"حماة الوطن" يحشد لدعم مرشحيه في "الشيوخ" بسوهاج (فيديو وصور)    وزير التعليم: مناهج اللغة العربية الجديدة تدمج القيم الأخلاقية وتراعي الفروق الفردية    "لو عايز تغير مسارك المهني".. تفاصيل دراسة التمريض المكثف بتنسيق الجامعات 2025    بعد إصلاح العطل.. محافظة الجيزة: بدء إطلاق الكهرباء والمياه تدريجيا للمناطق المتضررة    أقل من 4000 جنيه رسميًا.. أسعار الذهب والسبائك اليوم بالصاغة بعد الانخفاض الكبير    كوريا الشمالية: لا نهتم بمبادرات السلام مع سول    منها السيارات والأدوية.. الاتحاد الأوروبي يوافق على رسوم 15% على واردات أمريكية    العراق.. القبض على 14 من عناصر الحشد الشعبى بتهمة اقتحام دائرة زراعية فى بغداد    "خرج عن مساره".. وفاة 4 أشخاص في حادث قطار بألمانيا    "10 براميل زيت وأتوبيس".. السيطرة على حريق داخل مصنع كريازي بالعبور- صور    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الاثنين 28-7-2025    بالأسماء.. 5 مصابين في انقلاب سيارة سرفيس بالبحيرة    بالصور.. إيهاب توفيق يتألق في حفل افتتاح المهرجان الصيفي للموسيقى والغناء بالإسكندرية    هدى المفتي تحسم الجدل وترد على أنباء ارتباطها ب أحمد مالك    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 28 يوليو 2025 في القاهرة والمحافظات    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الاثنين 28 يوليو    تتغيب عنه واشنطن.. انطلاق المؤتمر الدولي لتسوية القضية الفلسطينية بنيويورك اليوم    4 انفجارات متتالية تهز العاصمة السورية دمشق    الخارجية السودانية تدين إعلان قوات الدعم السريع «حكومة وهمية» وتطلب عدم الاعتراف بها    وائل جسار ل فضل شاكر: سلم نفسك للقضاء وهتاخد براءة    اصطدام جرار زراعى بقطار المناشى بالبحيرة أثناء عبوره السكة الحديد دون وقوع إصابات    منها «الاتجار في المخدرات».. ما هي اتهامات «أيمن صبري» بعد وفاته داخل محبسه ب بلقاس في الدقهلية؟    رسمياً تنسيق الجامعات 2025 القائمة الكاملة لكليات علمي علوم «الأماكن المتاحة من الطب للعلوم الصحية»    تراجع سعر الفراخ البيضاء واستقرار كرتونة البيض في الأسواق اليوم الاثنين 28 يوليو 2025    تنسيق الثانوية العامة 2025 بالقاهرة.. درجة القبول والشروط لطلاب الانتظام والخدمات    «مكنتش بتاعتها».. بسمة بوسيل تفجر مفاجأة بشأن أغنية «مشاعر» ل شيرين عبدالوهاب.. ما القصة؟    مدرب بيراميدز يهاجم تحديد موعد المباراة تحت درجات حرارة قاتلة: "الأمر يتعلق بصحة اللاعبين وليس بالمنافسة"    جامعة العريش تنظم حفلا لتكريم أوائل الخريجين    كريم رمزي: جلسة مرتقبة بين محمد يوسف ونجم الأهلي لمناقشة تجديد عقده    العام الدراسي الجديد.. الخريطة الزمنية الرسمية للعام الدراسي 2025–2026    السيطرة على حريق أعلى سطح منزل في البلينا دون إصابات    حسين الشحات: لن أرحل عن الأهلي إلا في هذه الحالة، والتتويج أمام الزمالك أسعد لحظاتي    بعد 26 ساعة من العمل.. بدء اختبار الكابلات لإعادة التيار الكهربائي للجيزة    تنسيق الكليات 2025، الحدود الدنيا لجميع الشعب بالدرجات والنسب المئوية لطلبة الثانوية بنظاميها    ردا على الأهلي، ماذا فعل الزمالك مع زيزو قبل لقاء القمة؟    إسرائيل تفرض رقابة عسكرية مُشددة على المُراسلين الأجانب الراغبين في دخول غزة    القبض على عاطلين متهمين بهتك عرض زميلهم بشبين القناطر    عبد الكريم مصطفى ينتظم في تدريبات الإسماعيلي بعد تعافيه من الإصابة    إدريس يشيد بالبداية المبهرة.. ثلاث ميداليات للبعثة المصرية فى أول أيام دورة الألعاب الإفريقية للمدارس    الغندور يعلن رحيل نجم الزمالك.. ويكشف وجهته المقبلة    محافظ القليوبية يتابع أعمال النظافة ورفع الإشغالات بمدينة الخانكة    أحمد نبيل: تعليم الأطفال فن البانتومايم غيّر نظرتهم للتعبير عن المشاعر    وزير السياحة: ترخيص 56 وحدة فندقية جديدة و60 طلبًا قيد الدراسة    متخليش الصيف ينسيك.. فواكه ممنوعة لمرضى السكر    معاناة حارس وادي دجلة محمد بونجا.. أعراض وأسباب الإصابة ب الغيبوبة الكبدية    سعر الدولار فى التعاملات الصباحية اليوم الاثنين 28-7-2025 فى البنوك    أم وابنها يهزمان الزمن ويصنعان معجزة فى الثانوية العامة.. الأم تحصل على 89% والابن 86%.. محمد: ليست فقط أمى بل زميلتي بالدراسة.. والأم: التعليم لا يعرف عمرا وحلمنا ندرس صيدلة.. ونائب محافظ سوهاج يكرمهما.. فيديو    المعهد القومي للكبد: مصر حققت إنجازًا عالميًا في القضاء على فيروس "سي"    الفندرى: الصفاقسى أتم تعاقده مع على معلول 3 مواسم.. ونرحب بعودة المثلوثى    أخبار × 24 ساعة.. توقعات بارتفاع الحد الأدنى لتنسيق كليات علمى من 1 ل2%    الباذنجان مهم لمرضى السكر والكوليسترول ويحمي من الزهايمر    بعد توقف 11 عاما.. رئيس حقوق الإنسان بالنواب يُشارك في تشغيل مستشفي دار السلام    رغم ارتفاع درجات الحرارة.. قوافل "100 يوم صحة" تواصل عملها بالوادى الجديد    رفضت عرسانًا «أزهريين» وطلبت من زوجها التعدد.. 19 معلومة عن الدكتورة سعاد صالح    في الحر الشديد.. هل تجوز الصلاة ب"الفانلة الحمالات"؟.. أمين الفتوى يوضح    بتوجيهات شيخ الأزهر.. قافلة إغاثية عاجلة من «بيت الزكاة والصدقات» في طريقها إلى غزة    هل الحر الشديد غضبًا إلهيًا؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    «الحشيش مش حرام؟».. دار الإفتاء تكشف تضليل المروجين!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



‮"‬أغاني سكندرية‮ "‬


مطلع‮ ‬مفتتح
كأغنية أم‮ ‬
فوق مهد وليدها،‮ ‬
كرجع صدي مزمار الراعي،
علي‮ ‬جبل في الصباح‮ ‬
كاضطراب موج بعيد‮ ‬
لبحر حبيب لم‮ ‬يشاهد من زمن‮ ‬
يدوي اسمك علي‮ ‬
مباركا ثلاثا‮ : ‬
يا إسكندرية‮ !‬
‮...............‬
كهمس متقطع‮ ‬
لبوح الأحبة أسفل شجر البلوط‮ ‬
كضجيج خفي‮ ‬
لغابات ظليلة مقدسة‮ ‬
وكدف كيبيلا العظيمة،‮ ‬
الذي‮ ‬يشبه الرعد البعيد وهديل الحمام،‮ ‬
يدوي اسمك علي‮ ‬
حكيما ثلاثا‮ : ‬
يا إسكندرية‮! ‬
‮.............‬
كصوت بوق قبيل معركة،‮ ‬
وصياح نسور فوق هاوية،‮ ‬
وصخب أجنحة نيكي الطائرة
يدوي اسمك علي‮ ‬
عظيما ثلاثا‮ : ‬
يا إسكندرية‮! ‬
2‮ ‬
حين تُذكر لي الإسكندرية‮
يتراءي بيت ابيض الجدار،‮ ‬
وحديقة صغيرة بأحواض زهر منثور،‮ ‬
وشمس شاحبة لأمسية خرنبية‮ ‬
واسمع اصوات مزامير بعيدة‮ ‬
حين تذكر لي الإسكندرية‮
تتراءي نجوم فوق المدينة الهادئة،‮ ‬
وبحارة سكاري في أحياء مظلمة،‮ ‬
وراقصة ترقص‮ "‬بالعصا‮"‬،‮ ‬
واسمع صوت دف وصياح عراك‮ .‬
حين تذكر لي الاسكندرية،‮ ‬
يتراءي‮ ‬غروب قرمزي شاحب فوق البحر الأخضر،
ونجوم كثيفة متألقة‮ ‬
وعيون رمادية مشرقة أسفل حاجبين كثين،‮ ‬
وهي تتراءي لي ايضا آنذاك‮ ‬
حين لا تذكر لي الإسكندرية‮!‬
‮ ‬3‮ ‬
غسق المساء فوق البحر الدافيء،‮ ‬
ألهبة الفنارات في السماء المظلمة،‮ ‬
رائحة عشب الفيربينا في ختام وليمة،‮ ‬
صباح نضر بعد سهد طال،‮ ‬
نزهة في ممرات حديقة ربيعية،‮ ‬
صراخ وضحك لنساء تستحم،‮ ‬
طواويس مقدسة عند معبد‮ ‬يونونا،‮ ‬
بائعات البنفسج والرمان والليمون،
هديل حمام،‮ ‬شمس مشرقة،‮ ‬
فمتي أراك‮ ‬يا مدينتي الحبيبة‮ ! ‬
الحب
حين قابلتك لأول مرة،
ذاكرتي الشحيحة لا تتذكر‮ : ‬
أكان ذلك صباحا،‮ ‬أم في الظهيرة،
مساءا،‮ ‬أم في الليل المتأخر،‮ ‬
أتذكر فقط خدين شاحبين،
وعينين رماديتين أسفل حاجبين داكنين،‮ ‬
والياقة الزرقاء علي الرقبة السمراء،‮ ‬
ويخيل لي أني شاهدت هذا في الطفولة المبكرة،‮ ‬
رغم أني أكبرك كثيراً‮ . ‬
‮ ‬2‮ ‬
أنت‮: ‬مثل فتي عراف‮ ‬
تقرئين كل شيء في قلبي،‮ ‬
تحذرين كل أفكاري،‮ ‬
تدركين كل خواطري،‮ ‬
لكن معرفتك هنا ليست بالكبيرة‮ ‬
ولا تلزم هنا كلمات كثيرة،‮ ‬
ولا داعي هنا لمرآة،‮ ‬ومجمرة‮ : ‬
ففي قلبي،‮ ‬وأفكاري وخواطري‮ ‬
يدوي شيء واحد بأصوات متعددة‮ : ‬
‮" ‬أحبك،‮ ‬أحبك،‮ ‬أبدا‮ " ‬
‮ ‬3‮ ‬
ربما كانت بدايتي في منتصف النهار،‮ ‬
ربما ولدت في منتصف النهار،‮ ‬
أحب الشمس من سنوات مبكرة‮ ‬
الضياء المشع‮ ‬
ومنذ شاهدت عينيكي،‮ ‬
صرت لا مبالي تجاه الشمس‮ :‬
فلم أحب شمسا واحدة،‮ ‬
مادمت أري في عينيكي شمسين؟‮ ‬
4‮ ‬
يري الناس حدائق وديارا‮ ‬
وبحرا،‮ ‬قرمزي الغروب،‮ ‬
يري الناس النورس أعلي البحر‮ ‬
ونساءً‮ ‬فوق الأسطح المستوية،‮ ‬
يري الناس محاربين في دروع،‮ ‬
وبائعي شطائر في الميدان،‮ ‬
يري الناس شمسا ونجوما،‮ ‬
جداول وأنهارا مشرقة،‮ ‬
أما أنا فحسبي أري في كل مكان،‮ ‬
خدين سمراوين شاحبين،
وعينين رماديتين أسفل حاجبين داكنين،
وقدا ممشوقا لا مثيل له،‮ : ‬
هكذا تري أعين المحبين‮ ‬
ذاك الذي‮ ‬يأمر القلب الحكيم برؤيته‮ . ‬
‮ ‬5‮ ‬
حين أخرج من الدار صباحا،‮ ‬
أفكر،‮ ‬وأنا أحدق في الشمس‮ : ‬
كم هي تشبهك،‮ ‬
حين تستحمين في النهر‮ ‬
أو تنظرين الي البساتين البعيدة‮ !‬
وحين أنظر في الظهيرة الحارة‮ ‬
الي ذات الشمس الحارقة،‮ ‬
أفكر فيكي‮ ‬يا سعادتي‮ ‬
كم هي تشبهك،‮ ‬
حين ترتحلين بشارع‮ ‬يغص بالناس‮ !‬
وحين أنظر إلي الغروب الناعم،‮ ‬
تخطرين علي بالي،‮ ‬
حين تذبلك الدعابات،‮ ‬فتغفين‮ ‬
وتغمضين جفنيك المعتمين‮ . ‬
‮ ‬6‮ ‬
لم نقرأ الفقهاء عبثاً
ولم نتعلم من الخطباء دون جدوي،
نحن ندرك مغزي كل كلمة‮ ‬
ونستطيع تفسير كل شيء بسبعة أشكال‮ . ‬
أستطيع أن أجد بك أربع فضائل
وسبعة آثام،‮ ‬بالطبع‮ : ‬
سآخذ النعيم لنفسي راغبا‮ ‬ً،‮ ‬
ولكن بين الكلمات جميعها واحدة لا تتغير‮ : ‬
حين أنظر الي عينيك الرماديتين
وأقول أحبك‮ : ‬سيفهم كل خطيب‮ ‬
أحبك فحسب‮ : ‬ولا شيء أكثر
‮ ‬7‮ ‬
لو أنني كنت قائدا من قديم الزمان‮ ‬
لأخضعت الحبشة والفرس،
ولخلعت الفرعون،‮ ‬
ولشيدت لنفسي هرما‮ ‬
أعلي من هرم خوفو،‮ ‬
ولصرت،‮ ‬
أشهر من كل من‮ ‬يعيش في مصر‮ ! ‬
لو أنني كنت لصا حاذقا،‮ ‬
لسرقت مقبرة منقرع‮ ‬
ولبعت أحجارها ليهود الإسكندرية،‮ ‬
ولابتعت الأراضي والطواحين،‮ ‬
ولصرت‮ ‬
أغني من كل من‮ ‬يعيش في مصر‮ ‬
لو أنني كنت انطينوس الثاني‮ ‬
غارق في النيل المقدس‮ ‬
لجعلت الجميع‮ ‬يجن من جمالي‮ ‬
ولشُيدت لي المعابد في حياتي‮ ‬
ولصرت‮ ‬
أقوي من كل من‮ ‬يعيش في مصر‮ . ‬
لو أنني كنت حكيماً‮ ‬عظيماً،‮ ‬
لأنفقت نقودي جميعها،‮ ‬
وتخليت عن المناصب والمشاغل،‮ ‬
وحرست البساتين الغريبة‮ : ‬
ولصرت‮ ‬
أكثر حرية من كل من‮ ‬يعيش في مصر،‮ ‬
لو أنني كنت آخر عبيدك‮ ‬
لجلست في قبو‮ ‬
لأشاهد لمرة أو مرتين في العام‮ ‬
الزخرف الذهبي لصندلك
حين تعبرين صدفة قرب محبسي‮ ‬
ولصرت‮ ‬
أسعد من كل من‮ ‬يعيش في مصر‮ ‬
هي‮ ‬
كن أربع أخوات،‮ ‬أربع أخوات كن نحن,
أحببنا جميعا أربعتنا،‮ ‬لكن‮ "‬لأنه‮" ‬اختلفت الأسباب عندنا‮ : ‬
واحدة أحبت،‮ ‬لأن الوالد والوالدة أمراها،‮ ‬
الأخري أحبت لأن حبيبها كان ثريا‮ ‬ً،
الثالثة أحبت،‮ ‬لأنه كان فناناً‮ ‬مشهورا‮ ‬ً،
أما أنا فأحببت،‮ ‬لأنني أحببت‮ .‬
كن أربع أخوات،‮ ‬أربع أخوات كن نحن،‮ ‬
رغبنا جميعا أربعتنا،‮ ‬لكن جميعا اختلفت رغباتنا‮ : ‬
إحدانا رغبت تربية الأطفال وطهي العصيدة،‮ ‬
والأخري رغبت ارتداء الملابس الجديدة في كل‮ ‬يوم،‮ ‬
والثالثة رغبت أن‮ ‬يتحدث عنها الجميع،‮ ‬
أما أنا فرغبت أن أحب وأكون محبوبة‮ . ‬
كن أربع أخوات،‮ ‬أربع أخوات كن نحن،‮ ‬
ذهب الحب عن أربعتنا،‮ ‬لكن جميعا اختلفت أسبابنا،‮ ‬
واحدة ذهب عنها الحب،‮ ‬لأن زوجها رحل،‮ ‬
والأخري ذهب عنها الحب،‮ ‬لأن صديقها أفلس،‮ ‬
والثالثة ذهب عنها الحب،‮ ‬لأن الفنان هجرها،‮ ‬
أما أنا فذهب الحب عني،‮ ‬لأنني لم أعد أحب‮ . ‬
كن أربع أخوات،‮ ‬أربع أخوات كن نحن،‮ ‬
ربما،‮ ‬لم نكن أربع،‮ ‬بل خمس؟‮ ‬
‮ ‬2‮ ‬
‮ ‬تستبدل أشجار الحور أوراقها ربيعا،‮ ‬
يعود أدونيس ربيعا
من مملكة الموتي‮ ...‬
فإلي أين،‮ ‬يا سعادتي سترحلين ربيعا‮ ‬ً؟‮ ‬
يرحل الجميع للنزهة ربيعا،‮ ‬
في البحر وفي حدائق الضواحي‮ ... ‬
علي الأحصنة السريعة‮ .‬
وأنا مع من أتنزه في القارب الخفيف؟‮ ‬
يرتدي الناس الملابس الأنيقة ربيعا،‮ ‬
يذهبون أزواجا الي مروج الزهور‮ ‬
لجمع البنفسج‮ .... ‬
فلم تأمرينني بالبقاء في البيت؟‮ ‬
3‮ ‬
اليوم عيد‮ : ‬
الأشجارمزهرة جميعا،‮ ‬
نضج العنب الأسود‮ ‬
يسبح اللوتس في حوض الماء،‮ ‬مثل خلية نحل‮ ! ‬
أترغبين،‮ ‬
فلنركض متسابقين،‮ ‬
بالطريق،‮ ‬المزروع بالزهور الصفراء،‮ ‬
الي البحيرة،‮ ‬حيث‮ ‬يسبح السمك الذهبي ؟‮ ‬
أترغبين،‮ ‬
أن نذهب الي العريشة،‮ ‬
سيعطوننا شرابا عذبا،‮ ‬
وشطائر وجوزا‮ ‬ً
وسيلوح الصبي بالمروحة،‮ ‬
أما نحن فسننظر‮ ‬
إلي بساتين الذرة البعيدة ؟‮ ‬
أترغبين،‮ ‬
سأغني لك بالقيثارة أغنية‮ ‬يونانية‮ ‬
لكن بشرط‮ : ‬
ألا نغفو‮ ‬
وأن تمتدحي في النهاية المنشد العازف ؟‮ ‬
أترغبين
سوف أرقص‮ "‬بالعصا‮" ‬
وأنت وحدك في الروضة الصغيرة‮ ‬
لك وحدك ؟‮ ‬
أترغبين،‮ ‬
سأطعمك العنب الأسود،‮ ‬دون أن تأخذيه بيديك،‮ ‬
ستأخذينه من شفة لشفة‮ ‬
التوت الأحمر‮ ‬
ومعه‮ ‬
قبلاتي ؟‮ ‬
أترغبين،‮ ‬أترغبين،‮ ‬
سوف نحصي النجوم،‮ ‬
ومن‮ ‬يخطيء سيعاقب ؟‮ ‬
اليوم عيد،‮ ‬
الحديقة مزهرة بأسرها،‮ ‬
فلتأت،‮ ‬يا معشوقتي،‮ ‬
واجعلي من العيد عيدا لي أيضا‮ ‬ً‮ !‬
‮ ‬4‮ ‬
أليس حقيقة،‮ ‬
أن اللؤلؤ‮ ‬يذوب في الخل،‮ ‬
وأن عشب الفيربينا‮ ‬ينعش الجو‮ ‬
وأن هديل الحمام عذب ؟‮ ‬
أليس حقيقة،‮ ‬
أنني الأولي في الإسكندرية‮
بفخامة الملبس الثمين،‮ ‬
وبالأحصنة البيضاء الثمينة وعدتها الفضية،‮ ‬
وبطول الضفائر السوداء المجدولة بمهارة‮ ‬
وأن لا أحد‮ ‬يقدر‮ ‬
علي مهارتي في رسم عيني‮ ‬
وأن‮ ‬يروي كل أصبح‮ ‬
بعبير منفرد ؟
أليس حقيقة،‮ ‬
أنه منذ ذاك الحين،‮ ‬حين شاهدتك‮ ‬
لم أعد أري شيئا أكثر،‮ ‬
لم أعد أرغب شيئا أكثر،‮ ‬
من رؤية عينيك،‮ ‬
الرماديتين أسفل الحاجبين الكثين،‮ ‬
وسماع صوتك ؟‮ ‬
أليس حقيقة،‮ ‬
أنني أعطيتك بنفسي ثمرة سفرجلة قضمتها،
وأرسلت إليك العاشقات المتمرسات،‮ ‬
وسددت ديونك حتي إنني‮ ‬
بعت الضيعة،‮ ‬
وكل ملبسي‮ ‬
أعطيته لقاء شراب المحبة ؟‮ ‬
أليس حقيقة‮ ‬
أن كل هذا كان عبثا‮ ‬ً‮ ‬؟‮ ‬
لكن فلتكن حقيقة‮ ‬
أن اللؤلؤ‮ ‬يذوب في الخل‮ ‬
وأن عشب الفيربينا‮ ‬ينعش الجو،
وأن هديل الحمام عذب‮ ‬
ستكون حقيقة،‮ ‬
ستكون حقيقة،‮ ‬
أيضا،‮ ‬
أنك سوف تحبني‮ ! ‬
‮ ‬5‮ ‬
محاكاة ب.لويس
كان عددهم أربعة في هذا الشهر،‮ ‬
لكن واحداً‮ ‬فقط هو ذاك الذي أحببته‮ .‬
أولهم أفلس تماما بسببي،‮ ‬
كان‮ ‬يرسل لي الهدايا الجديدة كل ساعة،‮ ‬
وباع الطاحونة الأخيرة،‮ ‬ليشتري لي الأساور‮ ‬
وكانت تصلصل،‮ ‬حين أرقص،‮ ‬ثم طعن نفسه‮ ‬
لكنه لم‮ ‬يكن ذاك الذي أحببته‮ ‬
ثانيهم،‮ ‬كتب علي‮ ‬شرفي ثلاثين‮ ‬غنائية حزينة،‮ ‬
بلغت شهرتها روما،‮ ‬قيل فيها،‮ ‬
أن خديّ‮ : ‬مثل فجر الصباح،‮ ‬
لكنه لم‮ ‬يكن ذاك الذي أحببته‮ . ‬
ثالثهم،‮ ‬آه ثالثهم،‮ ‬كان رائعا لدرجة‮ ‬
أن شقيقته شنقت نفسها بضفيرتها‮ ‬
من خوف الوقوع في حبه،‮ ‬
كان‮ ‬يقف ليلا ونهارا عند عتبتي،‮ ‬
مستجديا،‮ ‬أن أقول له‮ : ‬تعال،‮ ‬لكني صمت،‮ ‬
لكنه لم‮ ‬يكن ذاك الذي أحببته،
أما أنت فلم تكن ثرياً،‮ ‬لم تتحدث عن الشفق والليل،‮ ‬
لم تكن جميلا‮ ‬ً،‮ ‬
وحين ألقيت إليك بقرنفلة في عيد أدونيس،
نظرت لا مباليا بعينيك المشرقتين،
لكنك كنت ذاك الذي أحببته‮ .‬
‮ ‬6‮ ‬
لا أعرف كيف حدث هذا‮ : ‬
ذهبت أمي إلي السوق‮ ‬
نظفت الدار‮ ‬
وجلست علي آلة النول‮ ‬
ليس عن العتبة‮ ( ‬أقسم‮ ! )‬،‮ ‬ليس عند العتبة،‮ ‬
بل أسفل النافذة العالية،‮ ‬
كنت أغزل وأغني‮ : ‬
ماذا أيضا‮ ‬،‮ ‬لاشيء‮ ‬
لا أعرف كيف حدث هذا‮ : ‬
ذهبت أمي الي السوق‮ ‬
لا أعرف كيف حدث هذا‮ ‬
كانت النافذة عالية‮ ‬
ربما،‮ ‬دحرج حجرا‮ ‬ًً‮ ‬
أو تسلق شجرة،‮ ‬
أو وقف علي مقعد‮ ‬
قال‮ :‬
‮" ‬ظننت هذا طائر الحن‮ ‬
لكن هذه‮ : ‬بينيلوبا‮ ‬
السلام‮ ‬،‮ ‬لم أنت بالدار ؟‮ "‬
أهذا أنت كالطير تتسلل من فتحة السقف‮ ‬
ولا تكتب عرائضك المهذبة‮ ‬
في المحكمة‮ ‬
‮" ‬بالأمس تنزهنا بالنيل‮ : ‬
رأسي‮ ‬يؤلمني‮ " ‬
‮ - ‬يؤلم قليلا،‮ ‬
حتي إنه لم‮ ‬يثنك عن التنزه ليلا‮ .‬
لا أعرف،‮ ‬كيف حدث هذا‮ !‬
كانت النافذة عالية‮ ‬
لا أعرف كيف حدث هذا‮ ‬
ظننت أنه لن‮ ‬يبلغ‮ ‬المراد‮ ‬
‮ ‬ماذا عندي في فمي،‮ ‬أترين ؟‮ ‬
ما الذي قدر أن‮ ‬يكون في فمك ؟‮ ‬
‮ ‬أسنان قوية ولسان ثرثار،‮ ‬
وحماقة في الرأس‮ ‬
‮"‬عندي زهرة في فمي‮ : ‬انظري‮ " ‬
‮- ‬أي زهرة هناك‮ ! ‬
‮ "‬أترغبين،‮ ‬سأعطيها لك‮ ‬
فقط خذيها بنفسك‮ " ‬
نهضت علي أصابع القدم،‮ ‬
نهضت علي مقعد،
نهضت علي آلة النول القوية،‮ ‬
وبلغت الزهرة القرمزية،
أما هو الخبيث،‮ ‬فقال‮ : ‬
‮"‬من فم لفم‮ ‬
فقط من فم لفم‮ ‬
ليس بالأيدي،‮ ‬حذار،‮ ‬ليس بالأيدي‮ " ‬
ربما،‮ ‬لم تلمس شفاهي شفاهه،‮ ‬
لا أعرف كيف حدث هذا‮ : ‬
ظننت أنه لن‮ ‬يبلغ‮ ‬المراد‮ .‬
لا أعرف كيف حدث هذا‮ : ‬
كنت أغزل وأغني‮ : ‬
ليس عند العتبة‮ ( ‬أقسم‮ ) ‬لم أجلس عند العتبة،
كانت النافذة عالية‮ : ‬
فمن‮ ‬يبلغها ؟‮ ‬
قالت أمي،‮ ‬بعد أن عادت‮ : ‬
‮"‬ماهذا،‮ ‬يا زويا‮ ‬
غزلت وردة بدلا من زهرة نرجس‮ ‬
ماذا بعقلك ؟‮ " ‬
لا أعرف،‮ ‬كيف حدث هذا‮ . ‬
حكمة‮ ‬
‮ ‬سألت حكماء الدنيا‮ : ‬
لماذا تدفيء الشمس ؟‮ ‬
لماذا تهب الرياح ؟‮ ‬
لماذا‮ ‬يولد الناس ؟‮ ‬
أجاب حكماء الدنيا‮. ‬
تدفيء الشمس لكي‮ ‬
تنضج الحبوب للغذاء ولكي‮ ‬يموت الناس من عدواها‮ ‬
تهب الرياح،‮ ‬
لكي تصل بالسفن الي المرفأ البعيد،‮ ‬
ولكي تهيل الرمال علي القوافل‮ ‬
يولد الناس،‮ ‬
لكي‮ ‬يودعوا الحياة العزيزة بعد ذلك‮ ‬
ولكي‮ ‬يولد منهم آخرون للموت‮ ‬
فلم خلق الاله كل شيء هكذا ؟‮ ‬
ولم أودع الاله بداخلك الرغبة‮ ‬
في طرح أسئلة لا معني لها‮ .‬
‮ ‬2‮ ‬
ما العمل إذن،
في أن اللون القرمزي لسحب المساء‮ ‬
في السماء الضاربة في الخضرة،
حيث‮ ‬يتبدي القمر كاملا من الشمال‮ ‬
والنجمة الضخمة المشعسة،
تبشر بالليل‮ ‬
يذبل سريعا‮ ‬
يتلاشي‮ ‬
تماما علي مشهد من الأعين ؟‮ ‬
وأن الطريق بالدرب المتسع‮ ‬
بين الأشجار قرب الطواحين،
التي كانت لي فيما مضي،
لكني قايضتها بأساور لك،
الطريق الذي نرحل به معك،‮ ‬
ينتهي هناك خلف المنحني‮ ‬
الآن تماما‮ ‬ً‮ ‬؟
ولو بدار مرحب‮ ‬
وأن أشعاري،
العزيزة علي،‮ ‬
كما كانت عزيزة علي كاليماخ‮ ‬
وعلي كل عظيم آخر،‮ ‬
والتي أضع بها حبي وكل حناني،‮ ‬
وأفكاري التي‮ ‬يسرها الإله،‮ ‬
بهجة صباحي،‮ ‬
حين تكون السماء صافية‮ ‬
ويعبق الياسمين في النوافذ‮ ‬
غدا‮ ‬
سيطويها النسيان،‮ ‬مثل كل شيء ؟‮ ‬
وأنني سأتوقف عن رؤية‮ ‬
وجهك،‮ ‬
وسماع صوتك ؟‮ ‬
وأن تجرع الخمر‮ ‬
وتطاير الأريج‮ ‬
والمنسوجات الثمينة نفسها‮ ‬
تبلي‮ ‬
بعد مئات السنين ؟‮ ‬
فهل‮ ‬ياتري سيفتر حبي‮ ‬
لهذه الأشياء العزيزة الواهية‮ ‬
لكونها فانية ؟‮ ‬
3‮ ‬
كم أحب الالهة الخالدة،‮ ‬
العالم الرائع‮ !‬
كم أحب الشمس،‮ ‬قصب السكر‮ ‬
وبريق البحر الضارب في الخضرة‮ ‬
عبر الأغصان الدقيقة لشجر السنط‮ !‬
كم أحب الكتب‮ ( ‬أصدقائي‮ )‬،‮ ‬
وهدوء المسكن المنعزل،‮ ‬
والمشهد المطل من النافذة‮ ‬
علي بساتين الشمام النائية‮ ‬
كم أحب اختلاط الجموع في الساحة‮ ‬
الصياح،‮ ‬الغناء،‮ ‬والشمس،
الضحك،‮ ‬المرح للأولاد اللاعبين بالكرة‮ !‬
العودة الي البيت‮ ‬
بعد نزهات مرحة،‮ ‬
في المساء المتأخر‮ ‬
مع أول نجوم،‮ ‬
قرب الفنادق المضاءة،‮ ‬
مع الصديق البعيد‮ !‬
كم أحب الالهة الخالدة،‮ ‬
الحزن المشرق‮ ‬
الحب حتي‮ ‬الغد،‮ ‬
الموت بلا أسف علي الحياة،‮ ‬
حيث كل شيء بها عزيز،‮ ‬
والتي أحبها, أقسم بديونيس‮ ‬
بكل قوي القلب‮ ‬
والجسد العزيز‮ ! ‬
‮ ‬4‮ ‬
الموت بلطف‮ ‬
علي أرض المعركة‮ ‬
مع صفير السهام والرماح،
حين‮ ‬يدوي البوق‮ ‬
وتشرق الشمس،
في الظهيرة‮ ‬
تموت من أجل مجد الوطن‮ ‬
وتسمع من حولك‮ : ‬
وداعا،‮ ‬يا بطل‮ !‬
الموت بلطف‮ ‬
عجوزا موقرا‮ ‬
في نفس البيت،
في نفس الفراش‮ ‬
حيث ولد ومات الأجداد،‮ ‬
محاطا بالأبناء،‮ ‬
الذين صاروا أزواجا،‮ ‬
وتسمع من حولك‮ : ‬
وداعا‮ ‬يا أبي‮ !‬
لكن الأكثر لطفا‮ ‬
والأكثر حكمة‮ ‬
من أنفق ثمن الضيعة‮ ‬
وباع آخر طاحونة‮ ‬
من أجل تلك،
التي قد‮ ‬ينساها‮ ‬غدا‮ ‬
وبعد عودته‮ ‬
من نزهة مرحة‮ ‬
الي البيت المباع‮ ‬
للعشاء‮ ‬
وبعد قراءة قصة أبولي‮ ‬
للمرة الواحدة بعد المائة‮ ‬
في الحمام الدافيء العطر‮ ‬
دون سماع أي وداع‮ ‬
يقطع عروقه‮ ‬
ومن النافذة الطويلة عند السقف‮ ‬
تعبق زهور الماثيولا‮ ‬
ويضيء الفجر،
وتُسمع النايات من بعد‮ . ‬
5‮ ‬
الشمس،‮ ‬الشمس،
رع هليوبوليس الالهي،
تبتهج بك‮ ‬
قلوب القياصرة والأبطال‮ ‬
تصهل لك الخيول المقدسة،
تُنشد لك الأناشيد في هليوبوليس‮ ‬
حين تشرق،‮ ‬
تقفز الزواحف علي الأحجار‮ ‬
ويمضي الأولاد ضاحكين‮ ‬
للسباحة في النيل،
الشمس،‮ ‬الشمس،
أنا‮ : ‬الكاتب الشاحب
المعتكف في المكتبة،
لكني أحبك،‮ ‬أيتها الشمس،‮ ‬ليس أقل‮ ‬
من بحار لوحته الشمس،‮ ‬
تفوح منه رائحة السمك والمياه المالحة‮ ‬
وليس أقل،
من ابتهاجة قلبه المعتادة‮ ‬
مع إشراقتك الجليلة‮ . ‬
من المحيط‮ ‬
يخفق قلبي،
حين‮ ‬ينزلق،
شعاعك العفر،‮ ‬المتهوج‮ ‬
عبر النافذة الضيقة عند السقف‮ ‬
علي الورقة الممتلئة‮ ‬
ويدي الدقيقة الصفراء‮ ‬
التي أزالت بحجر السينابار‮ ‬
أول حرف في نشيدك،‮ ‬
آه‮ ‬يا رع هليوبوليس الشمس‮ !‬
مقتطفات
‮ ‬ولدي،‮ ‬
حل وقت الفراق،‮ ‬
لن تراني وقتا طويلا‮ ‬،
لن تسمعني وقتا طويلا‮ ‬
هل من مدة‮ ‬
أتي بك الجد من الصحراء‮ ‬
قلت،‮ ‬ناظرا إلي‮ ! ‬
أهذا هو الاله بتاح‮ ‬يا جدي؟‮ ‬
الآن أنت نفسك مثل الاله بتاح‮ ‬
وأنت تسير في العالم الفسيح،‮ ‬
وأنت تسير بدوني،
لكن ايزيس معك في كل مكان‮ ‬
هل تذكر النزهات‮ ‬
بالممرات المحفوفة بأشجار السنط‮ ‬
في فناء المعبد،‮ ‬
حين حدثتني عن حبك‮ ‬
وبكيت بوجهك الأسمر الشاحب،‮ ‬
أتذكر،‮ ‬كيف كنا ننظر إلي النجوم‮ ‬
من حوائط المعبد‮ ‬
والمدينة‮ ‬يلفها صمت‮ ‬
عن قرب،‮ ‬لكنه ناء؟‮ ‬
أنا لا أتحدث عن الأسرار الإلهية‮ ‬
غدا سيأتي الي تلامذة آخرون،‮ ‬
لن‮ ‬يقولوا‮ :‬،أهذا هو الاله بتاح؟‮ ‬
لأنني قد صرت هرِما أكثر‮ ‬
بينما صرت أنت شبيها بالاله بتاح‮ ‬
لكنني لن أنساك،‮ ‬
وأفكاري،‮ ‬
ودعواتي‮ ‬
سوف تصحبك في العالم الفسيح،
آه‮ ‬يا بني‮ . ‬
‮ ‬2
حين ساروا بي عبر الحديقة‮ ‬
عبر صف حجرات‮ : ‬يمينا،‮ ‬ويسارا‮ ‬
إلي المخدع المربع،‮ ‬
حيث كانت ترقد،‮ ‬
أسفل ضوء بنفسجي‮ ‬يخترق الستائر‮ ‬
مرتدية حلي ثمينة‮ ‬
وأساور وخواتم‮ ‬
امرأة رائعة،‮ ‬كأنها هاتور،‮ ‬
بعينين مرسومتين وضفائر سوداء‮ : ‬
توقفت‮ .‬
وقالت لي‮ : ‬
هيا؟‮ ‬
أما أنا فصمت،‮ ‬
ونظرت إليّ،‮ ‬وهي تبتسم،‮ ‬
وألقت إليّ‮ ‬بزهرة من شعرها‮ ‬
صفراء‮ ‬
التقطتها وقربتها من الشفتين‮ ‬
أما هي فقالت وهي تنظر شذرا‮ ‬
لماذا أتيت‮ ‬يا فتي‮ ‬
ألكي تقبل الزهرة الملقاة علي الارض؟
قلت‮ : ‬أجل،‮ ‬ياملكة‮ ‬
وامتلأ المخدع بأسره‮ ‬
بضحك رنان للمرأة‮ ‬
وخدمها‮ : ‬
صفقن بأيديهن دفعة واحدة،‮ ‬
وضحكن دفعة واحدة،‮ ‬
كأنهن أصوات مزاهر في عيد إيزيس‮ ‬
دقتها الكهنة دفعة واحدة،‮ ‬
3‮ ‬
ماهذا المطر‮ !‬
سكن شراعنا تماما،‮ ‬
ولم تعد مرئية خطوطه‮ . ‬
انسابت الحمرة في وجنتيك،‮ ‬
وأنت‮ : ‬مثل أرجوان صور‮ ‬
تخطينا في خوف‮ ‬
عتبة قبو الفحام المنخفضة،
صاحبها ذو ندبة علي الجبهة‮ ‬
كان‮ ‬يدفع بالأولاد الجربي المتسخين‮ ‬
ذوي الأعين المريضة‮ ‬
وبعد أن وضع أمامك قطعة خشبية،‮ ‬
نفض عنها الأتربة بفوطة‮ ‬
وبعد أن ربت بيده،‮ ‬قال‮ : ‬
ألن تأكل الخبز أيها السيد؟‮ ‬
أما المرأة العجوز السمراء‮ ‬
فكانت تهدهد الطفل وهي تغني‮ :‬
لو أنني كنت فرعونا‮ ‬
لابتعت لنفسي ثمرتي كمثري‮: ‬
كنت أعطيت واحدة لصديقي،
وأكلت أنا الأخري
‮ ‬4‮ ‬
شاهدت من جديد المدينة،‮ ‬حيث ولدت‮ ‬
وقضيت شبابي البعيد‮ : ‬
وعرفت،‮ ‬
أنه لم‮ ‬يعد هناك أقارب ومعارف،‮ ‬
وعرفت،
أنه لم تعد هناك ذكري لي،‮ ‬
لكن البيوت وانحناءات الشوارع،‮ ‬
والبحر الأخضر البعيد‮ : ‬
كل شيء كان‮ ‬يذكرني‮ ‬
بالثوابت،‮:‬
أيام الطفولة البعيدة،‮ ‬
أحلام وطموحات الشباب‮ ‬
الحب،‮ ‬كدخان طائر‮ ‬
غريب أنا علي الجميع،
بلا نقود،‮ ‬
لا أعرف،‮ ‬أين أميل برأسي،‮ ‬
وجدت نفسي في الحي البعيد،‮ ‬
حيث أضاءت الأنوار خلف درفات منكسة،‮ ‬
وكانت تُسمع أصوات‮ ‬غناء ودفوف‮ ‬
من الحجرات الداخلية‮ .‬
عند الستار المسدل‮ ‬
كان‮ ‬يقف ولد أجعد طيب،‮ ‬
وما أن ابطأت الخطي،‮ ‬متعبا،
قال إليّ‮ :‬
‮"‬يا أبت،
يبدو أنك لا تعرف الطريق‮ ‬
ولا معارف لديك؟‮ ‬
هلم الي هنا‮: ‬
يوجد هنا كل شيء،
لينسي الغريب الوحدة‮ ‬
وتستطيع أن تجد
صديقة مرحة خالية البال‮ ‬
بجسد لين وضفيرة عطرة،
تمهلت،‮ ‬وأنا أفكر في شيء آخر،‮ ‬
أما هو،‮ ‬فواصل مبتسماً‮: ‬
إذا كان ذلك لا‮ ‬يستميلك،‮ ‬
‮ ‬ياجوال،‮ ‬
توجد هنا مسرات أخري،‮ ‬
لا‮ ‬يفر منها القلب الشجاع الحكيم‮" ‬
نزعت الصندل،‮ ‬وأنا أتخطي العتبة‮ ‬
كي لا أحمل إلي دار الأنس‮ ‬
رمل الصحراء المقدس‮ ‬
حدقت في حارس الباب‮ ‬
فرأيت،‮ ‬
أنه لم‮ ‬يكن في كامل ملابسه‮ ‬
وسرنا بعد ذلك بالممر‮ ‬
حيث عن بعد‮ ‬
كانت ترن الدفوف في ملاقاتنا‮. ‬
5
شاهدته وجها لوجه ثلاث مرات،‮ ‬
في المرة الأولي كنت أسير بالحديقة،‮ ‬
أُرسلت طلبا لغذاء الأصدقاء،
ولكي أختصر الطريق‮ ‬
اخترت دربا قرب نوافذ قصر،
وفجأة سمعت أصوات أوتار،
ولأني كنت طويل القامة،‮ ‬
شاهدته،‮ ‬
بدون عناء من النافذة المتسعة‮ ‬
كان‮ ‬يجلس وحيدا حزيناً،‮ ‬
ينظم بأصابعه الدقيقة أوتار قيثارته‮ ‬
أما الكلب الأبيض‮ ‬
فكان‮ ‬يرقد عند قدميه بلا حراك،‮ ‬
خرير النافورة وحده‮ ‬
كان‮ ‬يختلط بالموسيقي‮.‬
بعد أن أحس بنظرتي،‮ ‬
أنزل القيثارة‮ ‬
ورفع الوجه المطرق‮.‬
ساحرا بدا لي جماله‮ ‬
وصمته في السكون الهاديء‮ ‬
للظهيرة‮!‬
ركضت في هلع،‮ ‬وأنا أرسم علامة الصليب‮ ‬
بعيدا عن النافذة‮:‬
بعدها كنت في حراسة لوخي‮ ‬
وقفت في ممر
يفضي إلي حجرة مُنجم القيصر،‮ ‬
القي القمر ضوءا دائريا مشرقا علي الأرض،‮ ‬
حين عبرت بالمكان المضيء،‮ ‬
لمع‮ ‬
الزخرف النحاسي في حذائي‮.‬
سمعت ضجيج خطي،‮ ‬
فتوقفت‮.‬
من جوف السكون،‮ ‬
خرج ثلاثة أشخاص‮ ‬
أمامهم عبد‮ ‬يحمل مشعلا،‮ ‬
وكان هو بينهم‮. ‬
كان شاحبا‮ ‬ً،‮ ‬
لكن بدا لي،‮ ‬
أن الحجرة أضاءت‮ ‬
ليس بالمشعل،‮ ‬بل بوجهه‮. ‬
حدق في وهو‮ ‬يمر‮ ‬
وقال‮: ‬يا أخ،‮ ‬لقد شاهدتك في مكان ما‮ ‬
وانصرف إلي مسكن المنجم‮ ‬
واختفت بعيدا ملابسه البيضاء‮ ‬
واختفي ضوء المشعل‮ ‬
أما أنا فمكثت واقفا،‮ ‬بلا حركة ولانفس،‮ ‬
وحين رقدت في الثكنة،‮ ‬
شعرت،‮ ‬
بأن مارتس النائم بجواري‮ ‬
يلمس‮ ‬يدي بحركة عادية،‮ ‬
وتظاهرت بالنوم‮. ‬
ومرة أخري مساء‮ ‬
تقابلنا،‮ ‬
قريبا من خيام القيصر المتنقلة‮ ‬
كنا نسبح،‮ ‬
حين سمعنا صياحا‮ ‬
أسرعنا،‮ ‬فرأينا أننا تأخرنا‮. ‬
كان الجسد المسحوب من الماء‮ ‬
مسجي علي الرمال‮ . ‬
والوجه السماوي نفسه،‮ ‬
‮ ‬وجه الساحر،‮ ‬
يحدق بعينين مفتوحتين‮ ‬
وكان القيصر‮ ‬يسرع من بعيد،‮ ‬
مذهولا بالخبر الحزين‮ ‬
أما أنا فكنت أقف،‮ ‬لا أري شيئا،‮ ‬
ولا أسمع كيف تنساب الدموع،‮ ‬
المنسية من الطفولة علي وجنتي‮. ‬
كنت أهذي بآسيا العزيزة،‮ ‬بأزمير‮ ‬
وكانت أصوات الملائكة تغني‮: ‬
أوسانا‮! ‬
إله جديد‮ ‬
أرسل للناس‮!‬
أغاني كانوب
‮ ‬الحياة في كانوب متحررة‮: ‬
فلنسافر‮ ‬يا صديقي،‮ ‬إلي هناك،‮ ‬
ونجلس في قارب خفيف‮ ‬
ونرحل في‮ ‬يسر إلي هناك‮.‬
علي طول الساحل الهاديء‮ ‬
تقف الفنادق دائما‮: ‬
بشرفاتها العليلة‮ ‬
مغرية للمارة‮. ‬
فلنأخذ لنا حجرة‮ ‬
منفردة،‮ ‬ياصديقي،‮ ‬معك،‮ ‬
ولنتزين بإكليلي زهور‮ ‬
ونجلس‮ ‬يدا في‮ ‬يد‮ . ‬
فلسنا في حاجة،‮ ‬ياصديقي‮ : ‬
لتعلم القبلات العذبة‮ . ‬
لأن كانوب المقدسة المباركة‮ ‬
يمكنها أن تداوي الأحزان جميعها‮ .‬
2
هل أنا أشبه شجرة التفاح،‮ ‬
شجرة التفاح في الضوء،‮ ‬
أخبروني،‮ ‬يا صديقاتي؟‮ ‬
هل تشبه تجاعيد شعري‮ ‬
قمة رأسها؟‮ ‬
هل قدي ممشوق مثل ساقها‮ ‬
ويداي لدنة،‮ ‬مثل أغصانها؟‮ ‬
وقدماي متماسكتان،‮ ‬مثل جذورها‮ ‬
وقبلاتي أشهي من تفاحها الحلو؟‮ ‬
‮ ‬لكن آه‮! ‬
لكن آه‮! ‬
يقف الشباب في حلقة الرقص،‮ ‬
يتذوقون ثمار التفاح تلك،‮ ‬
أما ثمرتي،‮ ‬
أما ثمرتي‮ ‬
فيستطيع واحد فحسب أن‮ ‬يتذوقها مرة واحدة‮! ‬
3
آه،‮ ‬ياحديقتنا،‮ ‬ياكرمتنا‮ ‬
يتعين الري مرارا‮ ‬
وأغصان التفاح اليابسة‮ ‬
يتعين شذبها مرارا‮ ‬
في حديقتنا المنعزلة‮ ‬
توجد الزهور والعنب‮ ‬
رؤية عناقيده،‮ ‬
مسرة لقلب كل مشاهد،‮ ‬
والبوابة بين الشجيرات‮ ‬
تغري العابر هناك‮ : ‬
يأمرها زيفس المضياف‮ ‬
بأن تكون مفتوحة‮ ‬
نحن نسمح للجميع،‮ ‬
نحن نفتح الحديقة للجميع،‮ ‬
لسنا بمقترين‮ : ‬يستطيع كل شخص‮ ‬
أن‮ ‬يأخذ عنبنا الناضج‮ . ‬
4‮ ‬
تبحث كيبيريدا عن أدونيس‮ ‬
تجوب شاطيء البحر بحثا‮ ‬
مثل أنثي أسد‮ ‬
كلت الاله كيبيريدا‮ ‬
هجعت الي النوم عند البحر‮: ‬
جفاها النوم‮ ‬
يلوح لها ادونيس ابيض،
نظرته الناصعة فاقدة للحياة،‮ ‬
خبث‮ ‬
وثبت كيبيريدا تتنفس بصعوبة
لا تكترث بالتعب‮ ‬
السابق‮ ‬
ركضت مباشرة الي المكان
حيث‮ ‬يسجي جسد ادونيس‮ ‬
عند البحر‮ ‬
صرخت كيبيريدا عاليا،عاليا،‮ ‬
فجاء الصدي‮ ‬
هديرا صاخبا للموج‮ . ‬
‮ ‬5‮ ‬
دوري،‮ ‬دوري‮ :‬
تشبثي‮ ‬
بشدة بيديك‮ ! ‬
‮ ‬أصوات مزهر رنان تنتشر تنتشر‮ ‬
تتردد في خور في‮ ‬الغابات‮ ‬
أيعرف صائد السمك في النيل،‮ ‬
حين‮ ‬يرمي‮ ‬
شباكه في البحر،‮ ‬ماذا سيصطاد؟‮ ‬
أيعرف القناص،
ماذا سيلاقي،
هل سيقتل الصيد،‮ ‬الذي‮ ‬يصوب إليه؟‮ ‬
أيعرف‮ ‬المالك‮ ‬
أن سقوط ندف الثلج‮ ‬
ستتلف الغلة،‮ ‬والكرمة الفتية؟‮ ‬
ماذا نعرف؟‮ ‬
ماذا‮ ‬يتعين أن نعرف؟‮ ‬
علام نأسف؟‮ ‬
دوري،‮ ‬دوري‮ : ‬
تشبثي‮ ‬
بشدة بيديك‮ !‬
أصوات‮ ‬
مزهر رنان تنتشر تنتشر
تتردد في خور في‮ ‬الغابات‮ ‬
نحن نعرف‮ ‬
أن كل شيء‮ : ‬يتغير‮ ‬
ويذهب عنا بلا عودة‮ ‬
نحن نعرف ان كل شيء‮ : ‬فان‮ ‬
علامات النوع فحسب لا تتغير‮ ‬
نحن نعرف‮ ‬
أن الجسد الغالي‮ ‬
وهب لنا كي‮ ‬يفني بعدئذ،‮ ‬
ها هو الذي نعرفه
ها هو الذي نحبه،‮ ‬
ولأن الجسد واهن،‮ ‬
نقبله ثلاثاً‮ ! ‬
‮ ‬دوري،‮ ‬دوري‮ ‬
تشبثي‮ ‬
بشدة بيديك،‮ ‬
‮ ‬أصوات‮ ‬
مزهر رنان تنتشر تنتشر
تتردد في خور في‮ ‬الغابات‮ ‬
7
خاتمة‮ ‬
آه،‮ ‬أغادر الإسكندرية
لن أراها طويلا‮ ! ‬
سأري قبرص‮ : ‬العزيزة علي الالهة،‮ ‬
سأري تير،‮ ‬ويفيس،‮ ‬وسيمنرا
سأري آثينا‮ : ‬حلم شبابي‮ ‬
كورينف،‮ ‬وبيزنطة البعيدة‮ ‬
وتاج الرغبات جميعها،‮ ‬
وهدف المساعي بأسرها‮ : ‬
سأري روما العظيمة‮ ! ‬
سأري كل شيء إلا أنت‮ ! ‬
آه،‮ ‬يا سعادتي،‮ ‬سأغادرك،‮ ‬
ولن أراك طويلا،‮ ‬طويلا‮ !‬
سأري جمالا آخر‮ ! ‬
وسأتطلع مليا في عيون متعددة،‮ ‬
وسوف أقبل شفاها متعددة،
وسأمنح دعاباتي لشعور جعداء متعددة،‮ ‬
وسأهمس بأسماء متعددة،‮ ‬
في انتظار لقاءات في‮ ‬غابات متعددة،‮ ‬
سأري كل شيء،‮ ‬إلا أنت‮ ! ‬
‮( ‬1905‮ ‬1908‮ ) ‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.