يدفعنا الله تعالي دفعاً إلي المشاركة بالمال في الإعداد للقتال إعداداً لنرهب به عدو الله وعدو دينه، لتكون كلمة الله هي العليا. يقول الله في كتابه العزيز ما معناه ان الذي يبذل ماله في سبيل الله يبتغي ثوابه، كأنه يقدم قرضا إلي مقترض، ليؤكد أن ثواب ذلك محقق.. فجعل المال الذي ينفق في سبيل الله كأنه قرض يقدمونه لله سبحانه مباشرة، مع إنه غني عن عباده، فهو الذي يقول: »واللهُ الغني وأنتم الفقراء» والمعروف أن القرض في العرف الإنساني يرد بمثله، إلا أن الله يخبر عباده أن القرض معه يؤدي ويرد منه مضاعفا أضعافاً كثيرة، عوضاً عن هذا القرض وتلك المضاعفة تعود علي الإنسان في وقت تشتد حاجته إلي هذا الربح الوفير، وهو يوم القيامة ويقول ربنا »ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب» ويقول الرسول صلي الله عليه وسلم »يا مُقلب القلوب ثبت قلبي علي دينك». إن الله يطالبنا بالثبات علي الحق والاستمرار علي الهدي، ولن يكون ذلك إلا بتوفيق الله وأن الهدي هو هبة من الله وأن الضلال سببه تقصير العبد في سلوكه وأن الله يتفضل بما ينعم به علي عباده من غير أن يجب عليه شيء. وتمضي آيات الله فيقول سبحانه(زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذلك مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) في آية واحدة يجمع لنا القرآن أحب شهوات الأرض إلي نفس الإنسان النساء والبنين والأموال المكدسة والخيل والأرض الخضراء والانعام.. ونجد ان النساء قدمهن الله علي الكل لان التمتع بهن أكثر وأتم اللذات ثم الأولاد للتفاخر بهم والزينة ثم أضاف القناطير المقنطرة أي الأموال الكثيرة من الذهب والفضة والمعروف ان حب المال غريزة فطرية. ومن أحاديث الرسول قال: »لو كان لابن آدم واديان من ذهب لتمني ان يكون لهما ثالث ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله علي من تاب» ثم ذكر حب الإنسان للخيل والأنعام والحرث كل ذلك متاع الحياة الدنيا ثم قال والله عنده حسن المآب. ونجد أن الإسلام لم يحرم التمتع بالطيبات، فإن التمتع حلال، فالزوجة الصالحة نعمة والابن الصالح نعمة، والمال نعمة، وكل هذه النعم يجب ألا تشغل الإنسان عن طاعة الله، وألا يجعلها أكبر همه، فإذا استمتع بها باعتدال فهو السعيد في الدارين، ومن دعاء المؤمنين »رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ».