وسط المعاناة التي يعيشها المواطن المصري من ارتفاع الأسعار وتدني مستوى الخدمة، تأتي تصريحات الحكومة بالتوجه لخفض الدعم في مجال الطاقة؛ مما ينعكس على كل المجالات المتعلقة بالطاقة، وذلك تماشيًا مع توصيات البنك الدولي، حيث أوصى صندوق النقد الدولي البنك المركزي المصري باتباع سياسة أكثر مرونة تجاه سعر صرف الجنيه. وقال الصندوق، في بيان أصدره في ختام زيارة بعثته الفنية لمصر التي استمرت لمدة خمسة أيام لمتابعة وتقييم تطور أداء الاقتصاد المحلي، "نحن نعتبر أن التحول التدريجي لسياسة سعر صرف أكثر مرونة من شأنه أن يخدم مصالح مصر". وأضاف أن "هذا التحرك سوف يحسن من توافر النقد الأجنبي، ويعزز القدرة التنافسية، ويدعم الصادرات والسياحة، ويجذب الاستثمار الأجنبي المباشر". وأشاد الصندوق بالإجراءات التي اتبعها البنك المركزي لمواجهة السوق الموازية للعملة الصعبة، وتحركه لتخفيض سعر الجنيه أمام الدولار، وتوسيع هامش تداوله في البنوك والصرافات. وقال إن "البنك المركزي يبذل مجهودًا لتحجيم نشاط السوق الموازية"، معتبرًا أن هذا الأمر إلى جانب مواصلة الإصلاحات الهيكلية من شأنه تعزيز النمو وخلق وظائف. وسمح البنك المركزي في يناير الماضي بهبوط سعر الجنيه أمام الدولار إلى مستوى 7.53، بعد أن ثبته لما يزيد على ستة أشهر عند مستوى 7.14 جنيهًا، وذلك لتقليص نشاط تداول الدولار في السوق السوداء. وفي فبراير 2015 فرض البنك المركزي إجراءات أخرى للتضييق أكثر على السوق الموازية، كان من أبرزها وضع سقف للإيداع الدولاري للأفراد والشركات بحد أقصى 10 آلاف دولار يوميًّا وباجمالي إيداعات شهرية 50 ألف دولار للأفراد والشركات. وسمح بعد ذلك بتوسيع هامش بيع وشراء الدولار بالبنوك في نطاق أعلى أو أقل من السعر الرسمي، بما يصل إلى 10 قروش، مع إضافة 5 قروش فوق ذلك بالنسبة لمكاتب الصرافة. كما أعلنت الدكتورة سحر نصر، وزيرة التعاون الدولي، عن اتجاه الحكومة لاستكمال سياسات رفع الدعم والعمل على خفض دعم الطاقة وتطوير منظومة الضرائب، بجانب العمل على خفض العجز في الموازنة. وفي نفس السياق قالت الدكتور بسنت فهمي، الخبير الاقتصادي، إن الانصياع وراء مطالب البنك الدولي بلا رؤية سيؤدي بنا إلى المزيد من التخبط والمشاكل الاقتصادية التي ستزيد من ارتفاع الأسعار، وتحمل المواطن المزيد من الأعباء التي تفوق طاقته. وأكدت أن منظومة الاقتصاد المصرية بها العديد من الكوارث والأزمات، والمسئولين يتعاملون معها عبر مسكنات بلا حلول جذرية، مطالبة الحكومة بضرورة اتخاذ قرارات مدروسة والعمل على إعادة هيكلة الاقتصاد ومكافحة الفساد الموجود بمؤسسات الدولة، وإقامة مشروعات مفيدة للمواطن، بعيدًا عن الأفكار التقليدية والاقتراض من الخارج.