اعرف أسعار الفراخ البيضاء في بورصة الدواجن اليوم    الحكومة تنفي انتشار بطيخ مسرطن في الأسواق    قطع المياه عن قريتين في مركز ناصر ببني سويف لأعمال الصيانة غدا    معلومات عن نظام باتريوت.. واشنطن رفضت تزويد أوكرانيا به    شيماء البرديني: نتنياهو يريد استمرار الحرب للأبد ويستخدم شعبه كدروع بشرية    قبل مواجهة الترجي.. ماذا يفعل الأهلي في نهائي أفريقيا أمام الأندية العربية؟    هدف تاريخي ينتظر محمد صلاح في مباراة ليفربول ووست هام يونايتد اليوم    «رياضة القليوبية» تطلق مبادرة «العمل حياة بناء مستقبل» احتفالا بعيد العمال    حالة الطقس اليوم.. انخفاض درجات الحرارة ونشاط الرياح نهارا وبرودة ليلا    ضبط 16 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    فيلم عالماشي بالمركز الثالث في شباك التذاكر    ناهد السباعي عن مشاركتها في مهرجان أسوان: كانت تجربة ممتعة    عمرو دياب يتألق في أضخم حفلات صيف البحرين (صور)    حكم من مات ولم يحج وكان قادرا عليه.. الأزهر يوضح ما يجب على الورثة فعله    أستاذ «اقتصاديات الصحة»: مصر خالية من شلل الأطفال بفضل حملات التطعيمات المستمرة    «صحة كفر الشيخ» تنظم قافلة طبية لمدة يومين ضمن «حياة كريمة»    «الصحة» تعلن جهود الفرق المركزية في متابعة أداء مراكز الرعاية الأولية    الأوراق المطلوبة لاستخراج شهادات فحص المقبلين على الزواج للمصريين والأجانب    «الداخلية»: حملات أمنية لضبط حائزى المخدرات والأسلحة تضبط 56 قضية ب4 محافظات    أفضل دعاء تبدأ وتختم به يومك.. واظب عليه    طارق يحيى: المقارنة مع الأهلي ظالمة للزمالك    كوريا الشمالية تتهم الولايات المتحدة بتسيس قضايا حقوق الإنسان    صوامع الإسكندرية تستقبل 2700 طن قمح محلى منذ بدء موسم التوريد    سينما المكفوفين.. أول تعاون بين مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير ووزارة التضامن    حماس تتسلم رد إسرائيل بشأن الصفقة الجديدة    نظام امتحانات الثانوية العامة في المدارس الثانوية غير المتصلة بالإنترنت    اليوم.. استئناف محاكمة المتهمين بقضية تنظيم القاعدة بكفر الشيخ    تفاصيل جريمة الأعضاء في شبرا الخيمة.. والد الطفل يكشف تفاصيل الواقعة الصادم    إصابة 10 أشخاص إثر انقلاب أتوبيس في الشرقية    وزير الخارجية يتوجه إلى الرياض للمشاركة في أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي    زلزال بقوة 4.1 درجة يضرب شرق تركيا    السبت 27 أبريل 2024.. نشرة أسعار الحديد والأسمنت اليوم    «اللتعبئة والإحصاء»: 192 ألفا و675 "توك توك" مرخص في مصر بنهاية عام 2023    كيف أدَّى حديث عالم أزهري إلى انهيار الإعلامية ميار الببلاوي؟.. القصة كاملة    برج الثور.. نصيحة الفلك لمواليد 27 أبريل 2024    المقاولون العرب" تنتهي من طريق وكوبري ساكا لإنقاذ السكان بأوغندا"    "الشيوخ" يناقش جودة التعليم والتوسع في التصنيع الزراعي، الإثنين المقبل    متى يحق للزوجة الامتناع عن زوجها؟.. أمين الفتوى يوضح    قبل 3 جولات من النهاية.. ماهي فرص "نانت مصطفى محمد" في البقاء بالدوري الفرنسي؟    بعد بقاء تشافي.. نجم برشلونة يطلب الرحيل    بعد رأس الحكمة وقرض الصندوق.. الفجوة التمويلية لمصر 28.5 مليار دولار    حزب الله يعلن استشهاد 2 من مقاتليه في مواجهات مع الاحتلال    سياسيون عن ورقة الدكتور محمد غنيم.. قلاش: خلاصة فكره وحرية الرأي والتعبير هي درة العقد.. النقاش: تحتاج حياة سياسية حقيقية.. وحزب العدل: نتمنى من الحكومة الجديدة تنفيذها في أقرب وقت    علي جمعة: الشكر يوجب على المسلم حسن السلوك مع الله    وزير الري: الاستفادة من الخبرات العالمية فى استثمار الأخوار الطبيعية لنهر النيل    المتهم خان العهد وغدر، تفاصيل مجزرة جلسة الصلح في القوصية بأسيوط والتي راح ضحيتها 4 من أسرة واحدة    إشادة دولية بتجربة مصر في مجال التغطية الصحية الشاملة    بعد ارتفاعها.. أسعار الدواجن اليوم 27 أبريل| كرتونة البيض في مأزق    حكم الشرع في الإسراع أثناء أداء الصلاة.. دار الإفتاء تجيب    "كنت ببعتله تحياتي".. كولر يكشف سر الورقة التي أعطاها ل رامي ربيعة أثناء مباراة مازيمبي    لدورة جديدة.. فوز الدكتور أحمد فاضل نقيبًا لأطباء الأسنان بكفر الشيخ    الأهلي ضد الترجي.. نهائي عربي بالرقم 18 في تاريخ دوري أبطال أفريقيا    يسرا اللوزي تكشف سبب بكائها في آخر حلقة بمسلسل صلة رحم.. فيديو    الدكتور أحمد نبيل نقيبا لأطباء الأسنان ببني سويف    السيسي محتفلا ب"عودة سيناء ناقصة لينا" : تحمي أمننا القومي برفض تهجير الفلسطينيين!!    محمد جبران رئيسا للمجلس المركزي للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب    مقتل 4 عمّال يمنيين بقصف على حقل للغاز في كردستان العراق    تهاني شم النسيم 2024: إبداع في التعبير عن المحبة والفرح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات الأخبار
قمح وأرز وقصب سكر

جاء مصر شاعرا مغمورا ضاق به الحال في أرضه التي قال فيها »سأرحل عن بلاد ضقتُ فيها»‬ وقال أيضا: »‬وأعبر مصر حيث العلم حيث الحضارة حيث يحترم الأديب»
حال المزارع والعامل في مصر لا يسر أحداً ؛ علي الرغم من أنهما أساس الطبقة الوسطي التي تُبني عليها الدول؛ فهم الذين يؤسسون تقدّم الأمم، ومن ينظر إلي حالهم في مصر يجد عجباً، فبعد أن اكتسب المزارعون بقوانين الإصلاح الزراعي مكاسب حققتها لهم ثورة 23 يوليو فصار المزارع يمتلك أرضا مع مجانية التعليم في هذه الآونة، لنري من أبنائهم من صار رئيس دولة »‬وما أدراك ما الستينيات»؟ اليوم صارت أرضهم معرضة للبوار.
المزارعون يعملون دون عائد مادي منصف، ودون تأمين صحي، ودون تأمين ضد البطالة؛ ففي موسم الجني لو توالي سقوط المطر في ألمانيا ثلاثة أيام متصلة يحصل المزارع الألماني علي تعويض، أما مزارعونا فهم الطبقة التي تعطي ولا تأخذ، وقد فوجئَتْ مصر كلها بما حدث في »‬شون» الغلال وصوامعها من تلاعب يدفع ثمنه المزارعون والدولة كلها، ويقترب حجم الفساد كما ضبطته اللجنة البرلمانية لتقصي أحوال الصوامع إلي نصف مليار جنيه أو يزيد! فالمزارع يأخذ قمحه إلي الشونة حتي يورّده للدولة فيسوّف الموظفون المسئولون في استلامها؛ وإذا قبلوا بعد أيام طويلة تقف فيها السيارات مُحمّلة بالغلال في طابور طويل يبخسونه ثمنها، ويرخّصون سعرها.
وأما ما يحدث مع مزارعي قصب السكر في صعيد مصر فهو العجب العجاب؛ فالدولة تحدد حقول الأراضي التي يجب زراعة القصب بها؛ وإذا خالف المزارع الدورة الزراعية يتعرض للعقوبة، فيلتزم المزارعون بما قررته الدولة ويزرعون قصب السكر الذي يتطلب أطناناً من السماد الذي لا توفره الجمعيات الزراعية عمدا أو دون عمد فيلجأ إلي السوق السوداء التي نجده متوافرا بها بأضعاف ثمنه فيشتريه المزارعون مضطرين وإلا بارت المحاصيل مستحق في الشتاء تصرفه في الصيف والعكس حتي يقع المزارع تحت جشع البائعين، والعجيب أن الجمعيات الزراعية تصرف للمزارعين السماد ويفاجأ المزارعون بآفات وحشرات تصيب القصب فيضطرون لشراء المبيدات ورشّها علي نفقتهم؛ فلا يرون مرشدا زراعيا ولا من يهتم بأبحاث تنمي المحصول وتقضي علي الحشرات، كما أن الفئران انتشرت بين الحقول ولا مقاومة بل تركها المسئولون تقرض المحاصيل وتتقوي عليها ليبصر المزارع أعواد القصب وقد تحولت إلي كوم قش، ولذا يتعرض المحصول للحريق فيعاقب المزارع علي حريق حقله وهو المتضرر الأول والأخير، ثم يأتي العجب العجاب في العقد المبرم بين مصنع السكر والمزارع إذْ يلتزم المصنع بنقل المحصول بقطار المصنع الذي كان يمر قريبا من الحقول؛ ومنذ سنوات طوال توقفت معظم القطارات الناقلة وسرق السارقون المعروفون قضبان السكك الحديدية، فلم يعد هنالك قضبان ولا قطارات؛ وعندما طالب المزارعون بنقل محاصيلهم علي نفقة المصنع إعمالا لبنود العقد رفض المصنع، بل طلب طلبا غريبا ليبرئ ساحته وهو أن يكتب المزارعون إقرارا عبثيا أنهم يطلبون نقل محصولهم من القصب علي نفقتهم الشخصية بناء علي طلبهم ورغبة محمومة لديهم ومتنازلين عن طلب مقابل مالي لأن هذه رغبتهم وأنهم لا يرغبون نقل محاصيلهم بقطارات المصنع التي لا وجود لها، فيضطر المصنع لتلبية أمنيتهم ويقبل هذا الوضع تحقيقا لرغبات المزارعين الذين يدفعون أموالا باهظة مقابل النقل؛ ناهيك عن أن المصنع هو الذي يحدد سعر الطن، تَخيّل طن قصب السكر بأربعمائة جنيه فقط »‬أقول الطن أي ألف كيلوجرام» بثلاثين دولارا، ولن يأخذها صافية بل بعد خصومات كثيرة أعجبها ما يذهب لجمعية رعاية منتجعي القصب! ثم يحدد المصنع الوزن وحده دون مشاركة من ممثلين عن المزارعين ويفاجأ المزارع أن في كل نقلة قصب يحسب المصنع رُبع طن شوائب تقريبا، وهو لا يستطيع التساؤل ولا الاعتراض بل عليه القبول فقط، كما أن المصنع وحده يحدد متي يأخذ هؤلاء أموالهم في طوابير في حر الشمس وانتظار ممل بعد شهور من توريد المحصول، فهل يعقل أن المزارع يورد المحصول في شهر يناير ويأخذ بقية مستحقاته في أغسطس؟ّ!..
وعندما يذهب للمصنع في أغسطس وهو شهر قمة الحر يجد خلقا كثيرا يجلسون تحت الشمس منتظرين دورهم؛ فلا ظل ولا ماء ولا مراوح بل يمكثون يوما كاملا حتي يجيئ دورهم، وكم طالبوا أن يصرفوا مستحقاتهم من بنوك التنمية الزراعية أو أي بنك من البنوك الحكومية القريبة من قُراهم ومُدنهم ولكن دون جدوي حتي يتعذب المزارعون؛ وحتي يفقد بنك التنمية دوره الرئيس وهو التنمية ليتبقي له دور التسليف دون رحمة.
هل الهدف أن يهجر المزارعون زراعة القمح وزراعة قصب السكر؟! وبالمناسبة أين ذهبت قضبان السكك الحديدية لقطارات مصانع قصب السكر وسكك حديد قطار (قنا سفاجا) الذي أنشأه الإنجليز؟، وكيف سيعود قطار الواحات الذي ذهب ولن يعود لأن قضبان السكة الحديدية التي جاء عليها من أسيوط حُلّتْ ونُقِلتْ إلي مصانع نعرفها جميعا، ويشتري المواطن طن الحديد منها بما يقارب عشرة آلاف جنيه ليبني شقة، كيف حُلت هذه القضبان وقُطعت ونُقلت إلي هذه المصانع دون أن يستوقفها أحد؟ ثم هل سيمتلك المزارعون المليون ونصف المليون فدان أم سيمتلكها الباشوات الجدد ؟
إن حال مزارعي الأرز لن يختلف كثيرا، ومناظر الأرض البور التي لا تجد ماء بعد جفاف التُّرع وصراخ المزارعين وقد تشققت أرضهم يبدو مدويا.
المزارعون يحتاجون إلي نقابة قوية وإلي جمعيات تعمل علي مصلحتهم وأسمدة متوفرة ومبيدات لا تقضي علي البيئة وبحوث علمية تساعدهم ومياه في الترع منتظمة، وإشراف زراعي ميداني، وبعد ذلك - ربما - يحتاجون بطاقات ذكية تُوزع عليهم!
المزارعون في حاجة إلي جرارات زراعية وميكنة بقروض ميسرة حتي تساعدهم علي تحمل هذه الصعاب.
أيها المشرّعون نريد تشريعات تعيد الحق للمزارعين وتحميهم ولا نريد غير ذلك؛ حتي لا نري شكاوي الفلاح الفصيح المدوّنة علي المعابد وقد أضيفت إليها شكاوي الفلاحين الجدد التي لن تكفيها جدران المعابد ولا صفحات الصحف!
مَنْ يهدم المباني التاريخية؟
تحكي المباني التاريخية تاريخ مصر عبر العصور وبما تتميز من جمال ومن تنسيق معماري يريح العين ويمنح الشوارع جمالا خلت منه ينبغي أن نحافظ عليها؛ لكن هنالك عصابة تخصصت في هدم القصور التاريخية لموقعها المتميز ويقومون بتسليط مواتير المياه ليلا عليها وهم يعرفون أنها مبنية »‬بالقصرمل» وهي مادة خليط من الرمل والحمرة والجير ولذلك تتأثر بالماء أيما تأثير، وكم من المباني التاريخية هُدمت تحت مرأي ومسمع كافة المؤسسات ليحل محلها القبح والشقق الإسمنتية التي تخلو من الجمال والاتساع، وقد اعتادت مجموعات ذوي المليار أن يطرقوا الأبواب ليشتروا المباني التاريخية بأي ثمن، ولا أدري من سلّمهم مبني »‬ملَك حفني ناصف» من التربية والتعليم؟ ومن سلمهم مبني مكرم عبيد بقنا؟، فما يحدث في أسيوط مشابه لما يحدث في جميع محافظات مصر وما حدث في وسط القاهرة؛ وهذا يتطلب سن تشريعات تحول دون الهدم وتعوض أصحاب هذه المباني التاريخية تعويضا ماليا مقنعا حتي لا يفكروا في هدمها هربا من الإيجارات القديمة الهزيلة، ولابد من الاهتمام بترميمها حتي لا تتساقط وتتحول ركاما تحل محله أبراج مشوهة
لقد أقمتُ بفندق جوته في مدينة بامبرج الألمانية وهم محافظون عليه علي الرغم من أن الشاعر الألماني لم يقم فيه سوي ليلة واحدة في طريقه لميونيخ وتفتخر المدينة كلها أن جوته بات بها ليلة وحافظوا علي المبني رغم وفاة جوته في 1832
أما نحن فقصر باحثة البادية في أيد غير أمينة، فهل يجد عقولا أمينة تحافظ علي ذاكرة وطن وجمال ماض يصارع قبح الغابات الأسمنتية المعاصرة؟
مصر وباكثير
»‬لقد ظلَمَتْه مصر» هكذا قال أحد الباحثين بمؤتمر أدبي حول باكثير أُقيم أخيرا؛ وما إن قالها حتي انبريتُ له قائلا: »‬إن هذه الجملة تكررت كثيرا في كتب بعض الباحثين، ويبدو أن قائليها لا يعرفون ما فعلته مصر لعلي أحمد باكثير الذي جاءها بعد أن وُلد بأندونيسيا 1900من أبوين حضرمييْن ثم ذهب إلي اليمن مع والده في 1910 ثم زار عدن والصومال وأثيوبيا ووصل الحجاز ؛ وفي عام 1934 رحل إلي مصر حيث التحق بكلية الآداب وحصل علي الليسانس في 1939 كما حصل علي الجنسية المصرية في 1953 وظل بمصر حتي توفي بها في العاشر من نوفمبر 1969.أي أنه جاء مصر شاعرا مغمورا ضاق به الحال في أرضه التي قال فيها »‬سأرحل عن بلاد ضقتُ فيها» وقال أيضا:»وأعبر مصر حيث العلم حيث الحضارة حيث يحترم الأديب» وظل بها نصف عمره المعطاء فأكرمته مصر مفضلة إياه علي أبنائها حتي يقول عن أبناء مصر:» من أصلهم أصلي ومن دمهم دمي آباء صدق بيننا وجدود»
ومضيتُ قائلا : التحق بجامعتها وتزوج إحدي بناتها الفضليات وحصد جميع جوائز وزارة المعارف ووزارة الشئون الاجتماعية في 1943، 1944، 1950 ونال جائزة المجلس الأعلي للفنون والآداب في 1960 وحصل علي الجائزة التشجيعية 1963 وبعدها بعام منحه الزعيم جمال عبد الناصر وسام العلوم والفنون من الدرجة الأولي كما حصل علي وسام عيد العلم ووسام الشعر في العام نفسه، وفي 1964 حصل علي أول منحة تفرغ ينالها أديب مصري وعرضت مسارح مصر القومية والخاصة أعماله المسرحية، وأنتجت مصر بعض أعماله في أفلام شهيرة، وافتتح المسرح القومي في مواسمه المسرحية ثلاثة أعوام متتالية 53-56 فلو أن باكثير ظل بحضرموت في هذه الفترة فماذا نتخيل دوره الأدبي آنذاك ؟ وماذا كان فعل قومه معه؟ فَردَّ المتحدث الباحث »‬لو ظل لقتلوه»
إنني أهيب بوزارة الثقافة أن تتبني تحويل مسكن باكثير بالمنيل إلي متحف يضم مكتبته وأوراقه ومخطوطاته وآثاره قبل أن تضيع فقد رأيت بعض مخطوطاته بألمانيا؛ ولا مانع من وجود متحف له بحضرموت أيضا يضم ذكرياته بحضرموت التي لم يمكث بها في كل حياته سوي بضع سنين وليصوروا أوراقه ومخطوطاته لمتحف سيؤون بحضرموت أما أن يؤخذ كل شيء من منزله بالقاهرة إلي حضرموت - كما بلغني أن مشاورات واتفاقات تسري مع عائلة زوجته المصرية الراحلة - فهذا شيء محزن من جميع الأطراف وضد رغبة باكثير الذي تمني أن يموت بمصر وحقق الله أمنيته، وإني لأري أن نقل مخطوطاته من مصر كنقل رفاته وآمل ألا يتم ذلك، ولكن ينبغي ألا نترك آثاره دون رعاية ودون حفظ فهذا شيء غير مقبول أيضا لمكانته وريادته في تغيير إيقاع الشعر العربي إذ إنه يعد أول من كتب شعر التفعيلة قبل السياب ونازك الملائكة وصلاح عبد الصبور وغيرهم عندما ترجم مسرحية روميو وجولييت في عام 1936 ونشرها في 1946 وعندما كتب مسرحية إخناتون ونفرتيتي في 1938 ونشرها في 1940والتي بناها علي تفعيلة فاعلن. كما أنه كتب أكثر من سبعين رواية ومسرحية، ولقد أحسَنت مصر وبعض الدول العربية في تدريس رائعته »‬وا إسلاماه» علي طلبة المدارس.
فلماذا لا نتبني إقامة متحف للأدباء والفنانين العرب الذين اتخذوا مصر وطنا لهم، فأعطتهم مصر كل شيء ولن تبخل عليهم بمتحف، ألم يقل فيها باكثير:
من يري مصر ولا يعشق مصرا/ جنة في الأرض للرحمن أخري
من بكائية أبو سنة
هل كان شاعرنا الكبير محمد إبراهيم أبو سنة يستشرف المستقبل عندما كتب قبل سنوات قصيدته الخالدة »‬ بكائية إلي أبي فراس الحمداني» التي حذّر فيها من آت كئيب؟ نلمح في شعر أبوسنة أسرارا لمّا تكتشف بعد، تحتاج إلي دراسات بحثية ونقاد، لأنه شاعر جيل صَدق شعبه فلم ينافق ولم يجامل وكان وفيا في كتاباته وصادقا في شخصه، ومعبرا عن آمال الناس وآلامهم؛ ولأنه لم يلتحق بحزب من الأحزاب لم يجد من يفتح له أبواب الإعلام، لكن شعره فتح له قلوب الناس، سأقتطع بعض أسطره الشاعرة حول حلب:
»‬حلبٌ علي مرمي سحابهْ /
نثرت ضفائرها...وفستق دمعها يشكو الصبابهْ/
مالت بنا شمس الغروب إلي الكآبهْ/
وأنا وأنت أبا فراسٍ ننتمي للريح ؛ لا شمس الملوك تضيء ما يعتادنا من ليلنا الوثني، لا قمر الكتابة/
يهمي بسوسنهِ فيلهبنا وتطلع في فضاء القلب أزهار الغرابة/
لاتنكشف للغدِّ
أنت محاصرٌ
ما بين بحر الروم والمنفي
وتلك نبوءة العراف
تلمع في سيوف ذوي القرابة/
... سرب من الغربان
ينعق فوق تاريخ مهان/
أمم يسابقها الزمان فتنطوي
حتي لينكرها الزمان»
طرائف الأسماء
رَوَي الحكيمُ عمرُ الفاروق في كتابه »‬الأحوال» حكايةً عجيبة أن رجلا اسمه »‬الحال» خلّفَ ولدين، أحدهما اسمه »‬صلاح الحال» والثاني اسمه »‬فساد الحال».
»‬صلاح الحال وَرِثَ »‬كلام مفروض» وفساد الحال ورث »‬فعل ممكن»؛ صلاح الحال انقطع خلفه، وفساد الحال خلّفَ »‬ميل الحال» و»وَقْف الحال» من يومها والدنيا علي دي الحال»
كما حكي لي الشيخ غليون رحمه الله وكان يعمل أستاذا بالطافرية وكان أديبا فكها محبوبا؛ أن امرأة كان أولادها من البنين يموتون صغارا؛ فأوعزت لها إحدي النسوة أن تسمّي المولود الجديد اسما غريبا حتي يعيش، فصدّقت المرأة ذلك، وعندما أنجبت ذكرا أسمته »‬شَغْل البال» فعاش؛ثم أنجبت الثاني فأسمته »‬وَقْف الحال» فعاش؛ ثم أنجبت الثالث فاطمأنت وأسمته »‬هُدْوان الحال» وبعد سنوات سافر »‬شَغْل البال» للعمل بالعراق، وفجأة مات »‬هدوان السر» فجاء المعزّون يعزّون أباه قائلين : الدوام لله في »‬هدوان الحال»»، وربنا يبارك لك في »‬وقف الحال» ويجيب لك »‬شغل البال» من العراق!
الشيخ كمال حجزي
كتب الصديق الأديب نور علي القفطي مقالا عن الشيخ كمال حجزي الذي لم أسمع عربيا مثل فصاحة ألفاظه وبلاغة جمله، وفهمه للقرآن في وسطية وتسامح، ولأنه - وهو الذي قارب التسعين من عمره _أمد الله في عمره_ يجمع الشباب ويبصرهم أمور دينهم ودنياهم ويحذرهم من الغلو والتعصب والشطط، هل تتجه إحدي القنوات التليفزيونية لتسجل معه شرحه القرآن الكريم حتي يبقي شرحه للأجيال صدقة جارية وعلما صالحا ينتفع به؟
قال الشاعر:
قُلْ لِذي المُعْرِضِ عنّا/ إنّ إعراضَكَ مِنّا
لَوْ أردناكَ لأضحي/ كلّ ما فيكَ »‬يُرِدْنا»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.