كتب:راوية الصاوي المال ضرورة حياة, فعليه تقوم المعايش, وبه يتأسس العمران, وهو مصدر قوة للفرد, ونهضة المجتمع, وعليه تتأسس الممالك والدول. فهو مع العلم قاعدة البناء والتقدم فبالعلم والمال يبني الناس ملكهم ويري الدكتور محمد الشحات الجندي أمين عام المجلس الأعلي للشئون الإسلامية انه لم يبن ملك علي جهل وإقلال لأن المال مصدر الثروة, وموضع العزة والفخار والسيادة في دنيا الناس, وعليه يتنافس الناس ويضحون بالغالي والنفيس طلبا له: زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب سورة ال عمران الآية14 من أجل ذلك, أوجب الشرع الإسلامي المحافظة علي المال وحمايته من التضييع والإتلاف, واعتبره مقصدا من مقاصد الشريعة وأحد الضروريات الخمس مع الدين والنفس والعقل والنسل, بما يستوجب الحفاظ عليه وصيانته من قبل الفرد والجماعة والدولة. ولا غرو فهو زينة الدنيا, ومطلوب لكل إنسان عليه يتصارع الفرد وإليه يتسابق وينافس الآخرين, ويجدد علاقته معهم وفق موقفهم من تمكينه من الحصول عليه وحيازته وجمعه وزيادة رصيده منه, وحسب ذلك قول القرآن:المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا سورة الكهف الآية46 فانظر إلي النص الكريم في استهلال الآية به باعتباره أس الحياة وركيزة الغني ومصدر الثروة, لأن القرآن يبين الأساس الذي قامت عليه الحياة, ويستجيب لفطرة الناس, ولا يعاند طبيعتهم, ويريد بقاء الإنسان والحياة, وسبيل ذلك المال, فهو من المتع المادية مع البنون, لكن تظل الحقيقة القاطعة أن الباقيات الصالحات, وأعمال التقوي والخيرات خير عند الله علي الدوام. ومادام الأمر كذلك, فإن من أوجب الواجبات في المحافظة علي المال ادخاره والإبقاء عليه مصونا من العبث به أو الإسراف والتبذير فيه, لأن فيه مضيعة وفقدانا له, وهو عكس مقصود الشرع في ادخاره والمحافظة عليه حتي جعل المفرط في ذلك موصوف بأبشع الصفات, فهو عديل الشيطان وقرين إبليس الملعون: إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا سورة الاسراء الآية27 إن فضيلة الادخار وهو يخالف الاكتناز ولا يعني المنع من تداوله وتوظيفه, وإنما الادخار يكون بصد صيانته وتنميته فهو يهيئه للتنمية, ويقف حاجزا بين صاحبه, ويمنع تضييع المال بإنفاقه فيما لا نفع فيه, وتبديد للنعمة التي أنعمها الله علي الإنسان, وصرفه في وجوه محرمة أو مذمومة أو عابثة أو حتي مباحة إذا زادت عن حد الاعتدال والقصد. وقد وقف الإسلام موقفا وسطا في المال كشأنه في تشريعاته كلها, فهو إذ يعتبر أن المال عصب الحياة, يوجه الفرد إلي التعامل فيه بميزان ضابط لا إسراف فيه ولا بخل أو تقتير: تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا سورة الفرقان الآية61