اشتهر صندوق النقد الدولي باسم »صندوق النكد الدولي» لما يفرضه من شروط واجراءات قاسية علي شعوب الدول النامية التي تلجأ إليه طالبة الحصول علي قروض.. اجراءات لا تراعي أية أبعاد إنسانية وليس لها إلا هدف واحد هو إصلاح الخلل في المنظومة الاقتصادية وخفض عجز الموازنة في أسرع وقت. لهذا لا أستطيع أن ٬أنكر خوفي من سياسة الاقتراض من صندوق النقد الدولي التي تتجه إليها الحكومة وسياسة الجباية التي تتبعها بفرض ضرائب جديدة مؤكدا ما سبق أن أشرت إليه من أنه لا إصلاح لاقتصاد أي بلد إلا بزيادة الانتاج والصادرات وخفض الواردات.. أي سياسات أخري هي تهرب من مواجهة المشكلة! الاقتراض لا تلجأ له إلا الحكومات الضعيفة العاجزة عن حل مشاكلها الاقتصادية .. حل سهل علي المدي القريب صعب علي المدي البعيد بما يفرضه علي الاجيال القادمة من أعباء من خلال تحميلهم مسئولية سداد القروض.. الجباية من خلال فرض ضرائب جديدة حل سهل آخر يحمل الاجيال الحالية مسئولية زيادة حصيلة الضرائب لخفض عجز الموازنة بعيدا عن زيادة الانتاج. ما يحيرني هو تمسك الرئيس السيسي بحكومة د. شريف اسماعيل رغم فشلها في إدارة الازمة الاقتصادية بدليل أن الرئيس اضطر أن يتدخل ويتابع الازمة بنفسه ويعقد عدة اجتماعات علي اعلي مستوي للبحث عن حلول عاجلة خاصة لأزمة الدولار ثم أعاد تشكيل المجلس التنسيقي للمساعدة في وضع أهداف السياسة النقدية وضم إلي عضويته د. فاروق العقدة محافظ البنك المركزي الأسبق. و د. محمد العريان الخبير الاقتصادي العالمي ود. عبلة عبداللطيف رئيس المجلس الاستشاري الاقتصادي لرئيس الجمهورية. هذه الخطوة ليس لها إلا معني واحد أن الرئيس يلجأ لخبرات مشهود لها بالكفاءة للمساعدة في حل الازمة الاقتصادية. منذ ايام قال الرئيس في لقائه بالمشاركين في البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة ان التحدي الذي يواجهنا حاليا يكمن في تعزيز الثقة بين الحكومة والرأي العام ما يؤكد ما أشرت إليه في مقال سابق عن زيادة الفجوة بين الشعب والحكومة حتي فقد الثقة بها مطالبا بأن ترحل الحكومة ولماذا يصر الرئيس علي إعادة ثقة الرأي العام بحكومة ثبت فشلها؟ الحكومة للاسف لا تشعر بآلام الناس رغم كل التصريحات التي تؤكد عكس ذلك وليس لديها أي »حس سياسي» بدليل أنها في الوقت الذي تتجه فيه لفرض ضريبة القيمة المضافة وبدأت فعلا في تطبيق قانون الضريبة العقارية المعطل تنفيذه منذ سنوات وهو ما سيحمل المواطنين أعباء جديدة فوق طاقتهم فإنها تتقدم في نفس الوقت لمجلس النواب بتعديل تشريعي لزيادة مرتب رئيس الوزراء إلي 42 ألف جنيه والوزير 35 ألف جنيه!! المنطق يقول انه عندما تطلب الحكومة من الناس ان يربطوا الاحزمة علي بطونهم وان يصبروا علي تحمل اعباء جديدة يجب أن يكون رئيسها واعضاؤها في مقدمة من يتحمل هذه الاعباء وأن يلمس الناس تراجعا ملحوظا في النفقات الحكومية خاصة تجديد المباني والمكاتب وشراء السيارات أما أن يتحمل الفقراء ومحدودو الدخل وحدهم الجانب الاكبر من فاتورة الاصلاح الاقتصادي فهذا ما لا يرضاه دين ولا ضمير. وأعود إلي حديث الرئيس للشباب لا توقف عند قوله »اللي مخزنين الدولار سيتوافدون قريبا علي البنوك لاستبداله بالجنيه» .. عبارة قالها الرئيس دون أن يوضح كيف سيحدث ذلك ؟.. والذي أعرفه أنه لكي يتحقق قول الرئيس لابد أن يكون الجنيه أقوي من الدولار حتي يتسابق الناس لاستبدال الدولار بالجنيه.. فهل لدي الرئيس أو الحكومة خطة لجعل الجنيه أقوي فعلا من الدولار؟ البعض يقول أن الرئيس لا يمكن أن يطلق هذه العبارة التي تحمل في مضمونها رسالة قوية لتجار العملة إلا إذا كانت هناك مفاجأة في الطريق.. هل نري الدولار قريبا ب 97،5 قرش كما كان الجنيه الذهب قبل ثورة يوليو؟ هذه العبارة التي رددها الرئيس وأعقبتها حملات علي شركات الصرافة التي تتاجر في العملة الاجنبية لم تؤد للاسف إلي هبوط سعر الدولار في السوق السوداء.. أدت فقط إلي اختفائه تماما في شركات الصرافة.. كل الشركات لا تشتري إلا بالسعر الرسمي خوفا من الاغلاق وترفض البيع نهائيا .. البيع كله يتم في الغرف المغلقة خارج الشركات والسعر مازال يدور حول 12 جنيها ولم ينخفض إلي 9.60جنيه كما تردد في وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي. قرأت اقتراحا جيدا للدكتور محمود أبو العيون محافظ البنك المركزي الأسبق لحل مشكلة نقص الدولار مفاده ضرورة ربط استمرار ترخيص أي شركة صرافة بما تبيعه للبنوك من نقد أجنبي.. في المقابل تلتزم البنوك بإمداد شركات الصرافة بالنقد الاجنبي لاغراض البيع للمواطنين عند الحاجة.. الاقتراح تضمنه مقالة »افكار اقتصادية خارج الصندوق» المنشور أمس الاول بجريدة المصري اليوم وهو لا شك اقتراح جدير بالدراسة من خبير مخضرم كالدكتور محمود أبو العيون.. فهل نفكر معه خارج الصندوق؟