في ضمّ الرمش.. يعني ايه انداس زي نني العين.. تناغش الشبورة عيال ع الفرش.. يرسموا ف شبّاك هلال سارح.. كنت حايش بكرة لامبارح.. كنت خايف قهرة الأفراح.. والفِراشة الدايبة حاضنة الناس وهديل الآه مسجد الأنفاس.. الصفوف جوّاه رصّة كالعيدان.. يتسمع في مداه حفّة الدعوات.. تتقهر في صداه غرقة الدمعات.. قلبي شال جوّاه منحل الأشجان.. قلبي كان مهجور كما مدنة.. نوّرت في مساه غصون ملبن.. كنت طفل وحيد ومش دايخ.. الكلام قلقان من الأسياخ.. كنت طفل حظلّ مش حكبر.. الكلام سايح ما بين لغتين.. هنا والآن القلم يصغي.. أصلي كان فصحي والعامّي تفاصيلي.. زي جدر غويط في أرض الله.. جذعه صد الريح فكان فصحي فرعه ضد الميح فكان عامّي.. والنسغ ده دمّه الورق دمعي.. طب أفسر.. إن ألمي اتجلّط.. جيت أشيل القشرة جرحي غرّد.. طب أبشّر.. إن الكتابة اخضرّت.. كل البراعم قالت إن ده حيحصل.. لكن اتحسّر.. كل ده مبهوت في عز الدبغ.. قلبي ده معصور بقي شفشق دوّروه ع الخلق.. قلبي المهرّق شفق تحته جرّ الخيل رُطب ع الضَهر اللي اتحني واتمد زي الآدان.. والشعر ده شريان فؤاد حداد.. أشتل في حسّه الزمان وأقول يا وطن فينك تروح من طوفان الرمل.. حاسب لتشرق في خضم الغمر.. طب خد قصيدة وقدّف الموّال.. والخيل تقرّب مني تحت الضلّ.. عطشانة يا حزني تقطم الكلمة.. تلقاها نادية زي قلب الخس.
هل تريد أن تعرف القمر؟ «من حكاوي الجدة «
ذهبوا للقمر؟ معاتيه.. هو بنفسه يأتي إلينا كل ليلة، يحادثنا هلالًا من دقيق.. تنادمه أفكارنا ودعواتنا.. إلي أن يختمر بدره رغيف عجين.. ولكن أين قلوب الرجال المتقدة لتخبزه بعدما هجرها الندم؟.. تريد أن تعرف القمر؟ فاسمع إذا، نحن القناديل المترامية بيُتم في موج البحر.. يجذبنا ضياؤه في المد فتنحسر أرواحنا مبحرة عن الشاطيء..في الأعماق يُودع القمر سره بالأسماك المباركة، لكننا لا نملك أن نؤكل، كل ما نقدر أن نفعله هو أن نضيء..نظل في أنين مستعر.. نحوم حول النور إلي أن يلفظنا الجَذر..فتنير أسرابنا الباكية الساحل بليلة معتمة.. ومن لمساتنا اللاسعة لبعضنا نتألم ونحب..تنمو من حرارتها الطحالب ونتحد راقصين في موكب فضّة يضيء الأرض.. فتحيض البنات لأول مرة خائفة ، ويخصب النحل الأزهار وتمتلئ الضروع لتحلب في الصباح..آه، والله يا ولدي تكاد الأشعار وأعمالنا العظيمة التي نحلم فيها باتحادنا تعصر الزيتون علي الأشجار، لكن قل لي، هل العالم حقا يريد أن يعرف القمر؟.. لم يجب أن نبحث بعيدًا ونحن لم نستطع بعد أن نعيش سويًا ؟..يجب أن تفهم أن للدنيا إيقاع..وأن للطبيعة روح تتأثر، هذا العالم جوقة والإنسان مساهم في معزوفتها ، ومنذ أن نشذت خطواته عن نغم الطبيعة وساد العقل القلب كعربجي يسوط جواد والمصائب تهمي علينا كسيول لبن البودرة.. ها أنت شاب تمشي في سراب ملبّد وتري الإنسان ينفق الأموال علي أبحاث القمر ثم يغرق القمح في البحر كي لا يشبع بقية البشر.. حين ترفع رأسك لتثور للعدل يطالبك بالسلام ويتهمك بالهمجية.. ثم يطلق عليك كتّابه كما تقيء العرسة من فمها الفئران علي أجران الحبوب.. يضحكوا عن عبثية الحياة ويبذروا في قلوب الناس العدم الخدر كالخشخاش المتطقل علي زرعة القمح..هل رأيت ألوانه المبهرجة البجحة ؟.. يمص النسغ من عود السنبلة ولبّه يضحك كعيون الأفعي لمّا تنوّم الفريسة.. ثم تجد نفسك بلا وطن وبلا إيمان.. كشجرة عارية تُحطّب..إن أردت أن تعرف من القاسي فهو نحن علي بعضنا ، هذا الليل رماد خسف القمر.. تدق فيه النسوة علي الهون ويتقدمهم الأطفال في سرب من الدموع..ينوحون: يا لطيف.. يا لطيف.. يا الله
منذ أن قرأت المعاينة في كتاب التجليّات لخُطي الوالد الكريم رحمه الله علي الطريق ورائحة الفلافل الفوّاحة علي السلّم وانتظارك لها، وأنا في شجن مضن واستعار كاوٍ، حتي كتبت هذا النص، أشكرك يا أستاذي.
الفلافل
مرّة وأنا صغير حملت قلبي كقرطاس.. ووقفت أنتظر بينما وحش الأنبوبة يتربص لي تحت القدر بعيونه الزرقاء الجميلة..لم يلحظه أحد.. فالزيت يهدر كالجماهير أثناء إنفراد.. فقط رقّ لاضطرابي مجنّد شهيد واقفٌ بجواري.. عرقه زاه كالخبز تحت إبطه.. كان يُحضر الإفطار لباقي أفراد السريّة.. بشّ وجهه الغامض كالتُراب ثم أشار إلي اللاجهة.. دعكت عيني ورأيتهم علي الناصية.. جروحهم لا تزال تصُب الناي.. يستندون علي مواسير البنادق الصدئة في إنتظار ملاك يشتري من الكشك سجائر وبيبسي.. فبكيت.. وكان دمعي شتات السمسم فوق العجين.. وكان الزمن يكبش من الصحن بأظافره الوسخة ويبطط في سأم.. يحوّج جوع الناس بالرضا والقرفة ثم يحشو الأقراص ويلقيها.. فتحمرّ الصغيرة كحلمات البنات تحت القمر وعيون اليتامي تحت الأشجار.. فاح الهواء بحلاوة الشمر المحمص.. ونفشت الكبيرة كبطون الأراضي وتروس الطاحونة.. وهي تطقطق بالزيت كتصفيق الزفاف وتطش علي الناس قطرات المغات.. حين تكوّمت في المصفاه لسعت الأنامل كالخيول بساحة الأعراس.. قذفتها بالقرطاس وعرقت كفّي الصغيرة من السخونة.. لكنّي تحاشيت الأنين كي لا يسخر مني الطعمجي وفي الخفاء علي الطريق لعقت أصابعي.. وجري لساني بريق الحياة.. في البيت..فرشت أمي الجرائد ثم جاءت من المطبخ بآنية اللبن..أزاحت أختي الستارة عن الضحي فسري صوت تمشيطها القلق.. وزّع أبي بيننا المناب الوفير.. فخرفشت القطمة كجلجلة الأساور ونزت في الأفواه بعسل العمل.. عزمت علي أخي بكيس المخلل.. وخطفت بمكر من القرطاس المزّيت القرص الأخير.. فرأيت بقعة شعر عليها طحينة.. لحستها برفق وقرأت القصيدة.
اليوم لغز مبكي.. كلما زاد نقص.. كلما اشتد ضياؤه أيقنت بزواله.. أصلّي فيه خمس مرّات كاليرقة.. لكن لماذا أنام قاتل ؟.. خمس مرّات تصوم.. نفضت أمامها قلبي التوت.. لم تحتمل أهواله الخضر.. وأخذت تبكي.. وقفت علي ورقة الموت.. ارتجف جسدها البضّ كالأرض.. رفعت رأسها للسماء.. خشعت كأول مرة شويت السنابل علي نار تبن.. وسففت الحَبّ الذائب.. حتي أن رأسها ذبلت كعيون الأطفال الذين بحثوا عن الله في الشمس.. وحينما عانقوا الصمت الدامس عرفوه فيه.. ثم انساب الحرير في الهواء كالأنفاس.. خمس مرات.. انسلخ جلدها أمامي كقصائدي المكرمشة.. لأنه لم يعد يتسع لروحها الضارية.. الآن.. بكفّي نبيّة ميتة.. جناحها مشوّه كالعالم.. دمها الزلال ريق رجل يتيم جدا.. أظافري علقت بها شعيرات تصرخ.. والشرنقة البيضاء علي الطين.. دموعي جفّت علي وجنتيّ بعدما امتصها الغبار.. وأصبحت بقعًا سوداء مشينة.. أنا تراب محشور بحافر حصان.. أرعبه البرق.. الربيع أنفاس الله المربكة.. وعبر البستان أشمّ عسل البراعم.. وزقزقة العذاري بالشرانق علي الغصون.. النول المذبوح تعزف عليه الريح.. و الغزلان تتراكض خلف الحفيف الغامض.. أفتح فمي.. تخرج منه فراشات نحو الضوء.. تتحدث بلغة غريبة.. رفيف مرتعش.. بشرٌ نمّت أجنحة لدنة من عجين..يا الله..النشور من داخلي !


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.