أطلق مرصد الأزهر الشريف باللغات الأجنبية، مؤخرا حملة إعلامية تحت عنوان »يدعون ونصحح» وذلك لتصحيح المفاهيم المغلوطة وتفنيد ما تستند عليه جماعات التطرف والإرهاب من تفسيرات خاطئة لبعض النصوص.وتستهدف الحملة، توعية الشباب المسلم في الداخل والخارج بمخاطر الفكر المتطرف وما يستند عليه من تأويلات بعيدة كل البعد عن صحيح الدين، كما تستهدف أيضا نشر الثقافة الإسلامية الصحيحة. وتنطلق الحملة بأكثر من 10 لغات علي مواقع الإنترنت وصفحات التواصل الاجتماعي ومن خلال موقع مرصد الأزهر الشريف علي بوابة الأزهر الإلكترونية بمشاركة أكثر من 50 شابا أزهريا مدربا يجيدون مختلف اللغات. ومن أبرز ما ردت عليه الحملة هي إدعاء تنظيم »داعش» أنه يجب علي المسلمين ألا يعتبروا بأي نظام سياسي سوي الخلافة التي جاء بها الإسلام. يرد المرصد علي هذا الادعاء موضحا أن نظام الحكم في الإسلام متروك لظروف الناس وأعرافهم شريطة ألا يكون فيه تشريع يخالف شرع الله تعالي حيث لم يرد نص واحد صريح صحيح يوجب علي المسلمين أن يقيموا نظاما سياسيا بعينه بتفاصيله وإنما ورد وجوب العدل ورعاية مصالح العباد والبلاد بما يرضي رب العباد.وأن كل نظام حكم أتي بعد الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي والحسن بن علي لا يصدق عليه اسم الخلافة إلا من حيث اللغة أما من حيث الحقيقة فكانت أنظمة حكم متباينة مما يدلل علي أن نظم الحكم تختلف في الإسلام بحسب الثقافات والعادات والأوضاع والأحوال. ويرد المرصد علي زعمهم بأن ما يقومون به من أفعال دموية إنما هو نظام الخلافة الإسلامي وأنهم بذلك يقيمون دولة الإسلام ويطبقون شريعة الله. يوضح المرصد:مقارنة أفعال الدواعش (مدعي الخلافة) بالخلافة الراشدة تبين أنهم إنما جاءوا ضمن مخطط قبيح لتشويه فكرة الخلافة الراشدة وتشويه تراث المسلمين وقطع الصلة بين المسلمين وبين إسلامهم السمح الإنساني، فالخلفاء لم يقتلوا الآمنين ولم يهجروا الناس من بيوتهم وأراضيهم ولم يكفروا المسلمين ولم يخونوا عهودهم مع المعاهدين من أهل البلاد والأديان الأخري ولم يستبيحوا النساء بدعوي الردة والكفر ولم يبيعوا آثار البلاد التي دخلوها ولم يخربوا الحضارات وإنما استفادوا وأفادوا ولم يحبسوا المرأة في البيت وإنما خرجت وظهرت وعلمت وتعلمت.. إن ما تدعيه تلك الجماعة كذب وتلبيس لا ينطلي علي ذوي العقول السوية. خليفة الدواعش يدعون أن أبا بكر البغدادي هو خليفة المسلمين اليوم. ويرد المرصد: كيف يكون خليفة للمسلمين ورسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يقول: »إِنَّمَا الإِمَامُ جُنَّةٌ، يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ، وَيُتَّقَي بِهِ» فهل تحتمي الأمة الإسلامية في ملماتها ومصائبها بخليفتهم المتخفي الخائف من الظهور؟ وأين هذا الحديث من رجل لا يأمن علي نفسه ولا يأمن غيره معه؟ كما شرط أن يصبح المسلم خليفة للمسلمين أن تأخذ له البيعة بعد مشورة ورضا عامة المسلمين، فهل رضي المسلمون به؟ اللهم إلا جماعته وذويه من عدد لا يمثل نسبة تذكر من تعداد المسلمين في العالم!. يدعون أن محبة الآخر من غير المسلمين كفر. هذا كلام عارٍ عن الصحة فقد كان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يحب عمه أبا طالب، بل إن القرآن الكريم يثبت المحبة القلبية لغير المسلمين فيقول الله تعالي مخاطبا نبيه الكريم: » إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ»،فكيف يزعم هؤلاء أن محبة غير المسلم ممنوعة بينما أباح الله للمسلم أن يتزوج من الكتابيات وأن يكون بينهما من المودة والمحبة والرحمة ما يكون بين الأزواج! يدعون ان من يوالي غير المسلمين فهو مرتد كافر وبناء عليه كفروا كل المسلمين واستباحوا دماءهم واموالهم. ويؤكد المرصد أن الولاء هو ميثاق تعبدي، راجع في الأصل إلي توحيد الله بالإخلاص له في كل شيء، وإلي محبة رسوله - صلي الله عليه وسلم - بتوقيره ونصرته، ثم إلي محبة المؤمنين؛ بتقوية أواصر وعري الأخوة في الله، وتعميق مفاهيم التواد والتعاطف والتآزر في الدين، ونصرة الدولة وعدم نصرة أحد علي أهل الإسلام إلا بحق تطبيقا لقوله صلي الله عليه وآله وسلم: »انصر أخاك ظالما أو مظلوما قالوا يا رسول الله هذا ننصره مظلوما، فكيف ننصره ظالما قال تأخذ فوق يديه» وذلك كله هو أساس السلام والتسامح والعدل القائم في المجتمع الإسلامي. يدعون أن الحكم بغير ما أنزل الله »كفر» بدليل قول الله تعالي في القرآن الكريم »ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون». والصحيح أن آيات ( ومن لم يحكم بما انزل الله..) إنما نزلت أصلا في اليهود ولذلك أجمعت كلمة المفسرين علي أن الحكم بغير ما أنزل الله معصية لكنها لا تكفر صاحبها إلا في حالة واحدة أن يصرح أنه يكفر بما أنزل الله أو أنه يعتقد أن ما انزله الله غير صالح أو أن يقول إن قوانينه البشرية أعظم وأصلح من قوانين الله، كما أن الكفر في الآيات المذكورة لا يعني الخروج فالكفر في اللغة العربية له معان عديدة ومتغايرة، أضف إلي ذلك أن الصحابة لما فسروا هذه الآية منهم من قال: إنه كفر دون الكفر يعني ليس مخرجا من الإسلام ومنهم من قال إن هذه الآيات لا تخص المسلمين أصلا وأقسم علي ذلك قائلا إنها في حق الأمم السابقة التي تنكرت لكتبها وشرعت من هواها أحكاما قالت إنها أحكام الله بل وأفضل! الحاكمية يدعون أن التوحيد له أقسام منها توحيد الحاكمية والذي يعني أن الحكم لله وحده وأن من تحاكم إلي غير الله فهو كافر الحاكمية مصطلح حديث استخدم لأول مرة علي لسان أبي الأعلي المودودي في سبيل الاستقلال من قبضة الاستعمار الانجليزي ثم لما استقلت باكستان وانفصلت عام 1947م تراجع المودودي عن أفكار الحاكمية وخضع لقوانين ودستور الدولة بل وترشح في الانتخابات.واستغل سيد قطب نفس الفكرة بعد ذلك مستخدما نفس المصطلح بعد حشوه بأفكاره التخريبية ليقول من خلاله إن مصر دولة جاهلية تعيش في ظلمات الكفر لأنها تحكم بغير شرع الله تعالي. يدعون أن الجهاد فريضة علي المسلمين يجب تفعيلها وهي في نظرهم تستلزم قتل كل المخالفين لهم مستدلين بقوله تعالي: »وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّي لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ» ويؤكد المرصد أن هذا النص إنما كان في مشركي مكة وأن المراد بالنص هنا: »وقاتلوهم حتي لا يفتن مسلم عن دينه وحتي لا يبغي علي مسلم، أو حتي لا يرد مسلم عن الإيمان إلي الكفر» وأن الأمر بالقتال إنما كان في مجال رد الفعل ودفع العدوان الذي مارسه المشركون ضد رسول الله وضد أصحابه.