كثرت محاولات الهجرة غير الشرعية عبر سواحل البحر المتوسط وفي كل مرة يغرق المئات ورغم ذلك مازالت المحاولات مستمرة وفداحة المأساة لا تنتهي.. وبين اليوم والآخر يلفظ البحر ضحاياه.. أو يأكلها سمك القرش.. وبعد كل حادث نبكي ونعدد ونعقد اجتماعات.. ويتم القبض علي بعض الأشخاص في محاولة لتهدئة الرأي العام. لكن للأسف لا أحد يتعظ.. يبدو أن حلم الثراء والوصول إلي بلاد الفرنجة أقوي من الموت. فهل ألوم المواطن الغلبان الذي لم يجد فرصة عمل بعد أن سدت أمامه كل الطرق وأيقن ان الواسطة والمحسوبية هي السبيلان للحصول علي وظيفة.. أو الطفل الصغير الذي يترك المدرسة ويستدين أهله من أجل حلم الوصول الي أوروبا وانتشالهم من حالة الفقر التي يعيشونها، فمنهم من يبيع ممتلكات منزله إن وجدت أو يكتب علي نفسه شيكات بدون رصيد لمن لا قلب لهم من أجل أن يساعدوهم علي الهروب، ويحشروهم في مراكب بدائية لا تتحمل الأمواج أو الحمولة.. فتكون النتيجة الحتمية هي الغرق وفقدان الأمل في الحياة وبالتالي الأمل في الهجرة. أم ألوم المواطن الذي يخوض التجربة وهو يعلم نتائجها ويصرف الآلاف من الجنيهات من أجل هذه التجربة ولو أنه استثمر هذه الآلاف في بلده حتي ولو اشتري »توك توك» ليعمل عليه وليضمن علي الأقل فرصة البقاء علي قيدالحياة.. أم أن مغريات بلاد الفرنجة أقوي! وربما ألوم السوداني والسوري والافريقي الذي ترك بلده وأتي إلي المحروسة في محاولة للهروب من الأوضاع في بلادهم وهم يعلمون صعوبة المغامرة.. وقد يكون الموت أو السجن في انتظاره. وهل ألوم أولياء الأمور الذين يساعدون أولادهم علي خوض المغامرة فعسي أن تنجح وتنتشلهم من حالتي الفقر والقهر التي يعيشونها.. غير مبالين بتقلبات البحر فيعودو جثثا بدلاً من خوض مراحل التعليم عسي أن يكون بينهم أحمد زويل أو نجيب محفوظ جديد. وهل ألوم اصحاب القلوب المتحجرة الذين يتاجرون بالبشر ويفرشون لهم طريق الهجرة بالورود ويحصدون آلاف الجنيهات من وراء هذه التجارة وتركهم في مراكب متهالكة في عرض البحر ويكون الموت في انتظارهم! وهل ألوم الدولة لأن سواحلها مباحة للمهربين فتتكرر الحوادث بين اليوم والآخر.. ويزداد الضحايا أو أنها فشلت حتي الآن في القضاء علي هؤلاء المهربين. وهل ألومها أيضاً لأنها لم توفر فرص العمل لهؤلاء الشباب وتركتهم فريسة يتسولون من أجل لقمة العيش وهم يشاهدون القلة من اصحاب الملايين والمنتجعات يمرحون في البلاد دون أن يؤدوا حق الفقير! غول الاسعار التهم المواطن من أمامه.. ورغم تدخل الحكومة في محاولة للسيطرة.. إلا أنها فشلت حتي الآن.. وتركت المواطن فريسة للتجار يتحكمون فيه.. وهو لا حول له ولا قوة.. أصبحت لا أصدق أن تكون حكومتنا هدفها المواطن وتوفير سبل الحياة الكريمة له.. بل هدفها اذلاله والقضاء عليه.. وإلا لما زادت حوادث الهجرة غير الشرعية ومصرع المئات تحت سمع وبصر المسئولين. الختام: هل من المعقول أن يكون إيجار شقة فاخرة ملك الأوقاف علي كورنيش الاسكندرية في منطقة ميامي 20 جنيها شهرياً ويقوم المستأجر بتأجيرها في اليوم ب600 جنيه. ويرفض دفع الصيانة الخاصة بالعمارة.. أين الأوقاف من هؤلاء؟! وأين حق الدولة.. أم أنها تأخذ حقها من الفقير أما الغني وصاحب النفوذ فلا تقدر عليه!