بعد ماراثون من المفاوضات استمر 24 شهراً، وقعت مصر واثيوبيا والسودان اتفاقاً ثلاثياً مع المكتب الاستشاري الذي سيقوم بإجراء الدراسات الفنية الخاصة بسد النهضة، والتي ستحدد تأثيرات السد علي كل من مصر والسودان، ومن المنتظر أن يقوم المكتب الاستشاري بالانتهاء من الدراسات خلال 11 شهراً. وفي الوقت الذي رحب فيه وزراء الموارد المائية بالدول الثلاث بالاتفاق، واعتبروه بداية لمرحلة جديدة من التعاون المشترك، أعربت مصادر مشاركة في الاجتماعات عن تفاؤلها الحذر بعد توقيع الاتفاق، خاصة أن أثيوبيا لم تعلن بشكل واضح التزامها بتوصيات الدراسات الفنية، مكتفية بالتعهد باحترام نتائج تلك الدراسات الخاصة بالسد الذي يتوقع أن يتم الانتهاء من بنائه العام المقبل.. وعقب توقيع الاتفاق التقي وفود مصر واثيوبيا الرئيس السوداني عمر البشير،تأكيداً لروح التعاون التي شدد زعماء الدول الثلاث عليها في اتفاق اعلان المبادئ الموقع في مارس 2015. حدث تاريخي من جانبه أكد وزير الموارد المائية والري د.محمد عبد العاطي، أن توقيع عقود الدراسات الفنية لسد النهضة حدث تاريخي انتظرناه كثيرا بعد مداولات طويلة، مضيفا إن أحلامنا أكبر من ذلك، نحو تحقيق التكامل الإقليمي، والتعاون بين مصر والسودان وإثيوبيا، لتنمية الدول الثلاث، وتقليل الفاقد من الطاقة الكهربائية . وأشار الوزير خلال كلمته في احتفالية توقيع عقود الدراسات الفنية لسد النهضة، أن التوقيع يتوج مجهودات كبيرة، بذلت منذ سنين مضت، قائلا : لقد واجهنا معا تحديات كبيرة، ونجحنا في التغلب عليها ، من خلال بذل الجهد ،وإبداء المرونة .. وأكد وزير الموارد المائية والري والكهرباء السوداني ، السفير معتز موسي، أن السودان ملتزم بالتعاون مع مصر وإثيوبيا، لكي تطبق الدراسات الفنية لسد النهضة بفاعلية،تحقق مصالح الدول الثلاث، مشيرا إلي أن المرحلة المقبلة سوف تشهد تفاهما أكبر بينها، حيث تعزز هذه الدراسات الفكر والعمل المشترك .. واضاف ياسادا أن التوقيع علي بدء الدراسات الفنية هو خطوة جدية لتتأكد من نتائج الدراسات وعمل السيناريوهات اللازمة لتحقيق المصالح المائية المشتركة الدول الثلاثة.. وكشف وزير الري الأثيوبي عن انه في حالة تأكيد الدراسات الفنية لسد النهضة لحدوث أية أضرار لمصر والسودان فإنه سيتم المشاركة بين الدول الثلاث علي تنفيذ سيناريوهات للتخفيف من هذه الاضرار. 7 مراحل للاتفاق من جانب آخر كشفت مصادر مسئولة باللجنة الوطنية المصرية لسد النهضة ومصادر سودانية وخبراء شاركوا في اجتماعات سد النهضة عن سيناريوهات ما بعد الاتفاق الثلاثي علي التعاقد مع المكتب الاستشاري بالعاصمة السودانية الخرطوم وأشارت إلي ان الدراسات ستمر بما يقرب من 7 مراحل زمنية هامة تبدأ من الأسبوع المقبل حيث تقوم كل دولة بإرسال المخصصات المالية للمكتب المالي والقانوني الانجليزي كوربت ثم إعداد تقرير مبدئي بعد شهرين من بدء إطلاق الدراسات الفنية وهو ما سيتم في نهاية نوفمبر. وأضافت المصادر انه سيتم بعدها عقد اجتماع للجنة الوطنية الثلاثية بالقاهرة، يتضمن عرضا للرؤية الأولية للدراستين الهيدروليكية والبيئية، وفقا لما تم الحصول عليه من دراسات من الدول الثلاث والزيارات الأولية لمواقع تنفيذ المشروع أو تنفيذ الدراسات الفنية. وأشارت المصادر إلي أنه سيتم من خلالها عقد اجتماع شهري لمناقشة التقارير الفنية التي يعدها المكتب الاستشاري بشكل منتظم ومراجعة ما تم الاتفاق عليه في عقود تنفيذ الدراسات التي جاءت في 200 صفحة، وانه سيتم أيضا اعداد تقارير دورية كل ثلاثة اشهر، يجتمع خلالها أعضاء اللجنة الوطنية لمناقشة وتطبيق مخرجاتها اذا تطلب الامر. حجم السد وعن تعديل ابعاد السد أوضحت ان الدراسات لن تحدد حجم السد ولكن ستحدد قواعد الملء الأول للخزان وفقا للمرحلة التي يمر بها الفيضان في الهضبة الاثيوبية وقواعد التفريغ للخزان والتي سترتبط في مجملها بالخزانات والسدود في مصر والسودان.. اكد ان الدراسة الأولي لحركة مياه النهر وقواعد الملء والتخزين ستنتهي في وقت قريب وهي المتعلقة بالنمذجة الرياضية لسريان المياه وتأثير السد علي عملية الفيضان ووصول المياه الي مصر والسودان، مشيرا الي ان الدراسة الثانية وهي المتعلقة بالاثر البيئي والاجتماعي والاقتصادي علي شعوب الحوض وستنتهي لاحقا للدراسة الهيدروليكية التي ستكون ختام الدراسات الفنية للمشروع. وأكد ممثل المكتب الفرنسي »بي ار ال» الذي سيقوم بتنفيذ 70% من دراسات سد النهضة، بينما سينفذ مكتب »أرتيليا» ال30% الأخري، الالتزام بتنفيذ الدراسات المطلوبة خلال المدة المحددة وهي 11 شهراً رغم انها مدة قصيرة مشددا علي حاجة الشركة إلي دعم الدول الثلاث مصر والسودان واثيوبيا لتنفيذ الدراسات المطلوبة في الفترة المحددة. ووفقا لبنود العقد الذي وقعته مصر والسودان وأثيوبيا مع المكتب الاستشاري الفرنسي فمن المقرر ان يتم تنفيذ الدراستين بشكل متكامل دون فصلهما علي حدة، وتتكلف تنفيذ الدراسات 4 ملايين يورو، تتحملها الدول الثلاث بالمناصفة من خلال التنسيق مع مكتب المحاماة البريطاني »كوربت» الذي تولي توقيع العقود والتعامل بشكل مباشر نيابة عنها مع الشركتين الاستشاريتين، لإرساء مبدأ الشفافية وضمان عدم تأثير أية دولة علي نتائج الدراسات أو عمل المكاتب خلال فترة تنفيذ الدراسات.