في تقرير أصدرته المنظمة الدولية للهجرة.. جاء ان هناك أكثر من ثلاثة آلاف شخص لقوا مصرعهم غرقاً في البحر المتوسط منذ بداية هذا العام وحتي شهر سبتمبر المنصرم.. وهذا الرقم من الغرقي أو القتلي أو الصرعي يصل إلي ضعف ضحايا ما حدث خلال ما يسمي ب "الربيع العربي" عام .2011 وبلا شك فإن غرقي الهجرة غير الشرعية هم من أبناء افريقيا والشرق الأوسط. ولا أعتقد أن هناك فارقاً بين من ماتوا غرقاً في البحر وبين الذين لقوا مصرعهم من أجل تغيير الأنظمة التي فقدت شرعيتها. نتيجة للفساد والظلم والاستبداد الذي تميزت به في تعاملها مع مواطنيها.. لأن الهجرة في حد ذاتها هي هروب من هذه الأنظمة وفرار من الظلم وانعدام الفرص. وفي أحيان كثيرة إن لم يكن في كل الأحيان يكون عجز القيادة هو السبب في انتشار الظلم والمحسوبية وسوء الإدارة. وهي أمور تؤدي كلها إلي الفشل في تحقيق التنمية المرجوة.. إضافة إلي عدم استغلال الامكانات والموارد بطريقة مثلي تعود بالنفع والفائدة علي أكبر عدد من السكان. وقد يقال إن التفكير فيمن يقود البلاد يصبح أقل أهمية عندما لا يكون لدي المواطن ما يكفي للوفاء بمتطلبات حياته من مأكل أو ملبس أو مسكن يؤويه.. لكن علي الجانب المقابل لا يوجد من يفضل العيش في مجتمع فاسد ويرضي بالحياة في أماكن تنهار فيها البنية التحتية. ولا يجد فيها أصحاب الابتكارات والابداعات التقدير الملائم ويفتقد الناس فيه إلي الاحساس بالأمان!! من هنا.. يبدأ المواطن السعي نحو التغيير.. إما تغيير الأنظمة الحاكمة عبر العنف والعنف المضاد. نتيجة لأن هذه المجتمعات الأفريقية ومعظم الشرق أوسطية تحكمها أنظمة استبدادية ينخر فيها الفساد ويسودها القمع والقهر وانعدام تكافؤ الفرص وسوء استخدام الموارد.. أو يسعي لتغيير الوطن بأكمله عن طريق الهجرة غير الشرعية أو الهروب إلي دول أخري! لكن.. هل الهروب هو الحل.. وهل رحلة الهروب نفسها مأمونة العواقب.. ؟! لا شك ان هروب الأفارقة إلي أوروبا ليس هو الحل.. ولا رحلة الهروب مأمونة العواقب.. فمن ينجو من الغرق في عرض المتوسط سوف يغرق في محيطات الظلم والقهر الذي يلاقيه في الدول الغربية باعتباره مهاجراً غير شرعي. حيث يعاد ترحيله إلي بلاده.. وإذا أفلت من السلطات هناك فسوف يعمل في مهن وأنشطة متدنية وبأجر زهيد لا يستحق المغامرة التي أقدم عليها!! إذن.. الحل في وجود الحكم الرشيد في دول أفريقيا والشرق الأوسط.. وإعطاء الفرصة للأفراد في اطلاق ملكاتهم في الابداع والابتكار وحرية التعبير والاستغلال الأمثل للموارد البشرية والطبيعية مهما كانت محدودة. فأي محاولة في هذا المجال سوف تخفف من وطأة الفقر وتقلل من حدة الضغوط التي تدفع المواطن إما للهرب أو الثورة.. وبذلك يتوفر الأمان للحاكم والمحكوم علي حد سواء!