ليس من سمع كمن رأي. سنوات طويلة سمعنا عن الصين. خطوات نموها تصم آذان العالم. طفرة اقتصادية غير مسبوقة. يتوقع خبراء الاقتصاد أن تضعها في المركز الأول عالميا سابقة علي امريكا المتربعة علي عرش اقتصاد العالم لأكثر من قرن. قفزة علمية وعسكرية يتوقع العالم أن تضع الصين في مكانة الدولة العظمي. اتساع أراضيها والكثافة السكانية المرتفعة وقوتها الاقتصادية الكبيرة تمنحها مبررات احتلالها مكانة الدولة العظمي ليعود العالم محكوما بثنائية قطبية بدلاً من انفراد أمريكا بأهل الكرة الأرضية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. نسمع عن الصين التي يسكنها 1،6 مليار نسمة من أصحاب البشرة الصفراء وبينهم آخرون من ذوي البشرات المختلفة الألوان. نسمع عن الصين التي تشغل مساحة 10 ملايين كيلومتر مربع وتمتد شواطئها البحرية 11ألف كيلومتر. الصين العجيبة التي يتكون شعبها من عدد كبير من القوميات والتي لم يكن من سكانها من يملك حتي السبعينات سيارة فصارت شوارعها مليئة بالسيارات الحديثة المنتجة في مصانع الغرب والشرق، كما صارت مصانعها تغرق العالم بكل أنواع السيارات. زرنا الصين للمشاركة في الملتقي الإعلامي الدولي حول » الحزام الاقتصادي لطريق الحرير » الذي نظمته الصين مؤخرا. شارك في الملتقي كبار المسئولين في الوسائل الإعلامية من 17 دولة من الدول الواقعة في الحزام الاقتصادي لطريق الحرير من آسيا وأفريقيا وأوروبا. الملتقي أقيم في مقاطعة شينج يانج التي تشكل سدس مساحة الصين ويسكنها أغلبية مسلمة. هذه المقاطعة كانت منطقة رئيسية ضمن طريق الحرير القديم الذي كان ممرا يربط الشرق بالغرب. ناقش الملتقي خمسة محاور أساسية تتعلق بالتناغم بين الحزام الاقتصادي لطريق الحرير الجديد الذي أطلقت الصين مبادرة حول إنشائه من جديد للربط بين دول آسيا وأوروبا وأفريقيا وبين الاستراتيجية المستقبلية لمنطقة شينج يانج وبرامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة وتأثيره علي المبادرة والتعاون البناء نحو مستقبل أكثر ازدهارا للدول المرتبطة بطريق الحرير والسياسات الاجتماعية والأيديولوجية الصينية وتأثيرها علي المبادرة والانعكاسات الحضارية والثقافية لطريق الحرير. تضمنت محاور الملتقي : _ خطة شينج يانج الاقتصادية الاستراتيجية لبناء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير. _ دور التنمية الاقتصادية والاجتماعية في شينج يانج في المشاركة الفعالة. _ سياسات الصين بشأن العرقيات والأديان في إقليم شينج يانج المتمتع بالحكم الذاتي. _ سياسة التعاون القائمة علي الكسب لجميع الأطراف في مجال التجارة والاقتصاد بين الصين وجيرانها المجاورين لشينج يانج. _التنوع والتكامل العرقي والثقافي في شينج يانج. كما ركز الملتقي علي التحسن الكبير في شينج يانج في جميع المجالات (الصحة والتعليم والعمل والتأمين الاجتماعي والبيئة)حيث تهدف الصين لبناء شينج يانج متحدة مزدهرة لبناء حضارة متقدمة يستمتع فيها الناس ويشعرون بالرضا. أهمية شينج يانج تقع مقاطعة شينج يانج في أقصي الشمال الغربي من الصين وتعود أهميتها الاستراتيجية لكونها تجاور عدة دول مهمة في منطقة وسط آسيا وأوراسيا وتقوم الحكومة الصينية ببناء عدة مدن في مقاطعة شينج يانج تهدف إلي تعميرها بالسكان والمصانع والمزارع لتحقق أهدافا خاصة بأمنها القومي وفي الوقت نفسه تكون حلقة وصل مع الدول التي يربطها طريق الحرير لبناء حدود قوية وآمنة. وتتمتع المقاطعة بالحكم الذاتي وهي تغطي مساحة 1،66 مليون كيلومتر مربع ( حوالي سدس مساحة الصين ). وتعتبر أكبر المقاطعات الصينية من حيث المساحة. وتتجاور حدودها مع 8 دول من جهتي الشمال الشرقي والجنوب الغربي وهي منغوليا ، روسيا ، كازاخستان ، كيرقزغستان ، طاجيكستان ، باكستان ، والهند بطول يبلغ 5600 كيلو متر هي الأطول في الصين، وتعد أكبر المناطق الإدارية مساحة، وبها صحراء تاكلي مكان التي تغطي مساحة 24 ألف كيلومتر، وتعد أكبر صحراء في الصين. تقع مدينة شينج يانج بعيداً عن البحر، وتحيطها الجبال من معظم الاتجاهات، وتعد أقل المناطق سقوطا للأمطار في الصين بشكل عام، وصيفها حار جدا وقصير نسبيا بينما الشتاء فيها طويل وبارد، أما بالنسبة للربيع والخريف الطقس فيهما متقلب. كما تتنوع في شينج يانج الأديان فمنها البوذية والإسلام والمسيحية الكاثوليكية والأرثوزوكسية الشرقية والتاو ، يمارسون دياناتهم جنباً إلي جنب. وتمتلك منطقة شينج يانج موارد وافرة منها الموارد الطبيعية والموارد البشرية وتضم ثاني أعلي القمم في العالم " قمة كوجير " التي يتجاوز ارتفاعها 8600 متر عن سطح البحر . وفيها أكثر الأودية انخفاضا في الصين وهي » بحيرة أيدينجكول » التي تنخفض عن سطح الأرض 154 مترا. ثمار المبادرة وأكدت مناقشات الملتقي الإعلامي إن ثمار مبادرة الحزام الاقتصادي لطريق الحرير التي تم إطلاقها قبل عامين بدأت تظهر وبدأت الأفكار النظرية تتحول إلي واقع ملموس بعد أن طرحها الرئيس الصيني شي جين بينج ببناء طريق الحرير البحري للقرن ال21 في جنوب شرق آسيا حيث تتوافق المبادرة مع التطلعات المشتركة للتنمية والتعاون في مختلف الدول في آسيا وأوروبا. أشار المشاركون في الملتقي إلي أن من أبرز الخطوات التي تحققت علي طريق تنفيذ المبادرة زيادة عدد الدول والجهات المؤيدة للمبادرة عن المستهدف حيث أعربت أكثر من 70 دولة ومنظمة عن دعمها واستعدادها للانضمام بما يتجاوز المنطقة المستهدفة من خلال المبادرة. ووقعت 34 دولة ومنظمة دولية اتفاقيات تعاون حكومية مع الصين لبناء المبادرة .. ووفقاً لمناقشات الملتقي تم تسريع التعاون لتعزيز القدرة الصناعية ووقعت الصين اتفاقية مع أكثر من 20 دولة. وتم وضع الأساس للعديد من المشروعات الكبيرة في مختلف الدول فيما بلغت قيمة صندوق التعاون لرفع القدرات الإنتاجية الذي أطلقته الصين أكثر من 100 مليار دولار . فيما تم تحقيق تقدم كبير نحو بناء الممر الاقتصادي بعد أن توصلت الصين ومنغوليا وروسيا إلي توافق لبناء الممر الاقتصادي مع العمل بشكل سريع لوضع خطط وتوجيهات تأسيس شبكة قطارات الصين - أوروبا . وتم تسيير أكثر من 1500 قطار بنجاح بين الصين وأوروبا فيما ينتظر أن تطلق 10 مدن صينية خطوط قطارات مع 7 دول تقع علي طريق الحرير وتتم إقامة نظام للنقل المنتظم مما سيؤدي إلي تحسين التنمية الاقتصادية والتجارة بين الدول علي طول الطريق . وأوضح الخبراء الصينيون المشاركون في الملتقي إنه منذ بدء تنفيذ المبادرة حدث نمو قوي في التجارة والاستثمار علي المستوي الإقليمي بنسبة زيادة سنوية تعادل ضعف المتوسط العالمي وخلال العام الماضي قدمت الشركات الصينية استثمارات مباشرة لنحو 49 دولة متعلقة بالمبادرة بقيمة إجمالية تقدر بنحو 15 مليار دولار . كما تعمل الدول علي طول الخط لتحسين مناخ الاستثمار وتناقش اتفاقيات مشتركة للتجارة الحرة المتنوعة والتكامل .وأشارت المناقشات إلي أن الصين أطلقت منحة طريق الحرير الدراسية والعديد من المناسبات الثقافية ومهرجانات الفنون والسينما والكتاب مع دول المبادرة مما ساعد في تحقيق نتائج ايجابية كما نجح تطبيق طريق الحرير المشترك لقائمة التراث العالمي. وتم إطلاق تطبيق طريق الحرير البحري المشترك لقائمة التراث العالمي . وتسعي الصين لتعظيم الاستفادة من طريق الحرير في مضاعفة تجارتها مع الدول العربية من 240 مليار دولار العام الماضي إلي 600 مليار دولار خلال السنوات المقبلة كما تستهدف الصين رفع رصيدها الاستثماري في الدول العربية من 10 مليارات دولار إلي أكثر من 60 مليار دولار خلال السنوات العشر القادمة بالإضافة إلي الوصول بحجم تجارتها مع إفريقيا إلي 400 مليار دولار بحلول عام 2020. حزام واحد طريق واحد وقال وانج وولونج مدير المؤسسة الشعبية للحكومة الصينية لمنطقة شينج يانج الإيجورية، إن مبادرة الحزام والطريق التي تغطي أكثر من 70 دولة بإجمالي عدد سكان يصل إلي404 مليارات، ووقعت 34 دولة ومنظمة دولية اتفاقيات تعاون حكومية مع الصين تأييداً للمبادرة من المتوقع أن تتيح فرصاً لكل الدول الداعمة لها.