لم يكن من الممكن الكتابة في أي موضوع هذا الأسبوع مع تجاهل التعديلات الجوهرية التي تمت في قوانين التأمينات الاجتماعية.. تلك التعديلات التي يجب أن نحيي عليها وزيرة التضامن الاجتماعي نظرا لأثرها علي قيمة المعاشات المنصرفة في المستقبل.. وقد استرعي انتباهي تصريح رئيس صندوق التأمين الاجتماعي لقطاع الأعمال العام والخاص، هذا الأسبوع، الذي نبه فيه العاملين المؤمن عليهم بأن النقص في مرتباتهم هذا الشهر لم يكن بسبب تخفيض المرتبات، وإنما بسبب رفع الحد الأدني لأجر الاشتراك في التأمينات بهدف رفع قيمة الحدود الدنيا للمعاشات المنصرفة تدريجيا في المستقبل.. وتساءلت هل يمكن أن ترفع الحكومة الحد الأدني لأجر الاشتراك في التأمينات بدون قانون يقرر ذلك ؟!! وكانت الإجابة علي تساؤلي من السادة خبراء التأمينات الذين أثنوا علي هذه التعديلات وأنها خطوة إلي الأمام لعلاج مواطن الضعف في نظم التأمينات الاجتماعية السارية حاليا واستجابة لنداءات الرئيس السيسي المتكررة لوضع حد أدني للمعاشات المنصرفة وزيادة مستوي الحماية الاجتماعية، وعرفت أيضا أن هذه التعديلات وردت في القانون رقم 60 لسنة 2016 الصادر بزيادة المعاشات وتعديل بعض أحكام قوانين التأمين الاجتماعي.. حيث نصت المادة الرابعة منه علي الآتي : ( يستبدل بنص الفقرة الأخيرة من البند (ط) من المادة (5) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 النص الآتي : مادة (5) فقرة أخيرة بند (ط) : وفي جميع الأحوال يتعين ألا يقل أجر الاشتراك التأميني عن 400 جنيه شهريا، ويزاد هذا الحد بنسبة (25%) سنويا لمدة خمس سنوات ثم تعديل الزيادة إلي (10%) سنويا، علي ألا يقل أجر الاشتراك التأميني عن الحد الأدني لأجر الاشتراك التأميني المحدد وفقا لقانون العمل).. ومعني ذلك أن الحد الأدني لأجر الاشتراك التأميني اعتبارا من شهر يوليو 2016 سيرتفع إلي 400 جنيه شهريا، ويزاد إلي 500 جنيه عام 2017، ثم إلي 625 جنيها عام 2018، ثم إلي 781.25 جنيه عام 2019، ثم إلي 976.56 جنيه عام 2020، ثم إلي 1220.70 جنيه عام 2021، ثم يزاد بعد ذلك بنسبة 10% سنويا.. كما يترتب علي هذه التعديلات رفع الأجور الحكمية التي كانت تشترك علي أساسها فئات المؤمن عليهم من السائقين وعمال المقاولات والمخابز والتي كانت تحددها قرارات وزارية دون مراعاة لعدم تناسب المعاشات المنصرفة وفقا لهذه الأجور مع مستوي المخاطر التي يتعرض لها المؤمن عليهم من العاملين في هذه المجالات وخاصة السائقين وعمال المقاولات والمحاجر والملاحات.. ويترتب علي هذه السلسلة من الزيادات المتتابعة زيادة الحد الأدني للمعاشات المنصرفة في المستقبل. والتي تحسب وفقا لهذه الحدود الدنيا لأجر الاشتراك.. ومن ناحية أخري تخفيف عبء الخزانة العامة الذي تتحمله سنويا لزيادة المعاشات الدنيا.. ونصت المادة الخامسة من القانون 60 لسنة 2016 المشار إليها علي الآتي : ( يستبدل بنص البند رقم (8) من المادة (6) من قانون نظام التأمين الاجتماعي الشامل الصادر بالقانون رقم 112 لسنة 1980 النص الآتي : مادة (6) بند (8) : اشتراك شهري بنسبة (7%) من الحد الأدني لأجر الاشتراك وفقا لأحكام قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 يؤديه المؤمن عليه ).. ومعني ذلك أن يرتفع الاشتراك الشهري في نظام التأمين الاجتماعي الشامل الذي يغطي العمالة غير المنتظمة وصغار عمال الزراعة والصيد والباعة الجائلين من جنيه واحد شهريا إلي 28 جنيها شهريا ويزاد بنسبة 25% سنويا لمدة خمس سنوات ثم بنسبة 10% سنويا.. ووفقا لهذه السلسلة من الزيادات للاشتراك الشهري في هذا النظام ترتفع قيمة المعاشات المنصرفة لهذه الفئات التي هي في أمس الحاجة للحماية الاجتماعية.. كما يتم تخفيف عبء الخزانة العامة التي تساهم بنسبة 90% من تمويل نفقات هذا النظام.. وفي النهاية، يبقي أن نرفع الحد الأدني لدخول الاشتراك في نظام التأمين الاجتماعي علي أصحاب الأعمال ومن في حكمهم ونظام التأمين الاجتماعي علي العاملين المصريين بعقود شخصية في الخارج، حيث إن هذه النظم غير مفعلة لأن أغلب المؤمن عليهم فيها يشتركون علي فئة 100 جنيه وهي الفئة الدنيا لدخول الاشتراك، ولكي تتعادل الحدود الدنيا لأجور الاشتراك يجب إلغاء الست شرائح الأولي من دخول الاشتراك في هذه النظم ليبدأ الاشتراك من 600 جنيه كحد أدني، مع تحفيز المؤمن عليهم علي الاستمرار في الاشتراك وعدم التهرب.. والله المستعان..